فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب

باب مَنِ اطَّلَعَ فِى بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلاَ دِيَةَ لَهُ
( باب) بالتنوين ( من اطلع في بيت قوم) بغير إذنهم ( ففقؤوا عينه) أي شقوها ( فلا دية له) .


[ قــ :6536 ... غــ : 6900 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِى بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع، ولأبوي الوقت وذر والأصيلي وابن عساكر: أبو النعمان أبي محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد عن عبيد الله) بضم العين ( ابن أبي بكر بن أنس عن) جده ( أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً) قال في فتح الباري: وهذا الرجل لم أعرف اسمه صريحًا، لكن نقل ابن بشكوال عن أبي الحسن بن الغيث أنه الحكم بن أبي العاص بن أمية والد مروان وإن لم يذكر لذلك مستندًا، وذكر الفاكهي في كتاب مكة من طريق أبي سفيان عن الزهري وعطاء الخراساني أن أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص ويقول: اطلع عليّ وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي وهذا ليس صريحًا في المقصود هنا.
وفي سنن أبي داود من طريق هذيل بن شرحبيل قال: جاء سعد فوقف على باب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقام يستأذن على الباب ولم ينسب هذا في رواية أبي داود، وفي الطبراني أنه سعد بن عبادة ( اطّلع) بتشديد الطاء نظر ( من جحر) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة ( في حجر النبي) بضم الحاء المهملة ثم الجيم المفتوحة وسقط لغير أبي ذر من حجر وثبت لأبي ذر عن الكشميهني في بعض حجر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بعض منازله ( فقام إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بمشقص) بكسر الميم وسكون الشين المعجمة بعدها قاف مفتوحة فصاد مهملة نصل عريض ( أو بمشاقص) جمع مشقص والشك من الراوي ولأبي ذر أو مشاقص بحذف الموحدة ( وجعل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يختله) بفتح التحتية وكسر الفوقية بينهما خاء معجمة ساكنة بعد اللام هاء يستغفله ويأتيه من حيث لا يراه ( ليطعنه) بضم العين المهملة في الفرع كأصله، ولم يصرح في هذا الحديث بأن لا دية له فلا مطابقة.
نعم في بعض طرقه التصريح بذلك فحصلت المطابقة كما هي عادة المؤلّف في كثير من ذلك.




[ قــ :6537 ... غــ : 6901 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِى جُحْرٍ فِى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنْ تَنْتَظِرَنِى لَطَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنَيْكَ» قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي قال: ( حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( أن سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين فيهما ( الساعدي) -رضي الله عنه- ( أخبره أن رجلاً اطلع في جحر) بجيم مضمومة فحاء مهملة ساكنة ( في) ولأبي ذر عن الكشميهني من حجر من ( باب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مدرى) بكسر الميم وسكون الدال المهملة بعدها راء منوّنة حديدة يسوى بها شعر الرأس المتلبد كالخلال لها رأس محدّد وقيل هو شبيه بالمشط له أسنان من حديد وقال في الأولى مشقص وفسر بالنصل العريض فيحتمل التعدد أو أن رأس المدى كان محدّدًا فالشبه النصل ( يحك به رأسه، فلما رآه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لو أعلم أن) بالتخفيف ( تنتظرني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أنك بتشديد النون بعدها كاف تنتظرني أي تنظرني ( لطعنت به في عينيك) بالتثنية، وللكشميهني في عينك بالإفراد يعني وإنما لم أطعنك لأني كنت مترددًا بين نظرك ووقوفك غير ناظر ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنما جعل الإذن) أي الاستئذان في دخول الدار ( من قبل البصر) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة البصر لئلا يطلع على عورة أهلها ولولاه لما شرع، ولأبي ذر عن الكشميهني من قبل النظر بالنون والظاء المعجمة بدل الموحدة والصاد، وقال في شرح المشكاة قوله: لو أعلم أنك تنتظرني بعد قوله اطلع يدل على أن الإطلاع مع غير قصد النظر لا يترتب هذا الحكم عليه فلو قصد النظر، ورماه صاحب الدار بنحو حصاة فأصابت عينه فعمي أو سرت إلى نفسه فتلف فهدر.

والحديث مرّ في باب الاستئذان وغيره.




[ قــ :6539 ... غــ : 690 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني سقط ابن عبد الله لأبي ذر قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال أبو القاسم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لو أن امرأً اطّلع عليك) بتشديد الطاء في منزلك ( بغير إذن) منك له ( فخذفته) بالخاء والذال المعجمتين أي رميته ( بحصاة) بين اصبعيك ( ففقأت عينه) شققتها ( لم يكن عليك جناح) أي حرج، وعند ابن أبي عاصم من وجه آخر عن ابن عيينة بلفظ: ما كان عليك من حرج، وفي مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه.
قال في فتح الباري: فيه ردّ على من حمل الجناح هنا على الإثم ورتب على ذلك وجوب الدّية إذ لا يلزم من رفع الإثم رفعها لأن وجوب الدّية من خطاب الوضع ووجه الدلالة أن إثبات
الحل يمنع ثبوت القصاص والدّية، وعند الإمام أحمد وابن أبي عاصم والنسائي وصححه ابن حبان والبيهقي كلهم من رواية بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية ولا قصاص وهذا صريح في ذلك.

وفي هذا الحديث فوائد كثيرة.
واستدلّ به على جواز رمي من يتجسس فلو لم يندفع بالشيء الخفيف جاز بالثقيل وإنه إن أصيبت نفسه أو بعضه فهو هدر، وقال المالكية بالقصاص وإنه يجوز قصد العين ولا غيرها واعتلوا بأن المعصية لا تدفع بالمعصية.
وأجاب الجمهور: بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو تجرد عن هذا السبب يعدّ معصية، وقد اتفق على جواز دفع الصائل ولو أتى على نفس المدفوع وهو بغير السبب المذكور معصية فهذا يلتحق به مع ثبوت النص فيه وأجابوا عن الحديث بأنه ورد على سبيل التغليظ والإرهاق وهل يشترط الإنذار قبل الرمي؟ الأصح عند الشافعية لا.
وفي حكم التطلع من خلل الباب النظر من كوة من الدار، وكذا من وقف في الشارع فنظر إلى حريم غيره ولو رماه بحجر ثقيل أو سهم مثلاً تعلق به القصاص، وفي وجه لا ضمان مطلقًا ولو لم يندفع إلا بذلك جاز.

والحديث سبق في كتاب بدء السلام.