فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أيام الجاهلية


[ قــ :3663 ... غــ : 3841 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن عُمير عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ.
وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ».
[الحديث 3841 - طرفاه في: 6147، 6489] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن عبد الملك بن عمير) بضم العين وفتح الميم مصغرًا الكوفي ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أصدق كلمة قالها الشاعر) من إطلاق الكلمة على الكلام وهو مجاز محتمل عند النحويين مستعمل عند المتكلمين وهو من باب تسمية الشيء باسم جزئه على سبيل التوسع، ولمسلم من طريق شعبة وزائدة عن عبد الملك: أن أصدق بيت، وله من رواية شريك عن عبد الملك أشعر كلمة تكلمت بها العرب ( كلمة لبيد) بفتح اللام وكسر الموحدة ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن الجحفري العامري من فحول الشعراء مخضرم وفد على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنة وفد قومه بنو جعفر فأسلم وحسن إسلامه ( ألا) بالتخفيف استفتاحية ( كل شيء) مبتدأ مضاف للنكرة وهو يفيد استغراق أفرادها نحو كل نفس ذائقة الموت ( ما خلا الله) نصب بخلا وخبر المبتدأ قوله ( باطل) كذا بالتنوين أي كل شيء خلا الله وخلا صفاته الذاتية من رحمة وعذاب وغير ذلك، أو المراد كل شيء سوى الله جائز عليه الفناء لذاته والنصف الأخير لهذا البيت:
وكل نعيم لا محالة زائل
وهو من قصيدة من البحر الطويل وجملتها عشرة أبيات وأنشدت له عائشة -رضي الله عنها- قوله:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
فقالت: يرحم الله لبيدًا كيف لو أدرك زماننا هذا؟ وقال له عمر بن الخطاب: أنشدني شيئًا من شعرك فقال: ما كنت لأقول شعرًا بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران، وتوفي في إمارة الوليد بن عتبة عليها في خلافة عثمان -رضي الله عنه- عن مائة وأربعين سنة، وقيل وسبع وخمسين سنة وهو القائل:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد
( وكاد أمية بن أبي الصلت) بضم الهمزة وفتح الميم وتشديد التحتية والصلت بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية الثقفي أي قارب ( أن يسلم) بضم التحتية وسكون السين المهملة وكسر اللام أي في شعره، ففي حديث مسلم من طريق عمرو بن الشريد عن أبيه قال: ردفت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: هل معك من شعر أمية؟ قلت: نعم فأنشدته مائة بيت.
فقال: لقد كاد يسلم في شعره، وكان أمية يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث، وأدرك الإسلام ولم يسلم.
وقيل إنه داخل في النصرانية وأكثر في شعره من ذكر التوحيد، وسقط لأبي ذر أن من قوله أن يسلم وحينئذٍ يسلم رفع.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الأدب والرقاق، ومسلم في الشعر، والترمذي في الاستئذان، وابن ماجه في الأدب.




[ قــ :3664 ... غــ : 384 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بن بلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ لأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَىْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْغُلاَمُ: أتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلاَّ أَنِّي خَدَعْتُهُ فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ.
فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَىْءٍ فِي بَطْنِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبى ذر: حدّثنا ( أخي) عبد الحميد المدني ( عن سليمان بن بلال) أبي أيوب القرشي المدني وثبت ابن بلال لأبي ذر ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري قاضي المدينة ( عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: كان لأبي بكر) الصديق -رضي الله عنه- ( غلام) لم يسم ( يخرج) بضم التحتية وسكون المعجمة وكسر الراء ( له الخراج) أي يعطيه كل
يوم ما عينه وضربه عليه من كسبه ( وكان أبو بكر يأكل من خراجه) إذ سأله عنه وعرف حله ( فجاء يومًا بشيء) من كسبه ( فأكل منه أبو بكر) -رضي الله عنه- ولم يسأله ( فقال له الغلام: تدري) ولأبي ذر عن الكشميهني أتدري ( ما هذا؟) الذي جئتك به وأكلت منه ( فقال أبو بكر) -رضي الله عنه-: ( وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية) لم يسم ( و) الحال أني ( ما أحسن الكهانة) بكسر الكاف وهي الإخبار بالغيب من غير طريق شرعي وكان كثيرًا في الجاهلية لا سيما قبل البعثة، وكان منهم من يزعم أن له رئيًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي أنه يستدرك ذلك بفهم أعطيه ( إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك) أي بمقابلة الذي تكهنت له ( فهذا) ولأبي ذر عن الكشميهني فهو ( الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر) -رضي الله عنه- ( يده) في فيه ( فقاء) استفرغ ( كل شيء في بطنه) للنهي عن حلوان الكاهن ولأن ما يحصل بطريق الخديعة حرام.




[ قــ :3665 ... غــ : 3843 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الْجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، قَالَ: وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِي نُتِجَتْ.
فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني الفقيه الثبت ( قال: أخبرني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور) بفتح الجيم البعير ذكرًا كان أو أنثى ( إلى حبل الحبلة) بفتح الحاء المهملة والموحدة فيهما ( قال) ابن عمر ( وحبل الحبلة) هو ( أن تنتج الناقة) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة آخره جيم مبنيًّا للمفعول أي تضع ( ما في بطنها ثم تحمل) الناقة ( التي نتجت) بضم النون وكسر الفوقي ( فنهاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك) لجهل الأجل.

ومباحثه سبقت في باب بيع الغرر وحبل الحبلة من البيع.




[ قــ :3666 ... غــ : 3844 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ قَالَ: حدَّثنا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ "كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَيُحَدِّثُنَا عَنِ الأَنْصَارِ، وَكَانَ يَقُولُ لِي: فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا".

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا مهدي) بفتح الميم وسكون الهاء وكسر المهملة وتشديد التحتية ابن ميمون الأزدي البصري ( قال: حدّثنا غيلان بن جرير) بفتح المعجمة وسكون التحتية وجرير بفتح الجيم البصري ( كنا نأتي أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( فيحدّثنا عن الأنصار وكان) ولأبي ذر فكان بالفاء بدل الواو ( يقول لي: فعل قومك) في الجاهلية ( كذا وكذا يوم كذا وكذا وفعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا) وليس غيلان من الأنصار وإنما قال له أنس: فعل قومك نظرًا إلى النسبة الأعمية وهي الأزد.

وهذا الحديث قد سبق في مناقب الأنصار.