فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب كلام الرب مع جبريل، ونداء الله الملائكة

باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلاَئِكَةَ
وَقَالَ مَعْمَرٌ { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: 6] أَىْ يُلْقَى عَلَيْكَ، وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ أَىْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ وَمِثْلُهُ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ.

( باب كلام الرب) عز وجل ( مع جبربل) عليه السلام ( ونداء الله) عز وجل ( الملائكة) عليهم السلام.

( وقال معمر) : هو ابن المثنى أبو عبيدة لا معمر بن راشد في قوله تعالى: ( { وإنك لتُلَقَّى القرآن} أي يلقى عليك) مبني للمجهول ( وتلقاه) بفتح الفوقية واللام والقاف المشددة ( أنت أي تأخذه عنه) من لدن حكيم عليم قالوا: إن جبريل يتلقى أي يأخذ من الله تلقيًا روحانيًّا ويلقي على محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلقيًا جسمانيًّا ( ومثله) قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات} [البقرة: 37] وتلقى تفعل قال القفال: أصل التلقي هو التعرّض للقاء ثم وضع في موضع الاستقبال للمتلقي ثم موضع القبول والأخذ، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتلقى الوحي أي يستقبله ويأخذه.


[ قــ :7087 ... غــ : 7485 ]
- حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى جِبْرِيلُ فِى السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ».

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع ( إسحاق) هو ابن منصور بن بهرام الكوسج، قال الحافظ ابن حجر: وتردّد أبو علي الجياني بينه وبين إسحاق بن راهويه وإنما جزمت بأنه ابن منصور لأن ابن راهويه لا يقول إلا أخبرنا وهنا قال: حدّثنا اهـ.
ورأيت في حاشية الفرع وأصله ما نصه: هو ابن راهويه وفوقه حاء ممدودة فالله أعلم.
قال: ( حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث قال: ( حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار عن أبيه) عبد الله ( عن أبي صالح) ذكوان الزيات ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدًا نادى جبريل) نصب على المفعولية ( إن الله) تعالى ( قد أحب فلانًا فأحبه) بفتح الهمزة وكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة مشددة ( فيحبه جبريل ثم ينادي) بكسر الدال ( جبريل) رفع على الفاعلية ( في السماء) وفي الأدب في أهل السماء ( إن الله) عز وجل ( قد أحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في) قلوب ( أهل الأرض) فيحبونه فمحبة الناس علامة على محبة الله ووجه المطابقة ظاهر.

والحديث سبق في باب ذكر الملائكة من كتاب بدء الخلق وباب المقت من الله تعالى من كتاب الأدب.




[ قــ :7088 ... غــ : 7486 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي ( عن مالك) الإمام الأعظم ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( يتعاقبون) يتناوبون في الصعود والنزول ( فيكم ملائكة) لرفع أعمالكم ( بالليل وملائكة) لرفع أعمالكم ( بالنهار) وقوله يتعاقبون على لغة أكلوني البراغيث ( ويجتمعون في) وقت ( صلاة العصر و) وقت ( صلاة الفجر ثم يعرج) الملائكة ( الذين باتوا فيكم فيسألهم) ربهم تعبدًا لهم كما
تعبدهم بكتب أعمالهم ( وهو أعلم) زاد أبو ذر بهم من الملائكة ( كيف تركتم عبادي، فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون) .

والحديث سبق في الصلاة مع ما فيه من المباحث ومطابقته ظاهرة.




[ قــ :7089 ... غــ : 7487 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَتَانِى جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى».

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة قال: ( حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن واصل) الأحدب بن حيان بالحاء المهملة وتشديد التحتية ( عن المعرور) بالمهملات بوزن مفعول ابن سويد الكوفي أنه ( قال: سمعت أبا ذر) جندب بن جنادة -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( أتاني جبريل) عليه السلام وفي الرقاق عرض لي في جانب الحرة ( فبشرني أنه من مات) من أمتي ( لا يشرك بالله شيئًا) وجواب الشرط قوله ( دخل الجنة.
قلت)
يا جبريل ( وإن سرق وإن زنى) يدخل الجنة ولغير الكشميهني وإن زنى بالياء خطَّا بدل الألف ( قال) جبريل ( وإن سرق وإن زنى) ولأبي ذر عن الكشميهني وزنى أي يدخل الجنة.

وسبق الحديث بزيادة ونقصان في الاستقراض والاستئذان والرقاق.
قال في الفتح: وفي مناسبته للترجمة هنا غموض وكأنه من جهة أن جبريل إنما يبشر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأمر يتلقاه عن ربه تعالى فكأن الله تعالى قال له: بشر محمدًا بأن من مات من أمته لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة فبشّره بذلك.