فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله عز وجل: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} [الحاقة: 6]: شديدة، {عاتية} [الحاقة: 6] قال ابن عيينة: عتت على الخزان {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما} [الحاقة: 7] «متتابعة» {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: 7] «أصولها» {فهل ترى لهم من باقية} [الحاقة: 8] «بقية»

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [هود: 50] وَقَوْلِهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ} -إِلَى قَوْلِهِ- {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 21] فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ وَسُلَيْمَانَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} [الحاقة: 6] شَدِيدَةٍ: {عَاتِيَةٍ}.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} مُتَتَابِعَةً {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}: أُصُولُهَا.
{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}: بَقِيَّةٍ
(باب قول الله تعالى) في سورة هود ({وإلى عاد أخاهم هودًا}) [الأعراف: 65] عطف على قوله: {لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه} [الأعراف: 59] كقولك: ضرب زيد عمرًا وبكر خالدًا وليس هو من باب ما فصل فيه بين حرف العطف والمعطوف بالجار والمجرور نحو ضربت زيدًا وفي السوق عمرًا فيجيء الخلاف المشهور، وقيل بل هو على إضمار فعل أي: وأرسلنا هودًا وهذا أوفق لطول الفصل وهودًا بدل أو عطف بيان لأخيهم، وكان هود أخاهم في النسب لا في الدين لأنه كان من قبيلة عاد وهم قبيلة من العرب بناحية اليمن كما يقال للرجل: يا أخا تميم، والمراد رجل منهم وهو هود بن تارخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ({قال يا قوم اعبدوا الله}) [هود: 50] أي وحدوه وسقط قوله قال يا قوم الخ ... لأبي ذر.

(وقوله) بالجر عطفًا على المجرور السابق ({إذ أنذر قومه بالأحقاف}) [الأحقاف: 21] جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج وكان قوم هود يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بالشحر من اليمن، وكانوا كثيرًا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام كما قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد} [الفجر: 6 - 7] وهي عاد الأولى وأما عاد الثانية فمتأخرة وأما عاد الأولى: فمنهم {عاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد} [الفجر: 6 - 7 - 8] أي مثل قبيلته، وقيل مثل العمد، ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض فقد أبعد النجعة وقال ما لا دليل عليه ولا برهان يعول عليه (إلى قوله: {كذلك نجزي القوم المجرمين}) [الأحقاف: 25] تخويف لكفار مكة أي ما سبق من قصتهم حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا.

(فيه) أي في هذا الباب (عن عطاء) هو ابن أبي رباح فيما وصله المؤلّف في باب ما جاء في قوله تعالى: {هو الذي أرسل الرياح} [الفرقان: 48] (و) عن (سليمان) بن يسار فيما وصله أيضًا في سورة الأحقاف كلاهما (عن عائشة) -رضي الله عنها- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولفظ الأولى كان إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر وفي آخره ولا أدري لعله كما قال قوم: {فلما رأوه عارضًا مستقبل
أوديتهم} [الأحقاف: 24] الآية.
وفي الثانية قالت: ما رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضاحكًا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه؛ الحديث.

(وقول الله عز وجل) بالجر عطفًا على السابق ولغير أبي ذر وابن عساكر باب قول الله عز وجل: ({وأما عاد}) عطف على قوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية) وأما عاد ({فأهلكوا بريح صرصر} شديدة) أي شديدة الصوت في الهبوب لها صرصرة وقيل باردة ({عاتية} قال ابن عيينة) في تفسيره (عتت على الخزان) وما خرج منها إلا مقدار الخاتم وعند ابن أبي حاتم عن علي -رضي الله عنه- قال لم ينزل الله شيئًا من الريح إلا بوزن على يد ملك إلا يوم عاد فإنه أذن أذن لها دون الخزان فعتت على الخزان أو المراد عتت على عاد فلم يقدروا على ردها عنهم بقوّة ولا حيلة ({سخرها}) سلطها ({عليهم سبع ليال وثمانية أيام}) قيل كان أوّلها الجمعة وقيل من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر وقال وهب: العرب تسميها أيام العجوز لإتيانها في عجز الشتاء وهي ذات برد ورياح شديدة ({حسومًا}) أي (متتابعة) دائمة ليس لها فتور ولا انقطاع من حسمت الدابة إذا تابعت بين كيّها أو محسمات حسمت كل خير واستأصلته أو قاطعات قطعت دابرهم ({فترى القوم}) إن كنت حاضرهم ({فيها}) في تلك الأيام والليالي أو في الليالي أو في مهابها ({صرعى}) موتى جمع صريع ({كأنهم أعجاز نخل خاوية}) أي (أصولها) وخاوية أي متأكلة أجوافها شبههم بجذوع نخل خالية الأجواف ليس لها رؤوس وقيل إن الريح أخرجت ما في بطونهم وكانت تحمل الرجل فترفعه في الهواء ثم تلقيه فتشدخ رأسه فيصير جثة بلا رأس ({فهل ترى لهم من باقية}) [الحاقة: 6 - 7 - 8] أي من (بقية).
أو من نفس باقية قيل إنهم لما أصبحوا موتى في اليوم الثامن كما وصفهم الله تعالى حملتهم الريح فألقتهم في البحر فلم يبق منهم أحد.


[ قــ :3191 ... غــ : 3343 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن عرعرة) بن البرند بكسر الموحدة والراء وسكون النون ابن النعمان الناجي السامي بالسين المهملة القرشي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتحتين ابن عتيبة بضم العين مصغرًا (عن مجاهد) هو ابن جبر (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(نصرت) يوم الأحزاب (بالصبا) بفتح الصاد المهملة والموحدة مقصورًا أرسلها الله تعالى على الأحزاب لما حاصروا المدينة فسفت التراب في وجوههم وقلعت خيامهم فانهزموا من غير قتال، وعن عكرمة: قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب انطلقي ننصر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت الشمال: إن الحرّة لا تسري فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا رواه ابن جرير.
(وأهلكت عاد) قوم هود عليه الصلاة والسلام (بالدبور) بفتح الدال الريح التي تجيء من قبل وجهك إذا استقبلت
القبلة فهي تأتي من دبرها.
وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا فيها إلا مثل موضع الخاتم فمرّت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض"، فلما رأى أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا هذا عارض ممطرنا فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة فهلكوا جميعًا، وروي أن هودًا عليه الصلاة والسلام لما أحس بالريح خطّ على نفسه وعلى المؤمنين خطًا إلى جنب عين تنبع وكانت الريح التي تصيبهم ريحًا طيبة هادئة والريح التي تصيب قوم عاد ترفعهم من الأرض وتطير بهم إلى السماء وتضربهم على الأرض وأثر المعجزة إنما ظهر في تلك الريح من هذا الوجه.




[ قــ :319 ... غــ : 3344 ]
- قَالَ:.

     وَقَالَ  ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَعَثَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ، الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِيِّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا.
قَالَ: إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ.
فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِي؟ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ -أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ- فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا -أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا- قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ".
[الحديث 3344 - أطرافه في: 3610، 4351، 4667، 5058، 6163، 6931، 6933، 743، 576] .

( قال) أي المؤلّف ولغير أبي ذر وقال ( وقال ابن كثير) العبدي البصري، ووصله في تفسير
براءة فقال: حدّثنا محمد بن كثير ( عن سفيان) الثوري ( عن أبيه) سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ( عن أبي نعم) بضم النون وسكون العين المهملة عبد الرَّحمن البجلي الكوفي العابد ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بعث علي) -رضي الله عنه- أي من اليمن كما عند النسائي ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذهيبة) بضم الذال مصغرًا على معنى القطعة من الذهب أو باعتبار الطائفة ورجح لأنها كانت تبرًا ( فقسمها) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بين الأربعة) ولأبي ذر وابن عساكر: بين أربعة، ولمسلم: بين أربعة نفر ( الأقرع بن حابس) بالحاء المهملة والموحدة المكسورة والسين المهملة ( الحنظلي) بالحاء المهملة والظاء المعجمة المفتوحتين بينهما نون ساكنة نسبة إلى حنظلة بن مالك بن زيد مناة ( ثم المجاشعي) نسبة إلى مجاشع بن دارم أحد المؤلّفة قلوبهم ( وعيينة بن بدر الفزاري) بالفاء والزاء المخففة وبعد الألف راء نسبة إلى فزارة ( وزيد الطائي) وكان
في الجاهلية يدعى بزيد الخيل باللام فسماه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخير بالراء ( ثم أحد بني نبهان) بفتح النون وسكون الموحدة ( وعلقمة بن علاثة) بضم العين المهملة وتخفيف اللام وبعد الألف مثلثة ابن عوف الأحوص بن حفص بن كلاب بن ربيعة ( العامري) نسبة إلى عامر بن صعصعة بن معاوية ( ثم أحد بني كلاب) بكسر الكاف وتخفيف اللام ابن ربيعة ( فغضبت قريش والأنصار) سقط والأنصار من رواية مسلم ( قالوا: يعطي) رسول الله عليه الصلاة والسلام ( صناديد أهل نجد) أي رؤساءهم الواحد صنديد بكسر الصاد ( ويدعنا) أي يتركنا ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( إنما أتألفهم) بالإعطاء ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال ( فأقبل رجل) من بني تميم يقال له ذو الخويصرة واسمه حرقوص بن زهير ( غائر العينين) أي داخلهما يقال غارت عيناه إذا دخلتا وهو ضدّ الجاحظ ( مشرف الوجنتين) بالشين المعجمة والفاء غليظهما ( ناتئ الجبين) بالهمز في رواية أبي ذر مرتفعه.
قال النووي: الجبين جانب الجبهة ولكل إنسان جبينان يكتنفان الجبهة ( كثّ اللحية) بفتح الكاف وبالثاء المثلثة المشددة كثير شعرها ( محلوق) رأسه مخالف لما كانوا عليه من تربية شعر الرأس وفرقه ( فقال: اتق الله يا محمد.
فقال)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( من يطع الله) مجزوم حرك بالكسر لالتقاء الساكنين، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من يطيع الله بإثبات التحتية بعد الطاء والرفع مصححًا عليه في الفرع كأصله ( إذا عصيت) أي إذا عصيته فحذف ضمير النصب ( أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنوني) ولأبي ذر: ولا بالواو بدل الفاء تأمنونني بنونين ( فسأله) عليه الصلاة والسلام ( رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد) وجاء أنه عمر بن الخطاب ولا تنافي بينهما لاحتمال أن يكونا سألاً معًا ( فمنعه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قتله تأليفًا لغيره ( فلما ولى) الرجل ( قال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إن من ضئضيء) بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة آخره همزة ثانية أي من نسل ( هذا) وعقبه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من صئصيء بصادين مهملتين وهما بمعنى ( -أو في عقب هذا- قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم) جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة والغلصمة منتهى الحلقوم والحلقوم مجرى الطعام والشراب أي لا يرفع في الأعمال الصالحة ( يمرقون) يخرجون ( من الدين) الطاعة ( مروق السهم) خروجه إذا نفذ من الجهة الأخرى ( من الرمية) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتية الصيد المرمي وهذا نعت الخوارج الذين لا يدينون للأئمة ويخرجون عليهم ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون) بفتح الدال يتركون ( أهل الأوثان) بالمثلثة جمع وثن كل ما له جثة متخذ من نحو: الحجارة والخشب كصورة الآدمي يعبد.
والصنم الصورة بدون جثة أو لا فرق بينهما ( لئن أنا أدركتهم) أي الموصوفين بما ذكر ( لأقتلنهم قتل عاد) أي لأستأصلنهم بحيث لا أبقي منهم أحدًا كاستئصال عاد، وليس المراد أنه يقتلهم بالآلة التي قتلت بها عاد بعينها فالتشبيه لا عموم له.

وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى، وقد أورد صاحب الكواكب سؤالاً وهو فإن قيل: أليس قال لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم فكيف لم يدع خالدًا أن يقتله وقد أدركه؟ وأجاب: بأنه إنما
أراد به إدراك زمان خروجهم إذا كثروا واعترضوا الناس بالسيف ولم تكن هذه المعاني مجتمعة إذ ذاك فيوجد الشرط الذي علق به الحكم، وإنما أنذر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه سيكون ذلك في الزمان المستقبل وقد كان كما قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأوّل ما نجم هو في أيام علي -رضي الله عنه-.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير مختصرًا وفي التوحيد بتمامه وفي المغازي ومسلم في الزكاة وأبو داود في السُّنّة والنسائي في الزكاة والتفسير والمحاربة.




[ قــ :3193 ... غــ : 3345 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ: { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ".

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن يزيد) أبو الهيثم المقري الكاهلي الكوفي المتوفى سنة بضع عشرة ومائتين قال: ( حدّثنا إسرائيل) بن يونس أبو يوسف الكوفي ( عن) جده ( أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة ( عن الأسود) بن يزيد النخعي أنه ( قال: سمعت عبد الله) يعني ابن مسعود -رضي الله عنه- ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ) قوله تعالى: ( { فهل من مدكر} ) [القمر: 15] .
بالدال المهملة المشددة أي: فهل من معتبر بما في هذا القرآن الذي يسر الله تعالى حفظه ومعناه.
وقال مطر الوراق فيما علقه المؤلّف بصيغة الجزم: { فهل من مدكر} هل من طالب علم فيعان عليه.

وسبق هذا الحديث في باب قوله تعالى: { إنّا أرسلنا نوحًا} [نوح: 1] .
ويأتي إن شاء الله تعالى في التفسير.