فهرس الكتاب

إرشاد الساري - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}

كتاب اللباس
( بسم الله الرحمن الرحيم) ( كتاب اللباس) بكسر اللام قال في القاموس: اللباس واللبوس واللبس بالكسر والملبس كمقعد ومنبر ما يلبس.


باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} .

     وَقَالَ  النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِى غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلاَ مَخِيلَةٍ».
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ
( باب قول الله تعالى) وسقط لأبي ذر لفظ باب وزاد قبل قول الله واوًا عطفًا على اللباس ( { قل من حرّم زينة الله} ) من الثياب وكل ما يتجمّل به ( { التي أخرج} ) أصلها ( { لعباده} ) من الأرض كالقطن ومن الدود كالقز والاستفهام للتوبيخ والإنكار وإذا كان للإنكار فلا جواب له إذ لا يراد به استعلام ولذا نسب مكي إلى الوهم في زعمه أن قوله: { قل هي للذين آمنوا} [الأعراف: 32] إلى آخره جوابه ولولا النص الوارد في تحريم الذهب والإبريسم على الرجال لكان داخلاً تحت عمومها.

( وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما وصله أبو داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما من طريق همام بن يحيى عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه به وهو من الأحاديث التي لم توجد في البخاري إلا معلقة ( كلوا واشربوا والبسوا) بهمزة وصل وفتح الموحدة ( وتصدقوا في غير إسراف) مجاوزة حد ( ولا مخيلة) بالخاء المعجمة بوزن عظيمة من غير تكبر ولم يقع الاستثناء في رواية الطيالسي وليس في رواية الحارث وتصدقوا وزاد في آخره فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ونقل في فتح الباري على الموفق عبد اللطيف البغدادي أن هذا الحديث جامع لفضائل
تدبير الإنسان نفسه وفيه تدبير مصالح النفس والجسد دنيا وأخرى لأن السرف يضر بالجسد وبالمعيشة فيؤدي إلى الإتلاف ويضر بالنفس إذ كانت تابعة الجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب وتضر بالآخرة حيث تكسب الإثم وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس انتهى.
وهذا التعليق ثبت للحموي والكشميهني كما في الفرع وقال في الفتح: إنه ثبت للمستملي والسرخسي وسقط للباقين وكذا حكم قوله.

( وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه ( كل ما شئت) من المباحات ( والبس ما شئت) من المباحات ( ما خطئتك) بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء المهملة بعدها همزة مفتوحة فمثناة فوقية ساكنة ما دامت تجاوزك ( اثنتان سرف أو مخيلة) وأو بمعنى الواو.


[ قــ :5470 ... غــ : 5783 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يُخْبِرُونَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام ابن أنس ( عن نافع) مولى ابن عمر ( وعبد الله بن دينار) المدني مولى ابن عمر أيضًا ( وزيد بن أسلم) الفقيه العمري ( يخبرونه) أي الثلاثة يخبرون مالكًا ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله- قال) :
( لا ينظر الله) نظر رحمة ( إلى من جرّ ثويه) إزارًا أو رداءً أو قميصًا أو سراويل أو غيرها مما يسمى ثوبًا حال كون جر الثوب ( خيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتية كبرًا وعجبًا.

وهذا عامّ يتناول الرجال والنساء لكن زاد النسائي والترمذي وصححه متصلاً بهذا الحديث فقالت أم سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ فقال: يرخين شبرًا.
فقالت: إذن تنكشف أقدامهن.
قال: فيرخين ذراعًا لا يزدن عليه، وعند أبي داود عن ابن عمر قال: رخص رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأمهات المؤمنين شبرًا ثم استردنه فزادهن شبرًا لكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعًا ففيه قدر الذراع المأذون فيه وإنه شبران بشبر اليد المعتدلة.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والترمذي في اللباس.