فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} [الممتحنة: 1]

باب { لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله عز وجل: ( { لا تتخذوا عدوّي وعدوّكم} ) [الممتحنة: 1] أي كفار مكة ( { أولياء} ) في العون والنصرة وقوله: عدوي وعدوكم مفعول الاتخاذ والعدوّ لما كان بزنة المصادر وقع على الواحد فما فوق وأضاف العدوّ لنفسه تعالى تغليظًا في جريمتهم، وسقط الباب ولاحقه لغير أبي ذر.


[ قــ :4626 ... غــ : 4890 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رضي الله عنه- يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا».
فَذَهَبْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ.
فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ»؟ قَالَ: لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَصْطَنِعَ إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ».
فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ.
فَقَالَ: «إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ قَالَ عَمْرٌو وَنَزَلَتْ فِيهِ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} قَالَ: لاَ أَدْرِى الآيَةَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا عمرو بن دينار) بفتح العين ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الحسن بن محمد بن علي) بن أبي طالب ( أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع) بضم العين وفتح الموحدة مصغرًا واسم أبي رافع أسلم مولى رسول
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كاتب علي يقول سمعت عليًّا -رضي الله عنه- يقول: بعثني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنا والزبير) بن العوّام ( والمقداد) بن الأسود ( فقال) :
( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ) بخاءين معجمتين بينهما ألف موضع بين مكة والمدينة ( فإن بها ظعينة) بفتح المعجمة وكسر المهملة امرأة في هودج اسمها سارة بالمهملة والراء ( معها كتاب فخذوه منها) قال علي ( فذهبنا تعادى) بفتخ التاء والعين والدال المهملتين بينهما ألف أي تتباعد وتتجارى ( بنا خيلنا حتى أتينا الروضة) المذكورة ( فإذا نحن بالظعينة فقلنا) لها ( أخرجي الكتاب) الذي معك بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء ( فقالت) ولأبي ذر قالت: ( ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب) بضم التاء وسكون المعجمة وكسر الراء والجيم ( أو لتلقين الثياب) بنون التوكيد الشديدة وإثبات التحتية مكسورة بعد القاف والأصل حذفها لأن النون الثقيلة إذا اجتمعت مع الياء الساكنة حذفت الياء للساكنين وأثبتها مشاكلة لتخرجن ( فأخرجته من عقاصها) بكسر العين وبالقاف شعرها المضفور ( فأتينا به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط قوله به لغير الكشميهني ( فإذا فيه) في الكتاب ( من حاطب بن أبي بلتعة) بالحاء والطاء المكسورة المهملتين بعدها موحدة وبلتعة بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها فوقية ( إلى ناس) بضم الهمزة ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني إلى ناس ( من المشركين ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من تجهيزه للجيش الكثير لمكة ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له ( ما هذا) الكتاب ( يا حاطب؟ قال: لا تعجل عليّ يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش) بالحلف والولاء ( ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ) أي حين ( فاتني) ذلك ( من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدًا) أي يد منّة عليهم ( يحمون) بها ( قرابتي وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنه قد صدقكم) بتخفيف الدال ( فقال عمر) -رضي الله عنه- ( دعني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فدعني ( يا رسول الله فأضرب) بالنصب ( عنقه فقال) عليه الصلاة والسلام ( إنه شهد بدرًا وما) ولأبي ذر فما ( يدريك لعل الله عز وجل اطّلع على أهل بدر) الذين حضروا وقعتها ( فقال) مخاطبًا لهم خطاب تكريم ( اعملوا ما شئتم) في المستقبل ( فقد غفرت لكم) عبّر عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه.
قال القرطبي: والمعنى أنهم حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السابقة تأهّلوا أن تغفر لهم الذنوب اللاحقة إن وقعت منهم ومعنى الترجي هنا كما قاله النووي راجع إلى عمر لأن وقوع هذا الأمر محقق عند الرسول.

( قال عمرو) هو ابن دينار بالإسناد السابق: ( ونزلت فيه) أي في حاطب بن أبي بلتعة ( { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم} ) وزاد أبو ذر: أولياء ( قال) أبي سفيان بن عيينة ( لا أدري الآية في الحديث) عن علي ( أو قول عمرو) يعني ابن دينار موقوفًا عليه.

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قِيلَ لِسُفْيَانَ فِي هَذَا فَنَزَلَتْ: { لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي} قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، وَمَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا، وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي.

وبه قال: ( حدّثنا علي) هو ابن المديني ( قيل) ولأبي ذر قال: قيل ( لسفيان) بن عيينة ( في هذا) أي في أمر حاطب ( فنزلت) ولأبي ذر نزلت ( { لا تتخذوا عدوي} ) زاد أبو ذر ( { وعدوّكم أولياء} ) الآية.

( قال سفيان: هذا في حديث الناس) ورواياتهم وأما الذي ( حفظته) أنا ( من عمرو) يعني ابن دينار هو الذي رويته عنه من غير ذكر النزول ( ما تركت منه حرفًا وما أرى) بضم الهمزة مما أظن ( أحدًا حفظه) من عمرو ( غيري) فلم يجزم سفيان برفع هذه الزيادة وسقط قوله حدّثنا علي إلى هنا لأبي الهيثم.