فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التعوذ من الفتن

باب التَّعَوُّذِ مِنَ الْفِتَنِ
( باب التعوّذ من الفتن) .


[ قــ :6713 ... غــ : 7089 ]
- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: سَأَلُوا النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَصَعِدَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُ لَكُمْ» فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ رَأْسُهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ».
ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا رَأَيْتُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ» قَالَ قَتَادَةُ: يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا، عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] .

وبه قال: ( حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء والمعجمة أبو زيد البصري قال: ( حدّثنا هشام) الدستوائي ( عن قتادة) بن دعامة ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: سألوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى أحفوه بالمسألة) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الفاء وسكون الواو أي ألحّوا عليه في السؤال وبالغوا ( فصعد) بكسر العين ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم المنبر) ولأبي ذر على المنبر ( فقال) :
( لا تسألوني) أي اليوم ما في الرواية الأخرى في كتاب الدعاء ( عن شيء) من الغيب ( إلاّ بيّنتـ) ـه ( لكم) قال أنس ( فجعلت أنظر) إلى الصحابة ( يمينًا وشمالاً فإذا كل رجل) حاضر منهم ( رأسه) ولأبي ذر عن الكشميهني: لافّ رأسه بألف بعد اللام وتشديد الفاء ونصب رأسه ( في ثوبه
يبكي فأنشأ رجل)
بدأ الكلام ( كان إذا لاحى) بفتح الحاء المهملة جادل وخاصم أحدًا ( يدعى) بضم التحتية وسكون الدال وفتح العين المهملتين ينسب ( إلى غير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال) عليه الصلاة والسلام: ( أبوك حذافة) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة وبعد الألف فاء فهاء تأنيث أي ابن قيس واسم الرجل قيل قيس بن حذافة، وقيل خارجة، وقيل عبد الله.
قال في الفتح: وهو المعروف.
قلت: وصرح به البخاري في باب ما يكره من كثرة السؤال من كتاب الاعتصام ( ثم أنشأ عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- لما رأى ما بوجه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الغضب ( فقال) شفقة على المسلمين ( رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( رسولاً) أي رضينا بما عندنا من كتاب الله وسُنّة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واكتفينا به عن السؤال ( نعوذ بالله من سوء الفتن) بضم السين المهملة بعدها واو ساكنة فهمزة، ولأبي ذر عن الكشميهني من شر الفتن ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما رأيت في الخير والشر كاليوم) يومًا مثل هذا اليوم ( قط إنه) بكسر الهمزة ( صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما) رؤيا عين ( دون الحائط) أي بيني وبين الحائط وهو حائط محرابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسقط قوله لي في رواية غير الكشميهني.

( قال قتادة) بن دعامة بالسند السابق ( يذكر) بضم أوله وفتح الكاف ( هذا الحديث) رفع ولأبي ذر عن الكشميهني فكان قتادة يذكر هذا الحديث بفتح الياء من يذكر وضم الكاف والحديث نصب على المفعولية ( عند هذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدَ لكم تسؤكم} [المائدة: 101] ) الآية أي: لا تسألوا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أشياء إن تظهر لكم تغمكم وإن تسألوا عنها في زمن الوحي تظهر لكم وهما كمقدمتين ينتجان ما يمنع السؤال وهو أنه مما يغمهم والعاقل لا يفعل ما يغمه.




[ قــ :6713 ... غــ : 7090 ]
- وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِىُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

     وَقَالَ : كُلُّ رَجُلٍ لاَفًّا رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى.

     وَقَالَ  عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ أَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ.

( وقال عباس) بالموحدة والمهملة ابن الوليد بن نصر الباهلي ( النرسيّ) بالنون المفتوحة والراء الساكنة والسين المهملة المكسورة مما وصله أبو نعيم في مستخرجه ( حدّثنا يزيد بن زريع) قال: ( حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة قال: ( حدّثنا قتادة) بن دعامة ( أن أنسًا) -رضي الله عنه- ( حدّثهم أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) الحديث السابق ( وقال) أنس ( كل رجل) كان هناك حال كوف ( لافًّا) بالفاء ( رأسه في ثوبه يبكي) خوفًا من عقوبة الله لكثرة سؤالهم له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتعنتهم عليه ففيه زيادة قوله لافًّا رأسه فدلّ على أن زيادتها في الأوّل وهم من الكشميهني قاله في الفتح.
( وقال) كل رجل منهم ( عائذًا بالله) أي حال كونه مستعيذًا بالله ( من سوء الفتن) .
بالسين المهملة والواو ثم الهمزة ولابن عساكر من شر الفتن بالشين المعجمة والراء ( أو قال: أعوذ بالله من سوء الفتن) بضم السين
وسكون الواو ولأبي ذر من سوأى الفتن بفتح المهملة وبعد الواو الساكنة همزة مفتوحة ممدودة قال في فتح الباري: بيّن أنه في رواية سعيد بالشك في سوء وسوأى قال المؤلّف:



[ قــ :6713 ... غــ : 7091 ]
- وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَمُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.

     وَقَالَ : عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ.

( وقال لي خليفة) بن خياط في المذاكرة ( حدّثنا يزيد بن زريع) قال: ( حدّثنا سعيد) هو ابن أبي عروبة ( ومعتمر عن أبيه) سليمان بن طرخان ( عن قتادة) بن دعامة ( أن أنسًا حدّثهم عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا) الحديث.
( وقال: عائذًا بالله من شر الفتن) بالشين المعجمة والراء المشددة واستعاذته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الفتن تعليم لأمته وفيه منقبة لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.