فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أبغض الأسماء إلى الله

باب أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ
( باب أبغض الأسماء إلى الله) عز وجل.


[ قــ :5876 ... غــ : 6205 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أخنى) بهمزة مفتوحة فخاء معجمة ساكنة فنون مفتوحة بعدها ألف مقصورة أي أفحش من الخنى وهو الفحش، ولأبي ذر عن المستملي: أخنع بالعين المهملة بدل الألف أي أذل وأوضع ( الأسماء) وفي مسلم عن أبي هريرة من وجه بلفظ أبغض، وفي لفظ أبغض، وفي لفظ أخبث الأسماء ( يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك) بكسر اللام والأملاك جمع ملك بالكسر وبالفتح جمع مليك، ولأبي ذر بملك الأملاك بزيادة موحدة أي سمى نفسه بذلك أو سمي بذلك فرضي به، واستمر عليه وذلك لأن هذا من صفات الحق جل جلاله وذلك لا يليق بمخلوق والعباد إنما يوصفون بالذل والخضوع والعبودية.

قال في المصابيح، فإن قلت: كيف جاز جعل رجل خبرًا عن أخنى الأسماء؟ وأجاب: بأنه على حذف مضاف أي اسم رجل تسمى ملك الأملاك اهـ.

وزاد في شرح المشكاة أن يراد بالاسم المسمى مجازًا أي أخنى الرجال رجل كقوله تعالى: { سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] وفيه من المبالغة أنه إذا قدس اسمه عما لا يليق به فكان ذاته بالتقديس أولى وهنا إذا كان الاسم محكومًا عليه بالهوان والصغار فكيف بالمسمى، وإذا كان حكم المسمى ذلك فكيف بالمسمي.

والحديث من أفراده.




[ قــ :5877 ... غــ : 606 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ،.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ».
قَالَ سُفْيَانُ: يَقُولُ غَيْرُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( رواية) نصب على التمييز أي من حيث الرواية عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه ( قال) :
( أخنع اسم) بالعين أي أشدّ ذلاًّ ( عند الله) وفي الرواية السابقة يوم القيامة والتقييد بيوم القيامة مع أن حكمه في الدنيا كذلك للإشعار بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العقاب.
( وقال سفيان) بن عيينة بالسند السابق: ( غير مرة أخنع الأسماء) بالعين ( عند الله رجل تسمى بملك الأملاك) بكسر اللام وزاد ابن أبي شيبة في روايته عند مسلم لا مالك إلا الله وهو استئناف لبيان تعليل تحريم التسمية بهذا الاسم فنفى جنس الملاك بالكلية لأن المالك الحقيقي ليس إلا هو ومالكية الغير عارية مستردة إلى مالك الملوك فمن تسمى بهذا الاسم نازع الله في رداء كبريائه واستنكف أن يكون عبد الله فيكون له الخزي والنكال ( قال سفيان) أيضًا ( يقول غيره) .
أي غير أبي الزناد ( تفسيره) بالفارسية أي ملك الأملاك ( شاهان) لين معجمة مفتوحة فألف فنون ساكنة ( شاه) بشين معجمة فألف فهاء ساكنة وليست هاء تأنيث، وعند أحمد قال: سفيان مثل شاهان شاه، وزاد الإسماعيلي من رواية محمد بن الصباح عن سفيان مثل ملك الصين وقد كانت التسمية بذلك كثرت في ذلك الزمان فنبه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك بل كل ما أدى إلى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم، وزعم بعضهم أن الصواب شاه شاهان بالتقديم والتأخير، وليس كذلك لأن قاعدة العجم تقديم المضاف إليه على المضاف فإذا أرادوا قاضي القضاة بلسانهم؟ قالوا: موبذان موبذ فموبذ هو القاضي وموبذان جمعه، وكذا شاه هو الملك وشاهان هو الملوك، ويؤخذ من الحديث تحريم التسمي بهذا الاسم لورود الوعيد التشديد ويلحق به ما في معناه كأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين وأمير الأمراء، وهل يلحق به من تسمى بأقضى القضاة؟ فقال الزمخشري في كشافه عند قوله تعالى: { أحكم الحاكمين} [هود: 45] بالمنع من أن يلقب بأقضى القضاة وتعقبه ابن المنير بحديث "أقضاكم عليّ وقد وجدت التسمية بقاضي القضاة في العصر القديم من عهد أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وكان الماوردي يلقب بأقضى القضاة مع منعه من تلقيب الملك الذي كان في زمانه بملك الملوك.
وقال العيني: يمتنع أن يقال أقضى القضاة لأن معناه أحكم الحاكمين، وهذا أبلغ من قاضي القضاة لأنه أفعل تفضيل قال: ومن جهل أهل زماننا من مسطري سجلات القضاة يكتبون للنائب أقضى القضاة وللقاضي الكبير قاضي القضاة.