فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أجر العمرة على قدر النصب

باب أَجْرِ الْعُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ
( باب أجر العمرة) بالإضافة ولأبي ذر: باب بالتنوين أجر العمرة ( على قدر النصب) بفتح النون والمهملة التعب.


[ قــ :1708 ... غــ : 1787 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ، قَالاَ "قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي، ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) العبسي البصري قال: ( حدّثنا ابن عون) هو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري ( عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- ( وعن ابن عون) المذكور ( عن إبراهيم عن الأسود) النخعيين ( قالا) : أي القاسم والأسود ( قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله يصدر الناس) أي يرجعون ( بنسكين) حجة منفردة عن عمرة وعمرة منفردة عن حجة ( وأصدر) وأرجع أنا ( بنسك) بحجة غير منفردة لأنها أولاً كانت قارنة ( فقيل لها) : أي قال لها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

( انتظري فإذا طهرت) من الحيض بضم الهاء وفتحها ( فاخرجي إلى التنعيم) أي مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ( فأهلي) أي بعمرة منه ( ثم ائتيا بمكان كذا) أي بالأبطح وهو المحصب ( ولكنها) عمرتك ( على قدر نفقتك أو نصبك) تعبك لا في إنفاق المال في الطاعات من الفضل وقمع النفس عن شهواتها من المشقّة وقد وعد الله الصابرين أن يوفيهم أجرهم بغير حساب، لكن قال الشيخ عز الدّين بن عبد السلام.
إن هذا ليس بمطرد فقد يكون بعض العبادات أخف من بعض وهي أكثر فضلاً بالنسبة إلى الزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين بالمسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره.

وأجيب: بأن الذي ذكره لا يمنع الاطراد لأن كثرة الحاصلة فيما ذكره ليست من ذاتها وإنما هي بحسب ما يعرض لها من الأمور المذكورة وأو في قوله أو نصبك إما للشك، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن منيع عن إسماعيل ما يؤيد ذلك ولفظه: على قدر نصبك أو تعبك، وفي رواية له على قدر نفقتك أو نصبك -أو كما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- وإما للتنويع في كلامه عليه الصلاة والسلام، ووقع عند الدارقطني والحاكم ما يؤيده ولفظه: إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك بواو العطف، وقد استدلّ بظاهر هذا الحديث على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرًا من جهة الحل البعيدة وهذا ليس بشيء لأن الجعرانة والحديبية مسافتهما إلى مكة واحدة ستة فراسخ والتنعيم مسافته إليها فرسخ واحد فهو أقرب إليها منهما، وقد قال الشافعي: أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحرم منها، ثم التنعيم لأنه أذن لعائشة قال: وإذا تنحى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إلي اهـ.