فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد

باب دَفْنِ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ فِي قَبْرٍ
( باب) جواز ( دفن الرجلين والثلاثة) فأكثر ( في قبر) ولأبي ذر، زيادة: واحد، أي عند الضرورة بأن كثر الموتى، وعسر إفراد كل ميت بقبر واحد.


[ قــ :1293 ... غــ : 1345 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ".

وبالسند قال: ( حدّثنا سعيد بن سليمان) الملقب بسعدويه البزار، قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام، قال: ( حدّثنا ابن شهاب) الزهري ( عن عبد الرحمن بن كعب) بن مالك ( أن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( رضي الله عنهما أخبره) :
( أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد) في ثوب واحد، وهو مستلزم للجمع في القبر، فهو دال على الترجمة، لكن ليس فيه لفظ الثلاثة.
نعم، في حديث هشام بن عامر الأنصاري، عند أصحاب السنن، مما ليس على شرط المؤلّف جاءت الأنصار إلى رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يوم أحد، فقالوا: أصابنا جهد.
قال: احفروا، ووسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر.
فلعل المصنف أشار إلى ذلك.
وفي هذا الحديث التصريح بأن ذلك إنما فعل للضرورة، وحينئذ فالمستحب في حال الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر واحد، فلو جمع اثنان في قبر، واتحد الجنس: كرجلين وامرأتين، كره عند الماوردي، وحرم عند السرخسي، ونقله عنه النووي في شرح المهذّب مقتصرًا عليه، قال السبكي: لكن الأصح الكراهة، أو نفي الاستحباب، أما التحريم فلا دليل عليه.
اهـ.

وأما إذا لم يتحد الجنس: كرجل وامرأة، فإن دعت ضرورة شديدة لذلك جاز، وإلا فيحرم، كما في الحياة.
ومحل ذلك إذا لم يكن بينهما محرمية، أو زوجية، وإلاّ فيجوز الجمع صرح به ابن الصباغ، وغيره، كما قاله ابن يونس، ويحجز بين الميتين مطلقًا بتراب، ندبًا، والقياس أن الصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم، بل وأن الخنثى مع الخنثى، أو غيره كالأنثى مع الذكر مطلقًا.

وقال أبو حنيفة ومالك: لا بأس أن يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد.