فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نفقة القيم للوقف

باب نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ

[ قــ :2650 ... غــ : 2776 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَقْتَسِمْ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ -بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمؤُونَةِ عَامِلِي- فَهْوَ صَدَقَةٌ».
[الحديث 2776 - طرفاه في: 3096، 6729] .

( باب نفقة القيم للوقف) ولأبي ذر عن الحموي: نفقة بقية الوقف.
قال في الفتح: والأول أظهر لأن المراد أجرة القيم وهو العامل على الوقف.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا يقتسم) بالجزم على النهي، ولأبي ذر: لا يقتسم بالرفع على الخبر ( ورثتي دينارًا) زاد أبو ذر عن الكشميهني ولا درهمًا وتوجيه الرفع أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يترك مالاً يورث عنه، وأما النهي فعلى تقدير أن يخلف شيئًا فنهاهم عن قسمته إن اتفق أنه يخلفه وسماهم ورثة مجازًا وإلا فقد قال: إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ( ما تركت بعد نفقة نسائي) احتج له ابن عيينة فيما قاله الخطابي بأنهن في معنى المعتدات لأنهن لا يجوز لهن أن ينكحن أبدًا فجرت لهن النفقة وتركت حجرهن لهن يسكنها ( ومؤونة عاملي فهو صدقة) بالجر عطفًا على نفقة نسائي وهو القيم على الأرض أو الخليفة بعده عليه الصلاة والسلام ففيه دليل على مشروعية أجرة العامل على الوقف.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الفرائض ومسلم في المغازي وأبو داود في الخراج.




[ قــ :651 ... غــ : 777 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَأْكُلَ مَنْ وَلِيَهُ وَيُؤكِلَ صَدِيقَهُ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالاً".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البغلاني قال: ( حدّثنا حماد) هو ابن زيد بن درهم ( عن أيوب) السختياني ( عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) ( أن) أباه ( عمر اشترط في وقفه) الأرض التي أصابها بخيبر ( أن يأكل من وليه) أي الوقف ( ويؤكل) أي يطعم ( صديقه) منه حال كونه ( غير متموّل) أي متخذ منه ( مالاً) .

وهذا الحديث قد سبق قريبًا، ومطابقته للترجمة هنا في قوله: اشترط إلخ.


باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا.
وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ،.

     وَقَالَ  لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ: أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلاَ مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ.
وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا وقف) شخص ( أرضًا أو بئرًا واشترط) ولأبي ذر: أو اشترط ( لنفسه مثل دلاء المسلمين) هل يجوز أم لا؟
( وأوقف) بالهمز لغية ولأبي ذر: ووقف ( أنس) هو ابن مالك ( دارًا) بالمدينة ( فكان إذا قدم) المدينة مارًّا بها للحج وفي نسخة باليونينية إذا قدمها ( نزلها) وهذا وصله البيهقي.

( وتصدق الزبير) بن العوّام فيما وصله الدارمي في مسنده ( بدوره وقال للمردودة) أي المطلقة ( من بناته أن تسكن) بفتح الهمزة أي لأن تسكن حال كونها ( غير مضرة) بكسر الضاد اسم فاعل للمؤنث من الضرر ( ولا مضر بها) بفتح الضاد اسم مفعول ( فإن استغنت بزوج فليس لها حق) في السكنى.

ومطابقة هذا لما ترجم به من جهة أن البنت قد تكون بكرًا فتطلق قبل الدخول فتكون مؤنتها على أبيها فيلزمه إسكانها فإذا أسكنها في وقفه فكأنه اشترط على نفسه رفع كلفة.

( وجعل ابن عمر نصيبه) الذي خصّه ( من دار) أبيه ( عمر) التي تصدّق بها وقال لا تباع ولا نوهب ( سكنى لذوي الحاجة) بالإفراد ولأبي ذر عن الحموي والمسلملي لذوي الحاجات ( من آل عبد الله) كبارهم وصغارهم وهذا وصله ابن سعد بمعناه.


[ قــ :651 ... غــ : 778 ]
- وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: "أَنَّ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- حَيْثُ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ اللهَ، وَلاَ أَنْشُدُ إِلاَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَحَفَرْتُهَا؟ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَجَهَّزْتهُ؟ قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ.
.

     وَقَالَ  عُمَرُ فِي وَقْفِهِ: لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَقَدْ يَلِيهِ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ، فَهْوَ وَاسِعٌ لِكُلٍّ".

( وقال عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي فيما وصله الدارقطني والإسماعيلي وغيرهما ( أخبرني) بالإفراد ( أبي) هو عثمان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب السلمي الكوفي القاري ( أن عثمان) بن عفان ( -رضي الله عنه- حيث) ولأبي ذر عن الكشميهني: حين ( حوصر) أي لما حاصره أهل مصر في
داره لأجل تولية عبد الله بن سعد بن أبي سرح واجتمع الناس ( أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله) زاد النسائي من رواية ثمامة بن حرب عن عثمان والإسلام وفي روايته أيضًا من طريق الأحنف أنشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو وسقط لفظ الجلالة هنا عند غير أبي ذر ( ولا أنشد إلا أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألستم تعلمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( من حفر رومة فله الجنة فحفرتها) المشهور أن اشتراها لا أنه حفرها كما في الترمذي بلفظ: هل تعلمون أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،- قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: "من يشتري بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي الحديث.
وعند النسائى أنه اشتراها بعشرين ألفًا أو بخمسة وعشرين ألفًا، لكن روى البغوي الحديث في الصحابة بلفظ: وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وإذا كانت عينًا فيحتمل أن يكون عثمان حفر فيها بئرًا أو كانت العين تجري إلى بئر فوسعها عثمان أو طواها فنسب حفرها إليه قاله في فتح الباري.

( ألستم تعلمون أنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال) : ( من جهز جيش العسرة) بضم العين وسكون السين المهملتين وهي غزوة تبوك ( فله الجنة فجهزتهم) ولأبي ذر عن الكشميهني فجهزته ( قال: فصدقوه بما قال) والضمير للصحابة.

وروى النسائي من طريق الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه هم عليّ بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص.

( وقال عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما سبق موصولاً ( في وقفه) تلك الأرض ( لا جناح) لا إثم ( على من وليه) من ناظر ومتحدّث ( أن يأكل) أي منه بالمعروف قال البخاري ( وقد يليه) أي الوقف ( الواقف وغيره فهو واسع لكلٍّ) من الواقف وغيره، وقد استدلّ المؤلّف بما ذكره على جواز اشتراط الواقف لنفسه منفعة من وقفه وهو مقيد بما إذا كانت المنفعة عامّة كالصلاة في بقعة جعلها مسجدًا والشرب من بئر وقفها، وكذا كتاب وقفه على المسلمين للقراءة فيه ونحوها وقدر للطبخ فيها وكيزان للشرب ونحو ذلك، والفرق بين العامة والخاصة أن العامة عادت إلى ما كانت عليه من الإباحة بخلاف الخاصة.