فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب حج الصبيان

باب حَجِّ الصِّبْيَانِ
( باب حج الصبيان) .


[ قــ :1770 ... غــ : 1856 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "بَعَثَنِي -أَوْ قَدَّمَنِي- النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الثَّقَلِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ".

وبالسند قال: ( حدثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل عارم بالعين والراء المهملتين السدوسي قال: ( حدّثنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي يزيد) بتصغير عبد ويزيد من الزيادة المكي ( قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول) : ( بعثني أو قدّمني) بالشك من الراوي ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الثقل) بفتح المثلثة والقاف آلات السفر ومتاعه ( من جمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي من المزدلفة ( بليل) .
ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة أن ابن عباس كان دون البلوغ ولذا أردفه المؤلّف بحديثه الآخر المصرح فيه بأنه كان قارب الاحتلام فقال:



[ قــ :1771 ... غــ : 1857 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَقْبَلْتُ -وَقَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ- أَسِيرُ عَلَى أَتَانٍ لِي، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يُصَلِّي بِمِنًى، حَتَّى سِرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ نَزَلْتُ عَنْهَا فَرَتَعَتْ، فَصَفَفْتُ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
.

     وَقَالَ  يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ "بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ".

( حدّثنا إسحاق) بن منصور الكوسج المروزي قال: ( أخبرنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري قال: ( حدثنا ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله ( عن عمه) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله بن عتبة بن مسعود) بصغير عبد الأول وعتبة بضم العين وسكون المثناة الفوقية ( أنَ عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال) : ( أقبلت وقد ناهزت) بالنون والهاء المفتوحتين وبينهما ألف وبعد الهاء زاي ساكنة أي قاربت ( الحلم) بضمتين أي البلوغ بالاحتلام حال كوني: ( أسير على أتان لي) هي الأنثى من الحمر ( ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائم يصلّي بمنى) الواو في ورسول الله للحال وعلى أتان متعلق بقوله أسير ( حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول) وهو مجاز عن القدّام لأن الصف لا يدله ( ثم نزلت عنها) أي عن الأتان ( فرتعت) أكلت من نبات الأرض ( فصففت مع الناس) في كتاب العلم فدخلت في الصف الأول ( وراء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .


( وقال يونس) : بن يزيد الأيلي مما وصله مسلم ( عن ابن شهاب: بمنى في حجة الوداع) وهذا موضع الترجمة كما لا يخفى.




[ قــ :177 ... غــ : 1858 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن يونس) المستملي الرقي قال: ( حدّثنا حاتم بن إسماعيل) بالحاء المهملة الكوفي سكن المدينة ( عن محمد بن يوسف) الكندي المدني الأعرج ( عن السائب بن يزيد) الكندي، ويقال الأسدي وهو جد محمد بن يوسف لأمه ( قال: حج بي) بضم الحاء مبنيًا للمفعول، وقال ابن سعد عن الواقدي عن حاتم: حجت بي أمي، وعند الفاكهي من وجه آخر عن محمد بن يوسف عن السائب حج بي أبي وجمع بأنه حج معهما ( مع رسول الله) ولأبي الوقت: مع النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن سبع سنين) وزاد الترمذي عن قتيبة عن حاتم في حجة الوداع.




[ قــ :1773 ... غــ : 1859 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ الْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ لِلسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَ قَدْ حُجَّ بِهِ فِي ثَقَلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
[الحديث 1859 - طرفاه في: 671، 7330] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عمرو بن زرارة) بفتح العين وسكون الميم وزرارة بضم الزاي وفتح الراء المكررة بينهما ألف ابن واقد الكلابي النيسابوري قال: ( أخبرنا القاسم بن مالك) المزني الكوفي ( عن الجعيد بن عبد الرحمن) بضم الجيم وفتح العين مصغرًا ابن أوس الكندي ( قال: سمعت عمر بن عبد العزيز) رحمة الله عليه ( يقول للسائب بن يزيد وكان قد) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: وكان السائب قد ( حج به في ثقل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم الحاء مبنيًا للمفعول زاد الإسماعيلي وأنا غلام ولم يذكر المؤلّف مقول عمر ولا جواب السائل لأن غرضه الإعلام بأن السائب حج به وهو صغير، وكأنه كان سأله عن قدر المدّ كما في الكفارات عن عثمان بن أبي شيبة عن القاسم بن مالك بهذا الإسناد.
كان الصاع على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مدًّا وثلثًا بمدّكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز.

واعلم أن الحج لا يجب على الصبي لكن يصح منه ويكون له تطوّعًا لحديث مسلم عن ابن عباس قال: رفعت امرأة صبيًا لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، ثم إن كان الصبي مميزًا أحرم بإذن وليه فإن أحرم بغير إذنه لم يصح في الأصح، وإن لم يكن مميزًا أحرم عنه وليه سواء كان الولي حلالاً أم محرمًا، وسواء كان حجه عن نفسه أم لا؟.

وكيفية إحرامه أن يقول: أحرمت عنه أو جعلته محرمًا ومتى صار محرمًا فعل ما قدر عليه بنفسه ويفعل الولي به ما عجز عنه من غسل وتجرد عن مخيط ولبس إزار ورداء فإن قدر على الطواف وإلاّ

طيف به، والسعي كالطواف ويركع عنه ركعتي الإحرام والطواف إن لم يكن مميزًا وإلا صلاهما بنفسه، ويشترط أن يحضره المواقف فيحضره وجوبًا في الواجبات وندبًا في المندوبات كعرفة والمزدلفة والمشعر الحرام سواء كان الصبي مميزًا أو غير مميز لإمكان فعلها منه ولا يغني حضورها عنه، وإن قدر على الرمي وجوبًا وإلا استحب للولي أن يضع الحجر في يده ويأخذها ويرمي بها عنه بعد رميه عن نفسه، ولو بلغ الصبي في أثناء الحج ولو بعد وقوف، فأدرك الوقوف أجزأه عن فرضه لأنه أدرك معظم العبادة فصار كما لو أدرك الركوع بخلاف ما إذا لم يدرك الوقوف، ولكن يعيد السعي وجوبًا بعد الطواف إن كان سعى بعد طواف القدوم قبل بلوغه ويمنع الصبي المحرم من محظورات الإحرام فلو تطيب مثلاً عامدًا وجبت الفدية في مال الولي ولو جامع في حجه فسد وقضى ولو في الصبا كالبالغ المتطوّع بجامع صحة إحرام كل منهما فيعتبر فيه لفساد حجه ما يعتبر في البالغ من كونه عامدًا عالمًا بالتحريم مجامعًا قبل التحللين، وإذا قضى فإن كان قد بلغ في الفاسد قبل فوات الوقوف أجزأه قضاؤه عن حجة الإسلام ولو حال الوقوف أو بعده انصرف القضاء إليها أيضًا ولزم القضاء من قابل، وقال أبو حنيفة: لا يصح إحرام الصبي ولا يلزمه شيء بفعل شيء من محظورات الإحرام وإنما حج به على جهة التدريب اهـ.

وهذا نقله النووي وسبقه إليه الخطابي وهذا فيه نظر إذ لا أعلم أحدًا من أئمة مذهب الإمام أبي حنيفة نص على ذلك، بل قال شمس الأئمة السرخسي فيما نقله عنه الزيلعي في شرح الكنز أحرم الصبي بنفسه وهو يعقل، أو أحرم عنه أبوه صار محرمًا.
وقال في الكنز: فلو أحرم الصبي أو العبد فبلغ أو عتق فمضى لم يجز عن فرضه لأن إحرامه انعقد لأداء النفل فلا ينقلب للفرض.
وقال في عمدة المفتي: حسنات الصبي له ولأبويه أجر التعليم والإرشاد.