فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: يهوي بالتكبير حين يسجد

باب يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ
وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( يهوي) بفتح أوله وضمه وكسر ثالثه أي ينحط أو يهبط المصلي.
( بالتكبير حين يسجد) .

( وقال نافع) مولى ابن عمر، مما وصله ابن خزيمة والطحاوي وغيرهما، من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: ( كان ابن عمر) بن الخطاب إذا سجد ( يضع يديه) أي كفيه ( قبل) أن يضع ( ركبتيه) هذا مذهب مالك، قال: لأنه أحسن في خشوع الصلاة ووقارها، واستدلّ به بحديث أبي هريرة المروي في السنن بلفظ: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه، وعورض بحديث عن أبي هريرة أيضًا، أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف.

ومذهب الثلاثة وفاقًا للجمهور: يضع ركبتيه قبل يديه، لأن الركبتين أقرب للأرض.
واستدل له بحديث وائل بن حجر المروي في السُّنن، وقال الترمذي: حديث حسن، ولفظه قال: رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه.

قال الخطابي وهو أثبت من حديث تقديم اليدين، وأرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل، ورأي العين.


وقال الدارقطني: قال ابن أبي داود: وضع الركبتين قبل اليدين تفرد به شريك القاضي عن عاصم بن كليب، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به.

وقال البيهقي: هذا الحديث يعدّ في إفراد شريك هكذا ذكره البخاري وغيره من حفّاظ المتقدمين، وفي المعرفة، قال همام: وحدّثنا شقيق، يعني أبا الليث، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرسلاً، وهو المحفوظ.

وعن أبي هريرة، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه
قبل ركبتيه.
رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد، ولم يضعفه أبو داود.

وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين قبل اليدين، رواه ابن خزيمة في صحيحه، وادعى أنه ناسخ لتقديم اليدين، قال في المجموع: ولذا اعتمده أصحابنا، ولكن لا حجة فيه لأنه ضعيف ظاهر الضعف، بين البيهقي وغيره ضعفه، وهو من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو ضعيف باتفاق الحفاظ، ولذا قال النووي: لا يظهر ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السُّنّة.

لكن قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: من أحاديث الأحكام، حديث أبي هريرة: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه، أقوى من حديث وائل: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا سجد، وضع ركبتيه قبل يديه.
لأن لحديث أبي هريرة شاهدًا من حديث ابن عمر، صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقًا موقوفًا اهـ.

ومراده بذلك قوله هنا، وقال نافع إلخ، فإن قلت: ما وجه مطابقة هذا الأثر للترجمة؟ أجيب: من جهة اشتمالها عليه لأنها في الهوي بالتكبير إلى السجود، فالهوي فعل، والتكبير قول.
فكما أن أبي هريرة الآتي، إن شاء الله تعالى في هذا الباب يدل على القول، كذلك أثر ابن عمر هذا يدل على الفعل، والحاصل أن للهوي إلى السجود صفتين: صفة قولية، وأخرى فعلية.
فأثر ابن عمر أشار إلى الصفة الفعلية، وحديث أبي هريرة إليهما معًا.


[ قــ :782 ... غــ : 803 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الاِثْنَتَيْنِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلاَةِ، ثُمَّ

يَقُولُ حِينَ يَنْصَرِفُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلاَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا".

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: حدّثنا) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر أخبرنا ( شعيب) أي ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة) رضي الله عنه: ( كان يكبر) أي حين استخلفه مروان على المدينة، كما عند النسائي ( في كل صلاة من المكتوبة وغيرها من رمضان وغيره) وسقط وغيره في بعضها ( فيكبر حين يقول) للإحرام ( ثم يكبر حين يركع) أي: حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويحده حتى يصل إلى حد الراكعين، ثم يشرع في تسبيح الركوع، ( ثم يقول: سمع الله لمن حمده) في الرفع، من الركوع، ويمدّه حتى ينتصب قائمًا ( ثم يقول: ربنا ولك الحمد) بالواو في الاعتدال ( قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر، حين يهوي ساجدًا) بفتح المثناة التحتية وسكون الهاء وكسر الواو، ولأبي ذر يهوي بضمها، أي يبتدئ به من حين الشروع في الهوي بعد الاعتدال، حتى يضع جبهته على الأرض، ثم يشرع في تسبيح السجود ( ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود) حتى يجلس، ثم يشرع في دعاء الجلوس ( ثم يكبر حين يسجد) الثانية ( ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في) الركعتين ( الاثنتين) يشرع فيه من حين ابتداء القيام إلى الثالثة بعد التشهد الأول، ( ويفعل ذلك) المذكور من التكبير وغيره ( في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، ثم يقول حين ينصرف) منها: ( والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهًا بصلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إن كانت) بكسر همزة إن المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، واسم ْكان قوله ( هذه) أي الصلاة التي صليتها ( لصلاته) عليه الصلاة والسلام، خبر كان واللام للتأكيد، ( حتى فارق الدنيا) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.




[ قــ :783 ... غــ : 804 ]
- قَالاَ:.

     وَقَالَ  أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ- يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ.
وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ".

( قالا) أي: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو سلمة بن عبد الرحمن المذكوران بالإسناد السابق إليهما: ( وقال: أبو هريرة رضي الله عنه: وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين يرفع رأسه) من الركوع ( يقول) ( سمع الله لمن حمده) وفي الاعتدال: ( ربنا ولك الحمد) بالواو فيجمع بينهما ( يدعو) خبر آخر لكان، أو عطف بدون حرف العطف اختصارًا، وهو جائز معروف في اللغة، وقال العيني: الأوجه أن

يكون حالاً من ضمير يقول أي يقول حال كونه يدعو ( لرجال) من المسلمين، واللام تتعلق بيدعو ( فيسميهم بأسمائهم) .

استدلّ به وبما يأتي علي أن تسمية الرجال بأسمائهم فيما يدعى لهم وعليهم لا تفسد الصلاة.
( فيقول) عليه الصلاة والسلام:
( اللهم أنج الوليد بن الوليد) بن المغيرة المخزومي، أخا خالد بن الوليد، وهمزة أنج قطع مفتوحة مجزوم بالطلب، وكسر لالتقاء الساكنين ( و) أنج ( سلمة بن هشام) بفتح اللام، أخا أبي جهل بن هشام ( و) أنج ( عياش بن أبي ربيعة) أخا أبي جهل لأمه، وعياش بفتح العين وتشديد المثناة التحتية، وكل هؤلاء الذين دعا لهم عليه الصلاة والسلام نجوا من أسر الكفار ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام ( و) أنج ( المستضعفين من المؤمنين) من باب عطف العام على الخاص.
ثم يقول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( اللهم اشدد) بهمزة وصل، وقول العيني: بضم الهمزة محمول على الابتداء بها ( وطأتك) بفتح الواو وسكون الطاء وفتح الهمزة، من الوطء.
وهو شدة الاعتماد على الرجل، والمراد اشدد بأسك أو عقوبتك ( على) كفار قريش أولاد ( مضر) فالمراد القبيلة، ومضر بميم مضمومة وضاد معجمة غير منصرف، وهو ابن نزار بن معد بن عدنان ( واجعلها) قال الزركشي: الضمير للوطأة أو للأيام وإن لم يسبق له ذكر لما دل عليه المفعول الثاني الذي هو سنين.

قال في المصابيح: ولا مانع من أن يجعل عائدًا على السنين لا إلى الأيام التي دلّت عليها سنين، وقد نصوا على جواز عود الضمير على المتأخر لفظًا ورتبةً إذا كان مخبرًا عنه بخبر يفسره، مثل { إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن} من هذا القبيل.
انتهى.

أي واجعل السنين ( عليهم سنين) جمع سنة، والمراد بها هنا زمن القحط ( كسني يوسف) الصديق عليه السلام السبع الشداد في القحط، وامتداد زمان المحنة والبلاء، وبلوغ غاية الجهد والضراء، وأسقط نون سنين للإضافة جريًا على اللغة الغالبة فيه.
وهي إجراؤه مجرى جمع المذكر السالم، لكنه شاذ لكونه غير عاقل، ولتغيير مفرده بكسر أوّله.
ولهذا أعربه بعضهم بحركات على النون، كالمفرد كقوله:
دعاني من نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شيبًا وشيَّبننا مُردا
وليس قوله: سنين عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر كما في الفرع وأصله.

( وأهل المشرق يومئذٍ من مضر مخالفون له) عليه الصلاة والسلام.

ورواة هذا الحديث ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه أبو داود والنسائي في الصلاة.





[ قــ :784 ... غــ : 805 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ فَرَسٍ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ فَرَسٍ- فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا وَقَعَدْنَا.
.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ مَرَّةً: صَلَّيْنَا قُعُودًا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا.
قَالَ سُفْيَانُ: كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ لَقَدْ حَفِظَ.
كَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَكَ الْحَمْدُ، حَفِظْتُ مِنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ.
فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الزُّهْرِيِّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَنَا عِنْدَهُ: فَجُحِشَ سَاقُهُ الأَيْمَنُ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني البصري ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( غير مرة) تأكيد لروايته ( عن) ابن شهاب ( الزهري، قال: سمعت أنس بن مالك) رضي الله عنه ( يقول: سقط رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن فرس وربما قال سفيان) بن عيينة: ( من) بدل عن، وللأصيلي: وربما قال من ( فرس) فأسقط لفظ سفيان، ( فجحش) بضم الجيم وكسر الحاء آخره شين معجمة، أي خدش ( شقه الأيمن، فدخلنا عليه) حال كوننا ( نعوده، فحضرت الصلاة، فصلّى بنا) عليه الصلاة والسلام حال كونه ( قاعدًا، وقعدنا) بالواو، وللأصيلي: فقعدنا.

( وقال سفيان) بن عيينة ( مرة: صلينا قعودًا) مصدر أو جمع قاعدًا ( فلما قضى) عليه الصلاة والسلام ( الصلاة) أي فرغ منها، ( قال) عليه الصلاة والسلام:
( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) بالواو، أي بعد قوله: سمع الله لمن حمده ( وإذا سجد فاسجدوا) .

( كذا) ولغير أبي ذر والأصيلي: قال سفيان، أي لعلي المديني مستفهمًا له بهمزة مقدرة قبل قوله: كذا ( جاء به معمر) بفتح الميمين، ابن راشد البصري، قال عليّ: ( قلت: نعم) جاء به معمر.

كذا قال الحافظ ابن حجر، كأن مستند عليّ في ذلك رواية عبد الرزاق عن معمر، فإنه من مشايخه بخلاف معمر فإنه لم يدركه، وإنما يروي عنه بواسطة وكلام الكرماني يوهم خلاف ذلك.
انتهى.

قلت: بل صرّح به البرماوي حيث قال: فابن المديني كما يرويه عن سفيان، عن الزهري، يرويه عن معمر عن الزهري.

وما قاله الحافظ يردّه.


( قال) سفيان: والله ( لقد حفظ) معمر عن الزهري حفظًا صحيحًا متقنًا.
( كذا قال الزهري) أي: كما قال معمر: ( ولك الحمد) بالواو وفيه إشارة إلى أن بعض أصحاب الزهري لم يذكر الواو.

وأراد سفيان بهذا الاستفهام تقرير روايته برواية معمر له، وفيه تحسين حفظه.

قال سفيان بن عيينة ( حفظت) ولابن عساكر: وحفظت أي: من الزهري أنه قال: فجحش ( من شقه الأيمن، فلما خرجنا من عند) ابن شهاب ( الزهري، قال ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أنا عنده) أي عند الزهري: فقال: ( فجحش ساقه الأيمن) بلفظ: الساق بدل الشق، فهو عطف على مقدّر، أو جملة حالية من فاعل قال مقدّرًا.
أي: قال الزهري وأنا عنده: ويحتمل أن يكون هذا مقول سفيان لا مقول ابن جريج والضمير حينئذٍ راجع للزهري.
قاله البرماوي كالكرماني.

قال في فتح الباري: وهذا أقرب إلى الصواب، ومقول ابن جريج هو: فجحش إلخ ...
ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومكي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وسبق في
باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، والله أعلم.