فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه

باب مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ
( باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه) للنصيحة مع تحري الصدق وتجنب الأذى.


[ قــ :5735 ... غــ : 6059 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِسْمَةً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ.

     وَقَالَ : «رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى لَقَدْ أُوذِىَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: ( أخبرنا سفيان) الثوري ( عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن ابن مسعود) عبد الله ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قسم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يوم حنين ( قسمة فقال رجل من الأنصار) : اسمه كما قال الواقدي: معتب بن قشير المنافق ( والله ما أراد محمد بهذا) القسم الذي قسمه ( وجه الله) وكان قد أعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك وأعطى أناسًا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة.
قال ابن مسعود ( فأتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته) بما قاله ( فتمعر) بالعين المهملة المشددة ( وجهه) أي تغير لونه ولأبي ذر عن الكشميهني فتمغر بالغين المعجمة بدل المهملة أي صار بلون المغرة من شدة الغضب المجبول عليه البشر لكنه صلوات الله وسلامه عليه صبر وحلم اقتداءً بالأنبياء قبله امتثالاً لقوله تعالى فبهداهم اقتده ( و) لذا ( قال) ولأبي ذر فقال:
( رحم الله موسى) الكليم ( لقد أُوذي بأكثر من هذا) الذي أوذيت به ( فصبر) كقول قومه هو آدر ونحوه ومراد البخاري جواز النقل على وجه النصيحة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينكر على ابن مسعود نقل ما نقله بل غضب من قول المنقول عنه، ولم ينقل أنه عاقبه لأنه لم يطعن في النبوة، وأيضًا فلا يثبت حكم بشهادة واحد، ويفهم منه أن الكبراء من الخواص قد يعز عليهم ما يقال من الباطل لما في فطر البشر إلا أن أهل الفضل يتلقون ذلك بالصبر الجميل اقتداءً بالسلف ليتأسى بهم الخلف.

والحديث سبق في باب ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي المؤلّفة من الجهاد.