فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: (أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير)

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { أَنْ يُصلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]
( باب قول الله تعالى) في سورة النساء مخبرًا ومشرعًا عن حال الزوجين تارة في نفور الرجل عن المرأة وتارة في حال اتفاقه معها وتارة عند فراقه لها ( { أن يُصلِحا بينهما صلحًا} ) أصله أن يتصالحا فأبدلت التاء وأدغمت في تاليتها أن يصطلحا بأن تحطّ له بعض المهر أو القسم أو تهب له شيئًا تستميله به وقرأ الكوفيون أن يصلحا من أصلح بين المتنازعين وعلى هذا جاز أن ينتصب صلحًا على المفعول به وبينهما ظرف أو حال منه على المصدر كما في القراءة الأولى والمفعول بينهما أو هو محذوف ( { والصلح خير} ) [النساء: 128] من الفرقة وسوء العشرة أو من الخصومة، ويجوز أن لا يراد به التفضيل بل بيان أنه من الخيور كما أن الخصومة من الشرور قاله البيضاوي.


[ قــ :2576 ... غــ : 2694 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ: "هُوَ الرَّجُلُ يَرَى مِنِ امْرَأَتِهِ مَا لاَ يُعْجِبُهُ كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ فَيُرِيدُ فِرَاقَهَا، فَتَقُولُ: أَمْسِكْنِي، وَاقْسِمْ لِي مَا شِئْتَ.
قَالَتْ: ولاَ بَأْسَ إِذَا تَرَاضَيَا".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي أبو رجاء البغلاني بفتح الموحدة وسكون المعجمة قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن هشام بن عروة) بن الزبير ( عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) في تفسير قوله تعالى: ( { وإن امرأة خافت من بعلها} ) توقعت منه لما ظهر لها من المخايل ( { نشوزًا} ) تجافيًا عنها وترفعًا عن صحبتها كراهية لها ( { أو إعراضًا} ) [النساء: 128] بأن يقل مجالستها ومحادثتها ( قالت: هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرًا) بكسر الكاف وفتح الموحدة أي كبر السن والهرم وفي الفرع كبرًا بسكون الموحدة وليس هو في اليونينية ( أو غيره) من سوء خُلق أو خَلق ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وغيره بإسقاط الألف وله أيضًا عن الكشميهني وغيره بمثناة فوقية بدل الهاء ( فيريد فراقها فتقول) أي المرأة لزوجها ( امسكني) ولا تفارقني ( واقسم لي ما شئت) من النفقة وغيرها ( قالت) عائشة ( فلا) بالفاء ولأبي ذر: ولا ( بأس) بذلك ( إذا تراضيا) أي الرجل وامرأته.

وتأتي مباحث ذلك في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى بعون الله.