فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

باب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ
( باب) حكم ( نقض المرأة شعرها) أي شعر رأسها ( عند غسل المحيض) هل هو واجب أم لا ولابن عساكر باب من رأى نقض المرأة الخ.


[ قــ :313 ... غــ : 317 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلاَلِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ، فَإِنِّي لَوْلاَ أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ».
فَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَجٍّ، وَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِحَجٍّ».
فَفَعَلْتُ.
حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي أَخِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي.
قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي شَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ.

وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري بفتح الهاء وتشديد الموحدة الكوفي، المتوفى سنة خمسين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي ( عن هشام) أي ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت) :
( خرجنا) من المدينة مكملين ذا القعدة ( موافين) وفي رواية موافقين ( لهلال ذي الحجة) كذا شرحه بعضهم والأولى أن يكون معنى موافين مشرفين.
يقال: أوفى على كذا إذا أشرف عليه ولا يلزم منه الدخول فيه.
وقال النووي: أي مقاربين لاستهلاله لأن خروجه عليه الصلاة والسلام كان لخمس ليال بقين من ذي القعدة يوم السبت.
( فقال) ولأبوي ذر والوقت قال ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أحب أن يهلل) بلامين وللأصيلي وابن عساكر يهل بلام مشددة أي يحرم ( بعمرة فليهلل) بعمرة ( فإني لولا أني أهديت) أي سقت الهدي ( لأهللت) كذا في رواية الحموي وكريمة ولأبوي الوقت وذر والأصيلي لأحللت ( بعمرة) ليس فيه دلالة على أن التمتع أفضل من الإفراد لأنه عليه الصلاة والسلام، إنما قال ذلك لأجل فسخ الحج إلى العمرة الذي هو خاص بهم في تلك السنة المخالفة تحريم الجاهلية العمرة في أشهر الحج لا التمتع الذي فيه الخلاف وقاله ليطيب قلوب أصحابه إذ كانت نفوسهم لا تسمح بفسخ الحج إليها لإرادتهم موافقة عليه الصلاة والسلام أي ما يمنعني من موافقتكم فيما أمرتكم به إلا سوقي الهدي، ولولاه لوافقتكم، وإنما كان الهدي علة لانتفاء الإحرام بالعمرة لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى ينحره ولا ينحره إلا يوم النحر، والمتمتع يتحلل من عمرته قبله فيتنافيان.
( فأهلَّ بعضهم بعمرة وأهلَّ بعضهم بحج) قالت عائشة: ( وكنت أنا ممن
أهل بعمرة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت)
ذلك ( إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: دعي عمرتك) أي أفعالها وارفضيها ( وانقضي رأسك) أي شعرها ( وامتشطي وأهلّي بحج) أي مع عمرتك أو مكانها ( ففعلت) ذلك كله ( حتى إذا كان ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد وليلة بالرفع على أن كان تامة أي وجدت وبالنصب على أنها ناقصة واسمها الوقت ( أرسل) عليه الصلاة والسلام ( معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق رضي الله عنهم ( فخرجت) معه ( إلى التنعيم فأهللت بعمرة) منه ( مكان عمرتي) التي تركتها.
لا يقال ليس في الحديث دلالة على الترجمة لأن أمرها بنقض الشعر كان للإهلال وهي حائض لا عند غسلها لأنا نقول: إن نقض شعرها إن كان لغسل الإحرام وهو سُنّة فلغسل الحيض أولى لأنه فرض، وقد كان ابن عمر يقول بوجوبه، وبه قال الحسن وطاوس في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد لكن رجح جماعة من أصحابه الاستحباب فيهما، واستدل الجمهور على عدم وجوب النقض بحديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: "لا".
رواه مسلم، وقد حملوا حديث عائشة على الاستحباب جمعًا بين الروايتين.
نعم إن لم يصل الماء إلا بالنقض وجب.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة.

( قال هشام) أي ابن عروة ( ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة) .
استشكل النووي نفي الثلاثة بأن القارن والمتمتع عليه الدم، وأجابب القاضي عياض بأنها لم تكن قارنة ولا متمتعة لأنها أحرمت بالحج ثم نوت فسخه في عمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت إلى حجها لتعذّر أفعال العمرة وكانت ترفضها بالوقوف فأمرها بتعجيل الرفض، فلما أكملت الحج اعتمرت عمرة مبتدأة وعورض بقولها: وكنت أنا ممن أهل بعمرة، وقولها ولم أهلَّ إلا بعمرة.
وأجيب: بأن هشامًا لما لم يبلغه ذلك أخبر بنفيه ولا يلزم منه نفيه فى نفس الأمر، بل روى جابر أنه عليه الصلاة والسلام أهدى عن عائشة بقرة فافهم.