فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18]

باب قَوْلِهِ: { إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}
( باب قوله) عز وجل: ( { إذ يبايعونك تحت الشجرة} ) [الفتح: 18] متعلق بيبايعونك أو بمحذوف على أنه حال من المفعول وكان عليه الصلاة والسلام جالسًا تحتها وسقط باب قوله لغير أبي ذر.


[ قــ :4577 ... غــ : 4840 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البغلاني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار ( عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه ( قال: كنا يوم الحديبية) بتخفيف الياء وتشديدها لغتان وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف وقال أبو عبيد البكري أهل
العراق يثقلون وأهل الحجاز يخففون ( ألفًا وأربعمائة) .

وفي حديث البراء بن عازب عند المؤلّف في المغازي أربع عشرة مائة، وعنه أيضًا من طريق زهير عند المؤلّف أيضًا ألفًا وأربعمائة أو أكثر، وعن جابر خمس عشرة مائة، وعن عبد الله بن أبي أوفى كان أصاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين بضم المثلثة والميم والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال ألفًا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفًا وأربعمائة ألغاه، وأما قول ابن أبي أوفى ألفًا وثلاثمائة فيحمل على ما اطلع هو عليه وأطلع غيره على زيادة لم يطّلع هو عليها والزيادة من الثقة مقبولة.

وهذا الحديث ذكره المؤلّف في المغازي.




[ قــ :4578 ... غــ : 4841 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، إِنِّي مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْخَذْفِ.
[الحديث 4841 - أطرافه في 5749، 60] .

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) هو المديني ولأبي ذر عن المستملي علي بن سلمة هو اللبقي بلام وموحدة مفتوحتين ثم قاف مكسورة خفيفة وبه جزم الكلاباذي والأكثرون بالأوّل قال: ( حدّثنا شبابة) بفتح المعجمة والموحدتين المخففتين بينهما ألف ابن سوّار بفتح المهملة وتشديد الواو المدائني قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة أنه ( قال: سمعت عقبة بن صهبان) بضم الصاد المهملة وسكون الهاء وبعد الموحدة ألف فنون الأزدي البصري ( عن عبد الله بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة والفاء المشددة ( المزني) بالميم المضمومة والزاي المفتوحة والنون المكسورة ( ممن) ولغير أبي ذر أني ممن ( شهد الشجرة نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الخذف) بفتح الخاء المعجية وسكون الدال المعجمة وبالفاء وهو الرمي بالحصى من الأصبعين.




[ قــ :4578 ... غــ : 484 ]
- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ الْمُزَنِيِّ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ.

( وعن عقبة بن صهبان) بالسند السابق أنه ( قال: سمعت عبد الله بن المغفل) بالتعريف ولأبي ذر مغفل ( المزني في البول في المغتسل) بفتح السين اسم لموضع الاغتسال زاد أبو ذر عن الحموي والأصيلي فيما ذكره في الفتح وغيره يأخذ منه الوسواس وعند النسائي والترمذي وابن ماجة مرفوعًا نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: إن عامة الوسواس منه.
وقال الترمذي: غريب.
وقال الحاكم على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد أورد المؤلّف الحديث الموقوف لبيان التصريح بسماع ابن صهبان من ابن مغفل والمرفوع الأول لقوله إني ممن شهد الشجرة لمطابقة الترجمة.




[ قــ :4580 ... غــ : 4843 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ -رضي الله عنه-، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولغير أبي ذر حدّثني بالإفراد ( محمد بن الوليد) بن عبد الحميد البسري بالموحدة المضمومة والمهملة الساكنة القرشي أبو عبد الله البصري من ولد بسر بن أرطأة وقول العيني كالكرماني البشري بالموحدة والمعجمة سهو وإنما هو بالمهملة قال ( حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن خالد) الحذاء ( عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد بن زيد ( عن ثابت بن الضحاك) الأشهلي ( -رضي الله عنه- وكان من أصحاب الشجرة) لم يذكر المتن بل اقتصر على المحتاج منه وفي المغازي من طريق أخرى عن أبي قلابة أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحت الشجرة.




[ قــ :4581 ... غــ : 4844 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ فَقَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ.
فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُشْرِكِينَ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ أُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا.
وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا، فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ.

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن إسحاق) بن الحصين أبو إسحاق ( السلمي) بضم السين وفتح اللام السرماري البخاري نسبة إلى سرماري بفتح السين قرية من قرى بخارى قال: ( حدّثنا يعلى) بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح اللام ابن عبيد الطنافسي قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن سياه) بكسر المهملة وبعد التحتية المخففة ألف فهاء منوّنة فارسي معرب معناه الأسود ( عن حبيب بن أبي ثابت) واسمه قيس بن دينار الكوفي أنه ( قال أتيت أبا وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة ( أسأله) لم يذكر المسؤول عنه وفي رواية أحمد أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي يعني الخوارج ( فقال: كنا بصفين) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة موضع بقرب الفرات كان به الوقعة بين علي ومعاوية ( فقال رجل) هو عبد الله بن الكوّاء: ( ألم تر إلى الذين يدعون) بضم الياء وفتح العين وفي اليونينية بفتح الياء وضم العين ( إلى كتاب الله تعالى فقال علي: نعم) أنا أولى بالإجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله وعند النسائي بعد قوله بصفين فلما استحرّ القتل بأهل الشام قال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل المصحف إلى علي فادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى
عليك فأتى به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله.
فقال علي: أنا أولى بذلك بيننا كتاب الله فجاءته الخوارج ونحن نسميهم يومئذٍ القراء وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما ننتظر لهؤلاء القوم ألا نمشي إليهم بسيوفنا.

( فقال سهل بن حنيف) : بضم الحاء وفتح النون ( اتهموا أنفسكم) في هذا الرأي وإنما قال ذلك لأن كثيرًا منهم أنكروا التحكيم وقالوا لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أُريد بها باطل ( فلقد رأيتنا) يريد رأيت أنفسنا ( يوم الحديبية يعني الصلح الذي كان بين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) بين ( المشركين ولو نرى) بنون المتكلم مع غيره ( قتالًا لقاتلنا فجاء عمر) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال: ألسنا على الحق وهم) يريد المشركين ( على الباطل أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال) عليه الصلاة والسلام:
( بلى، قال) عمر ( ففيم أعطي) بضم الهمزة وكسر الطاء ولأبي ذر نعطي بالنون بدل الهمزة ( الدنية) بكسر النون وتشديد التحتية أي الخصلة الدنية وهي المصالحة بهذه الشروط الدالة على العجز ( في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا فقال) عليه الصلاة والسلام: ( يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا، فرجع) عمر حال كونه ( متغيظًا) لأجل إذلال المشركين كما عرف من قوّته في نصرة الدين وإذلال المشركين ( فلم يصبر حتى جاء أبا بكر) -رضي الله عنهما- ( فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بل ابن الخطاب أنه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( ولن يضيعه الله أبدًا فنزلت سورة الفتح) .
ومراد سهل بن حنيف بما ذكره أنهم أرادوا يوم الحديبية أن يقاتلوا ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح ثم ظهر أن الأصلح ما شرعه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الصلح ليقتدوا بذلك ويطيعوا عليًّا فيما أجاب إليه من التحكيم.
[49] سورة الْحُجُرَاتِ
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { لاَ تُقَدِّمُوا} : لاَ تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ.
{ امْتَحَنَ} : أَخْلَصَ.
{ تَنَابَزُوا} : يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ.
يَلِتْكُمْ: يَنْقُصْكُمْ.
أَلَتْنَا: نَقَصْنَا.

( [49] سورة الْحُجُرَاتِ)
مدنية وآيها ثمان عشرة ولأبي ذر: سورة الحجرات ( بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت البسملة لغير أبي ذر.

( وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد في قوله تعالى: ( { لا تقدموا} ) [الحجرات: 1] بضم أوله وكسر ثالثه أي ( لا تفتاتوا على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بشيء ( حتى يقضي الله على لسانه) ما شاء وقال الزركشي الظاهر أن هذه التفسير على قراءة ابن عباس بفتح التاء والدال وكذا قيده
البياسي وهي قراءة يعقوب الحضرمي والأصل لا تتقدموا فحذف إحدى التاءين وقال في المصابيح متعقبًا لقول الزركشي ليس هذا بصحيح بل هذا التفسير متأتٍّ على القراءة المشهورة أيضًا فإن قدم بمعنى تقدم قال الجوهري وقدم بين يديه أي تقدم قال الله تعالى: { لا تقدموا بين يدي الله} [الحجرات: 1] اهـ.

قال الإمام فخر الدين: والأصح أنه إرشاد عامّ يشمل الكل ومنع مطلق يدخل فيه كل افتيات وتقدم واستبداد بالأمر وإقدام على فعل غير ضروري من غير مشاورة.

( { امتحن} ) في قوله تعالى: { أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} [الحجرات: 3] قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي ( أخلص) من امتحن الذهب إذا أذابه وميز إبريزه من خبيثه.

( { تنابزوا} ) ولأبي ذر: ولا تنابزوا قال مجاهد فيما وصله الفريابي بنحوه أي ( لا يدعى) الرجل ( بالكفر بعد الإسلام) وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك وزاد أبو ذر قبل قوله: تنابزوا باب بالتنوين وسقط لغيره.

( يلتكم) قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي ( ينقصكم) من أجوركم ( ألتنا) أي ( نقصنا) وهذا الأخير من سورة الطور وذكره استطرادًا.