فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

باب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ
(باب ما جاء) من الأخبار (في صفة الجنة وأنها مخلوقة) وموجودة الآن.

قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: { مُطَهَّرَةٌ} : مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالبُصَاق.
{ كُلَّمَا رُزِقُوا} : أُتُوا بِشَىْءٍ، ثُمَّ أُتُوا بِآخَرَ.
{ قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} : أوتينا مِنْ قَبْلُ.
{ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} : يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَخْتَلِفُ فِي الطعم.
{ قُطُوفُهَا} : يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا { دَانِيَةٌ} : قَرِيبَةٌ.
{ الأَرَائِكُ} : السُّرُرُ.
.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ: النَّضْرَةُ فِي الْوُجُوهِ، وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ.
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { سَلْسَبِيلاً} : حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ.
{ غَوْلٌ} : وَجَعُ الْبَطْنِ.
{ يُنْزَفُونَ} : لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عَبَّاسٍ: { دِهَاقًا} : مُمْتَلِئًا.
{ كَوَاعِبَ} : نَوَاهِدَ.
{ الرَّحِيقُ} : الْخَمْرُ.
{ التَّسْنِيمُ} : يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
{ خِتَامُهُ} : طِينُهُ.
{ مِسْكٌ} { نَضَّاخَتَانِ} : فَيَّاضَتَانِ.
يُقَالُ: { مَوْضُونَةٌ} مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ "وَضِينُ النَّاقَةِ".
وَ"الْكُوبُ" مَالاَ أُذُنَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَ"الأَبَارِيقُ" ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا.
{ عُرُبًا} : مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ "الْعَرِبَةَ" وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ "الْغَنِجَةَ" وَأَهْلُ الْعِرَاقِ "الشَّكِلَةَ".
.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ: { رَوْحٌ} : جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ.
{ وَالرَّيْحَانُ} : الرِّزْقُ.
وَ { الْمَنْضُودُ} : الْمَوْزُ، وَ { الْمَخْضُودُ} : الْمُوقَرُ حَمْلاً، وَيُقَالُ أَيْضًا: لاَ شَوْكَ لَهُ.
وَالْعُرُبُ: الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
وَيُقَالُ: { مَسْكُوبٌ} جَارٍ.
وَ { فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} : بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
{ لَغْوًا} : بَاطِلاً.
{ تَأْثِيمًا} : كَذِبًا.
{ أَفْنَانٌ} أَغْصَانٌ.
{ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} : مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ.
{ مُدْهَامَّتَانِ} : سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ.

(قال أبو العالية) رفيع الرياحي مما وصله ابن أبي حاتم ({ مطهرة} ) [النساء: 57] من قوله تعالى: { ولهم فيها أزواج مطهرة} أي (من الحيض والبول والبزاق) بالزاي ولأبي ذر والبصاق بالصاد وزاد ابن أبي حاتم ومن المني والولد ({ كلما رزقوا} ) [البقرة: 25] أي (أتوا بشيء ثم أتوا بآخر) غيره (قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل) أي (أتينا من قبل) فيقال لهم كلوا فإن اللون واحد والطعم مختلف أو المراد بالقبلية ما كان في الدنيا، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أوتينا بواو بعد الهمزة بمعنى الأعطاء وصوبه السفاقسي والأول بمعنى المجيء (وأتوا به متشابهًا يشبه بعضه بعضًا) في اللون (ويختلف في الطعوم) ولأبي ذر في الطعم بالإفراد.
قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء رواه ابن جرير.

({ قطوفها} ) أي (يقطفون) بكسر الطاء (كيف شاؤوا) رواه عبد بن حميد من طريق إسرائيل
عن أبي إسحاق عن البراء ({ دانية} ) [الحاقة: 23] أي (قريبة) قال الكرماني فإن قلت: كيف فسر القطوف بيقطفون؟ قلت: جعل قطوفها دانية جملة حالية وأخذ لازمها.

({ الأرائك} ) [المطففين: 23] هي (السرر) زاد ابن عباس في الحجال.
(وقال الحسن): البصري أي في قوله تعالى: { ولقاهم نضرة وسرورًا} (النضرة في الوجوه، والسرور في القلب) رواه عبد بن حميد من طريق مبارك بن فضالة عنه.

(وقال مجاهد { سلسبيلا} ) [الإنسان: 18] في قوله تعالى: { عينًا فيها تسمى سلسبيلا} [الإنسان: 18] (حديدة الجرية) بفتح الحاء وبدالين مهملات أي قوية الجرية.
وروي عن مجاهد أيضًا قال: تجري شبيه السيل أي في قوة الجري وعن عكرمة فيما رواه ابن أبي حاتم السلسبيل اسم العين.
({ غول} ) أي (وجع البطن) ولأبي ذر: بطن ({ ينزفون} ) [الصافات: 47] أي (لا تذهب عقولهم).
بل هي ثابتة مع اللذة والطرب.
(وقال ابن عباس: ({ دهاقًا) أي (ممتلئًا) وصله عبد بن حميد من طريق عكرمة عنه.

({ كواعب} ) [النبأ: 33 - 34] قال ابن عباس أي (نواهد).
جمع ناهد وهي التي بدا ثديها وهذا وصله ابن أبي حاتم.
({ الرحيق} ) [المطففين: 25] هو (الخمر).
وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة.
({ التسنيم} ) [المطففين: 27] أي شيء (يعلو شراب أهل الجنة).

وصله عبد بن حميد بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وزاد وهو صرف للمقربين ويمزج لأصحاب اليمين.
({ ختامه} ) [المطففين: 26] أي (طينه مسك) وصله ابن أبي حاتم من طريق مجاهد وعن أبي الدرداء فيما رواه ابن جرير قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها، وقيل: المراد بالختام ما يبقى في أسفل الشراب من الثقل وهذا يدل على أن أنهارها تجري على المسك ولذلك يرسب منه في الإناء في آخر الشراب كما يرسب الطين في آنية الدنيا.
({ نضاختان} ) [الرحمن: 66] أي (فياضتان).
وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (يقال { موضونة} [الواقعة: 15] منسوجة) بالجيم (منه وضين الناقة).
وهو كالحزام للسرج فعيل بمعنى مفعول لأنه مضفور، وقال السدي: مرمولة بالذهب واللؤلؤ، وقال عكرمة: مشبكة بالدر والياقوت.
(والكوب) بضم الكاف من الكيزان (ما لا أذن له ولا عروة، والأباريق ذوات الأذان والعرى) ولأبي ذر ذات بغير واو ({ عربًا} [الواقعة: 37] مثقلة) أي مضمومة الراء (واحدها عروب مثل صبور وصبر)، وزنا (يسميها أهل مكة العربة) بفتح العين وكسر الراء وفتح الموحدة وعند الطبري من طريق تميم بن حذلم العربة الحسنة التبعل كانت العرب تقول إذا كانت المرأة حسنة التبعل أنها العربة (و) يسميها (أهل المدينة الغنجة) بالغين المعجمة المفتوحة والنون المكسورة والجيم المفتوحة وعند ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم
قال: هي الحسنة الكلام (و) يسميها (أهل العراق الشكلة) بفتح الشين المعجمة وكسر الكاف وعن ابن عباس العرب العواشق لأزواجهن وأزواجهن لهن عاشقون.

(وقال مجاهد { روح} جنة ورخاء { والريحان} [الواقعة: 89] (الرزق) أخرجه البيهقي في شعبه ({ والمضود} ) [الواقعة: 29] هو (الموز) رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد ({ والمخضود} ) [الواقعة: 28] هو (الموقر حملاً)، بفتح قاف الموقر وحاء حملاً (ويقال أيضًا) المخضود الذي (لا شوك له).
وقال مجاهد منضود متراكم الثمر يذكر بذلك قريشًا لأنهم كانوا يعجبون من وج وظلاله من طلح وسدر.
وقال السدي: منضود مصفوف، وروى ابن أبي حاتم من حديث الحسن بن سعد عن شيخ من همدان قال: سمعت عليًّا يقول في طلح منضود قال: طلع منضود.
قال ابن كثير: فعلى هذا يكون من وصف السدر وكأنه وصفه بأنه مخضود وهو الذي لا شكو له وأن طلعه منضود وهو كثرة ثمره.

((والعُربُ}
) [الواقعة: 37] بضم العين والراء، ولأبي ذر: والعرب بسكون الراء (المحببات إلى أزواجهن) رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير.
(ويقال { مسكوب} ) [الواقعة: 31] أي (جار) و ({ فرش مرفوعة} [الواقعة: 34] ) أي (بعضها فوق بعض) وصله الفريابي عن مجاهد وقيل العالية وذكر أن ارتفاعها مسيرة خمسمائة عام، وقيل: هي النساء لأن المرأة يكنى عنها بالفراش.
({ لغوّا} ) أي (باطلاً) ({ تأثيمًا} ) [الواقعة: 25] أي (كذبًا) وصله الفريابي عن مجاهد ({ أفنان} ) [الرحمن: 48] أي (أغصان { وجنى الجنتين دان} ) [الرحمن: 54] أي (ما يجتنى قريب) وصله الطبري عن مجاهد ({ مدهامتان} ) أي (سوداوان من الري).
وصله الفريابي عن مجاهد.


[ قــ :3094 ... غــ : 3240 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ.
فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ».

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) اليربوعي الكوفي ونسبه لجده واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث بن سعد) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إذا مات أحدكم فإنه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي) أي فيهما بأن يحيا منه جزء ليدرك ذلك أو العرض على الروح فقط (فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة)، أي فالمعروض عليه من مقاعد أهل الجنة فحذف المبتدأ والمضاف المجرور بمن وأقام المضاف إليه مقامه وحينئذٍ فالشرط والجزاء متغايران لا متحدان (وإن كان من أهل النار فمن أهل النار).
أي فمقعده من مقاعد أهلها يعرض عليه.

وهذا الحديث سبق في باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي من الجنائز.




[ قــ :3095 ... غــ : 341 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ».
[الحديث 341 - أطرافه في: 5198، 6449، 6546] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: ( حدّثنا سلم بن زرير) بفتح السين المهملة وسكون اللام وزرير بفتح الزاي وكسر الراء وبعد التحتية الساكنة راء أخرى العطاردي البصري قال: ( حدّثنا أبو رجاء) بالجيم عمران بن ملحان العطاردي البصري ( عن عمران بن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( اطلعت في الجنة) بتشديد الطاء أي أشرفت ليلة الإسراء أو في المنام لا في صلاة الكسوف ( فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء) أي لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا والإعراض عن الآخرة لنقص عقلهن وسرعة انخداعهن قاله القرطبي.
وقال المهلب: لكفرهن العشير.

وموضع الترجمة قوله اطلعت في الجنة لدلالته على وجودها حالة إطلاعه، والحديث أخرجه أيضًا في الرقاق والنكاح والترمذي في صفة جهنم والنسائي في عشرة النساء والرقاق.




[ قــ :3096 ... غــ : 34 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا.
فَبَكَى عُمَرُ.

     وَقَالَ : أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ"؟.
[الحديث 34 - أطرافه في: 3680، 57، 703، 705] .

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ابن خالد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: بينا) بغير ميم ( نحن عند رسول الله) ولأبوي الوقت وذر عند النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ قال) :
( بينا) بغير ميم ( أنا نائم رأيتني) أي رأيت نفسي ( في الجنة) ورؤيا الأنبياء حق ( فإذا امرأة) هي أم سليم ( تتوضأ) وضوءًا شرعيًّا فيؤوّل بكونها محافظة في الدنيا على العبادة أو لغويًّا لتزداد وضاءة وحسنًا لا لتزيل وسخًا لتنزيه الجنة عنه ( إلى جانب قصر) زاد الترمذي من حديث أنس من ذهب ( فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا) : يحتمل أنه جبريل ومن معه ( لعمر بن الخطاب) زاد في
النكاح فأردت أن أدخله ( فذكرت غيرته) بفتح الغين المعجمة ( فوليت مدبرًا فبكى عمر) لما سمع ذلك سرورًا به أو تشوّقًا إليه ( وقال) عمر -رضي الله عنه-: ( أعليك أغار يا رسول الله) هذا من القلب والأصل أعليها أغار منك.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في مناقب عمر -رضي الله عنه-.




[ قــ :3097 ... غــ : 343 ]
- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلاَثُونَ مِيلاً فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لاَ يَرَاهُمُ الآخَرُونَ».

قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: "سِتُّونَ مِيلاً".
[الحديث 343 - طرفه في: 4879] .

وبه قال: ( حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم وسكون النون الأنماطي السلمي مولاهم البصري قال: ( حدّثنا همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن يحيى بن حبان البصري ( قال: سمعت أبا عمران) عبد الملك بن حبيب ( الجوني) بجيم مفتوحة فواو ساكنة فنون مكسورة فتحتية ( يحدث عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه) عبد الله أبي موسى الأشعري ( أن النبي) ولأبي ذر: عن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الخيمة) هي بيت مربع من بيوت الأعراب ( درة مجوفة) بفتح الواو المشددة ( طولها في السماء ثلاثون ميلاً) الميل ثلاث فرسخ، وللسرخسي والمستملي: در مجوف طوله بالتذكير في الثلاثة على معنى الخيمة وهو الشيء الساتر ( في كل زاوية منها) أي من الخيمة ( للمؤمن أهل) ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني: من أهل ( لا يراهم الآخرون) .
وهذا الحديث أخرجه في تفسير سورة الرحمن ومسلم والترمذي في صفة الجنة والنسائي في التفسير.

( قال أبو عبد الصمد) عبد العزيز بن عبد الصمد العمي فيما وصله في سورة الرحمن ( والحرث بن عبيد) بضم العين مصغرًا من غير إضافة لشيء ابن قدامة الأيادي بفتح الهمزة وتخفيف التحتية فيما وصله مسلم كلاهما ( عن أبي عمران) الجوني ( ستون ميلاً) .
لكن الذي في الرحمن بلفظ عرضها فليتأمل.




[ قــ :3098 ... غــ : 344 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ".
[الحديث 344 - أطرافه 4779، 4780، 7498] .

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال:
(حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(قال الله) عز وجل: (أعددت لعبادي الصالحين) في الجنة (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) بتنوين عين وأذن والذي في اليونينية بفتحهما (ولا خطر على قلب بشر) في قوله: أعددت دليل على أن الجنة مخلوقة، وقول الطيبي: إن تخصيص البشر لأنهم الذين ينتفعون بما أعدّ لهم ويهتمون بشأنه بخلاف الملائكة معارض بما زاده ابن مسعود في حديثه المروي عند ابن أبي حاتم ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل (فاقرؤوا إن شئتم) هو قول أبي هريرة كما في سورة السجدة ({ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ) (السجدة: 17] قال الزمخشري: لا تعلم النفوس كلهن ولا نفس واحدة منهن لا ملك مقرب ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب ادّخره لأولئك وأخفاه عن جميع خلائقه لا يعلمه إلا هو مما تقر به عيونهم ولا مزيد على هذه العدة ولا مطمح وراءها اهـ.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في سورة السجدة وكذا الترمذي.




[ قــ :3099 ... غــ : 345 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ.
آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ.
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ.
لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا».
[الحديث 345 - أطرافه في: 346، 354، 337] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي المجاور بمكة قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: ( أخبرنا معمر) هو ابن راشد البصري الأزدي ( عن همام بن منبه) بكسر الموحدة المشدّدة الصنعاني أخي وهب ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أوّل زمرة) أي جماعة ( تلج الجنة) تدخلها ( صورتهم على صورة القمر ليلة البدر) في الإضاءة والحسن ( لا يبصقون) بالصاد ( فيها) أي في الجنة ( ولا يمتخطون ولا يتغوّطون) زاد جابر في حديثه المروي في مسلم طعامهم ذلك جشاء كريح المسك وزاد المؤلّف في صفة آدم ولا يبولون، وفي الرواية الثانية لا يسقمون ففيه سلب صفات النقص عنهم ( آنيتهم فيها) أي في الجنة ( الذهب) زاد في الثانية: والفضة ( أمشاطهم من الذهب والفضة) يمتشطون بها لا لاتساخ شعورهم بل للتلذذ ( ومجامرهم) بفتح الميم الأولى ( الألوّة) بفتح الهمزة وتضم وبضم اللام وتشديد الواو، وحكي كسر الهمزة وتخفيف الواو وفى اليونينية وتسكن اللام.

قال الأصمعي: أراها فارسية عربت العود الهندي الذي يتبخر به أو المراد عود مجامرهم الألوة، ويؤيده الرواية الآتية قريبًا إن شاء الله تعالى وقود مجامرهم الألوة لأن المراد الجمر الذي يطرح عليه واستشكل بأن العود إنما يفوح ريحه بوضعه في النار والجنة لا نار فيها.
وأجيب: باحتمال أن يكون في الجنة نار لا تسلط لها على الاحراق إلا إحراق ما يتبخر به خاصة ولم يخلق الله فيها قوة يتأذى بها من يمسها أصلاً أو يستعمل العود بغير نار وإنما سميت مجمرة باعتبار ما كان في الأصل أو يفوح بغير استعمال.

( ورشحهم المسك) أي عرقهم كالمسك في طيب ريحه ( ولكل واحد منهم زوجتان) من نساء الدنيا والتثنية بالنظر إلى أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان، وقيل بالنظر إلى قوله تعالى: { جنتان} و { عينان} فليتأمل.
ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى من طريق عبد الرحمن بن عمرة عن أبي هريرة: لكل امرئ زوجتان من الحور العين.

وعند الفريابي عن أبي أمامة عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ما من عبد يدخل الجنة إلا ويزوّج اثنتين وسبعين زوجة اثنتين من الحور وسبعين من أهل ميراثه من أهل الدنيا ليس منهن امرأة إلا لها قُبُل شهيّ وله ذكر لا ينثني" وفيه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الدمشقي، وهاه ابن معين وقال: ليس بشيء.
وقال النسائي ثقة.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وذكر له ابن عدي هذا الحديث مما أنكر عليه.

وعند أبي نعيم عن أنس قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "للمؤمن في الجنة ثلاث وسبعون زوجة" فقلنا يا رسول الله أوله قوة ذلك؟ قال: "إنه ليعطى قوة مائة".
وفيه أحمد بن حفص السعدي له مناكير والحجاج بن أرطأة.

قال ابن القيم: والأحاديث الصحيحة إنما فيها أن لكل منهم زوجتين وليس في الصحيح زيادة على ذلك، فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين، وإما أن يراد أنه يعطى قوّة من يجامع هذا العدد ويكون هذا هو المحفوظ فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال: له كذا وكذا زوجة، ويحتمل أن يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات.
قال: ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
"إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلاً للعبد المؤمن فيها أهلون يطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضًا" وقوله: زوجتان بتاء التأنيث قد تكررت في الحديث والأشهر تركها وأنكرها الأصمعي فذكر له قول الفرزدق:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ... لساع إلى أسد الشرى يستنيلها
فسكت ولم يحر جوابًا.

( يرى) بضم أوله مبنيًا للمفعول ( مخ سوقهما) بضم الميم وتشديد الخاء المعجمة والرفع مفعولاً ناب عن فاعله ما في داخل العظم ( من وراء اللحم) والجلد ( من الحسن) والصفاء البالغ ورقة البشرة ونعومة الأعضاء.
وفي حديث أبي سعيد المروي عند أحمد ينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة.
وفي حديث ابن مسعود عند ابن حبان في صحيحه مرفوعًا: "إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها" وذلك أن الله تعالى يقول: { كأنهن الياقوت والمرجان} [الرحمن: 58] فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكًا ثم استصفيته لرأيته من ورائه، ولأبي ذر: يرى مبنيًّا للفاعل مخ سوقهما بنصب مخ على المفعولية ( لا اختلاف بينهم) بين أهل الجنة ( ولا تباغض) لصفاء قلوبهم ونظافتها من الكدورات ( قلوبهم قلب واحد) ، أي كقلب واحد، ولأبي ذر عن الكشميهني: قلب رجل واحد ( يسبحون الله) متلذذين به لا متعبدين ( بكرة وعشيًّا) نصب على الظرفية أي مقدارهما يعلمون ذلك قيل بستارة تحت العرش إذا نشرت يكون النهار لو كانوا في الدنيا، وإذا طويت يكون الليل لو كانوا فيها أو المراد الديمومة كما تقول العرب: أنا عند فلان صباحًا ومساء لا بقصد الوقتين المعلومين بل الديمومة قاله في شرح المشكاة.
وفي حديث جابر عند مسلم يلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس وحينئذٍ فلا كلفة عليهم في ذلك وذلك لأن قلوبهم تنورت بمعرفة ربهم تعالى وامتلأت بحبه.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في صفة الجنة أيضًا.




[ قــ :3100 ... غــ : 346 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ: كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ.
يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا.
لاَ يَسْقَمُونَ، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبْصُقُونَ.
آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، ووَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ -قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: يَعْنِي الْعُودَ- وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ».

قَالَ مُجَاهِدٌ: الإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِيُّ مَيْلُ الشَّمْسِ إلى أَنْ -أَرَاهُ- تَغْرُبَ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: ( حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( أول زمرة) جماعة ( تدخل الجنة على صورة القمر) في الإضاءة والحسن ( ليلة البدر والذين) يدخلون الجنة ( على إثرهم) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، ولأبي ذر: أثرهم بفتحهما أي عقبهم أي بعدهم ( كأشد كوكب إضاءة) بأفراد المضاف إليه ليفيد الاستغراق في هذا النوع من الكواكب يعني
إذا انقضت كوكبًا كوكبًا رأيتهم كأشده إضاءة قاله في شرح المشكاة ( قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض) تفسير لقوله قلوبهم على قلب رجل واحد.

( لكل امرء منهم زوجتان) .
وفي حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعًا في صفة أدنى أهل الجنة منزلة وإن له من الحور لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا.
ولمسلم من حديث أبي سعيد في صفة الأدنى أيضًا ثم تدخل عليه زوجتاه ( كل واحدة منهما يرى مخ ساقها) ولأبي ذر يرى مبنيًّا للفاعل مخ ساقها ( من وراء اللحم من الحسن) تتميم صونًا من توهم ما يتصوّر في تلك الرؤية مما ينفر عنه الطبع ( يسبحون الله) متلذذين بالتسبيح ( بكرة وعشيًّا) أي في مقدارهما إذ لا بكرة ثمة ولا عشية إذ لا طلوع ولا غروب ( لا يسقمون) إذ هي دار صحة لا سقم ( ولا يمتخطون ولا يبصقون) لكمالهم فليس لهم فضلة تستقذر ( آنيتهم الذهب والفضة) في الطبراني بإسناد قوي من حديث أنس مرفوعًا إن أدنى أهل الجنة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب والأخرى من فضة.
( وأمشاطهم الذهب) وفي الأولى من الذهب والفضة ( وقود مجامرهم الألوة) بفتح الهمزة وضم اللام وبضم فسكون وتشديد الواو ولأبي ذر: ووقود بزيادة واو العطف.
( قال أبو اليمان) الحكم بن نافع ( يعني) بالألوة ( العود) الذي يتبخر به ( ورشحهم المسك) .

( وقال مجاهد) فيما وصله الطبري ( الإبكار) بكسر الهمزة ( أول الفجر، والعشي ميل الشمس أن تراه) ولأبي ذر: إلى أن أراه بضم الهمزة أي أظنه ( تغرب) .
الشمس.




[ قــ :3101 ... غــ : 347 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا -أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ- لاَ يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وَجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ».
[الحديث 347 - طرفاه في: 6543، 6554] .

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي) بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة قال: ( حدّثنا فضيل بن سليمان) النميري بالنون المضمومة مصغرًا ( عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج المدني ( عن سهل بن سعد) الساعدي ( -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( ليدخلن من أمتي) الجنة ( سبعون ألفًا أو سبعمائة ألف) زاد في الرقاق من طريق سعيد بن أبي مريم عن أبي غسان عن أبي حازم شك في أحدهما ولمسلم من طريق عبد العزيز بن محمد عن أبي حازم لا يدري أبو حازم أيهما.

وفي حديث ابن عباس في الرقاق وصفهم بأنهم كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون.

وفي حديث أبي أمامة عند الترمذي مرفوعًا "وعدني ربي أن يدخل من أمتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عقاب مع كل ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل" والمراد بالمعية في قوله: مع كل ألف سبعون ألفًا مجرد دخولهم الجنة بغير حساب وإن دخلوها في الزمرة الثانية أو التي بعدها.

وفي حديث جابر عند الحاكم والبيهقي في البعث مرفوعًا "من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب، ومن استوت حسناته وسيئاته فذاك الذي يحاسب حسابًا يسيرًا، ومن أوبق نفسه فهو الذي يشفع فيه بعد أن يعذب".

وفي التقييد بقوله أمتي إخراج غير الأمة المحمدية من العدد المذكور.
فإن قلت: هذا معارض بحديث أبي برزة الأسلمي مرفوعًا عند مسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيمَ أفناه وعن جسده فيمَ أبلاه وعن علمه ما عمل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه" إذ هو عام لأنه نكرة في سياق النفي.
أجيب: بأنه مخصوص بمن يدخل الجنة بغير حساب ومن يدخل النار من أول وهلة وزاد في رواية أبي غسان متماسكين آخذًا بعضهم ببعض.

( لا يدخل أولهم) الجنة ( حتى يدخل آخرهم) بأن يدخلوا صفًا واحدًا دفعة واحدة ( وجوههم على صورة القمر ليلة البدر) ليس فيه نفي دخول أحد من هذه الأمة المحمدية على الصفة المذكورة من الشبه بالقمر والجملة حالية بدون الواو.




[ قــ :310 ... غــ : 348 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ -رضي الله عنه- قَالَ: "أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد الجعفي) المسندي قال: ( حدّثنا يونس بن محمد) المؤدب البغدادي قال: ( حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي ( عن قتادة) بن دعامة أنه ( قال: حدّثنا أنس -رضي الله عنه- قال: أهدي) بضم الهمزة ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبة سندس) برفع جبة نائبًا عن الفاعل، والسندس: ما رق من الديباج وهو ما ثخن وغلظ من ثياب الحرير وكان الذي أهداها أكيدر دومة ( وكان) عليه الصلاة والسلام ( ينهى عن) استعمال ( الحرير فعجب الناس منها) أي من الجبة زاد في اللباس فقال: أتعجبون من هذا؟ قلنا: نعم ( فقال) :
( والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا) .
الثوب.




[ قــ :3103 ... غــ : 349 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا
يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا".
[الحديث 349 - أطرافه في: 380، 5836، 6640] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدّد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان ( عن سفيان) بن عيينة أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ( قال: سمعت البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: أتي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بثوب من حرير فجعلوا) يعني الصحابة ( يعجبون من حسنه ولينه فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا) قال الخطابي: إنما ضرب المثل بالمناديل لأنها ليست من علية الثياب بل تبتذل في أنواع من المرافق فيمسح بها الأيدي وينفض بها الغبار عن البدن، ويغطى بها ما يهدى في الأطباق، وتتخذ لفافًا للثياب فصار سبيلها سبيل الخادم وسبيل سائر الثياب سبيل المخدوم، فإذا كان أدناها هكذا فما ظنك بعليتها؟.