فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته

باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهْوَ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلاَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسُنَّتَهُ
( باب من صلّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم) بضم الياء وفتح العين وتشديد اللام مكسورة ( صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسنته) بالنصب عطفًا على صلاة.


[ قــ :656 ... غــ : 677 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ: "جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا فَقَالَ: إِنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي.
فَقُلْتُ لأَبِي قِلاَبَةَ: كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ قَالَ: مِثْلَ شَيْخِنَا هَذَا، قَالَ: وَكَانَ شَيْخًا يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى".
[الحديث 677 - أطرافه في: 802، 818، 824] .

وبالسند قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي ( قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو تصغير وهب، ابن خالد صاحب الكرابيسي ( قال: حدّثنا أيوب) بن أبي تميمة السختياني ( عن أبي قلابة) بكسر القاف، عبد الله بن زيد الجرمي ( قال: جاءنا مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة، الليثي ( في مسجدنا هذا) مسجد البصرة ( فقال:) وللأصيلي قال: ( اني لأصلي بكم) بالموحدة، وللأصيلي: لأصلي لكم: باللام أي لأجلكم، ولام للتأكيد وهي مفتوحة، ( وما أريد الصلاة) لأنه ليس وقت فرضها، أو كان قد صلاها، لكني أريد تعليمكم صفتها المشروعة بالفعل كما فعل جبريل عليه الصلاة والسلام، إذ هو أوضح من القول مع نيّة التقرب بها إلى الله، أو ما أريد الصلاة فقط، بل أريدها وأريد معها قرابة

أخرى، وهي تعليمها.
فنية التعليم تبعًا، فيجتمع نيتان صالحتان في عمل واحد، كالغسل بنية الجنابة والجمعة، ( أصلي) هذه الصلاة ( كيف) أي على الكيفية التي ( رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي) وكيف، نصب بفعل مقدّر، أي، لأريكم كيف رأيت.
لكن كيفية الرؤية لا يمكن أن يريهم إياها، فالمراد لازمها وهو كيفية صلاته عليه الصلاة والسلام كما نبّه عليه الكرماني وأتباعه.

قال أيوب السختياني: ( فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلّى؟ قال:) كان يصلّي ( مثل) صلاة ( شيخنا هذا) هو عمرو بن سلمة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب: اللبث بين السجدتين ( قال) أيوب ( وكان) أي عمرو ( شيخًا) بالتنكير، وللأربعة: وكان الشيخ ( يجلس) جلسة خفيفة للاستراحة ( إذا رفع رأسه من السجود) الثاني ( قبل أن ينهض في الركعة الأولى) وهو سُنّة عندنا خلافًا لأبي حنيفة ومالك وأحمد، وحملوا جلوسه عليه الصلاة والسلام على سبب ضعف كان به، أو بعدما كبر وأسنّ.

وتعقب بأن حمله على حالة الضعف بعيد، والأصل غيره، وبأن سنّه عليه الصلاة والسلام لا يقتضي عجزه عن النهوض، لا سيما وهو موصوف بمزيد القوة التامة، فثبتت المشروعية.
والسُّنّة في هذه المجلسة الافتراش للاتباع، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

والجار والمجرور يتعلق بقوله: من السجود أي السجود الذي في الركعة الأولى، لا ينهض، لأن النهوض يكون منها لا فيها.

ورواة هذا الحديث الخمسة بصريون، وفيه تابعي عن تابعي عن صحابي والتحديث، والعنعنة، والقول، وأخرجه أيضًا في الصلاة، وكذا أبو داود والنسائي.