فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: وكالة الشاهد والغائب جائزة

باب وَكَالَةُ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ جَائِزَةٌ
وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قَهْرَمَانِهِ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ أَهْلِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( وكالة الشاهد) أي الحاضر ( والغائب جائزة وكتب عبد الله بن عمرو) هو ابن العاصي ( إلى قهرمانه) بفتح القاف والراء بينهما هاء ساكنة خازنه القائم بقضاء حوائجه ولم يعرف اسمه ( وهو) أي والحال أنه ( غائب عنه) أي عن عبد الله ( أن يزكي) بالزاي ( عن أهله الصغير والكبير) زكاة الفطر.


[ قــ :2210 ... غــ : 2305 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً".
[الحديث 2305 - أطرافه في: 2306، 2390، 2392، 2393، 2401، 2606، 2609] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن سلمة) ولأبوي ذر والوقت: زيادة ابن كهيل بضم الكاف وفتح الهاء ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة

-رضي الله عنه-)
أنه ( قال: كان لرجل على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمل) له ( سن) معين ( من الإبل فجاءه) أي جاء الرجل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يتقاضاه) أي يطلب أن يقضيه الجمل المذكور ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( أعطوه) بفتح الهمزة زاد في الباب اللاحق سنًّا مثل سنّه، وفيه جواز توكيل الحاضر بالبلد بغير عذر وهو مذهب الجمهور ومنعه أبو حنيفة إلا بعذر مرض أو سفر أو برضا الخصم، واستثنى مالك من بينه وبين الخصم عداوة.

وهذا موضع الترجمة لأن هذا توكيد منه عليه الصلاة والسلام لمن أمره بالقضاء عنه، ولم يكن عليه الصلاة والسلام مريضًا ولا غائبًا، وأما قول الحافظ ابن حجر: وموضع الترجمة منه لوكالة الحاضر واضح وأما لغائب فيستفاد منه بطريق الأولى، فتعقبه العيني بأنه ليس فيه شيء يدل على حكم الغائب فضلاً عن الأولوية.
وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن وجه الأولوية أن وكالة الحاضر إذا جازت مع إمكان مباشرة الموكل بنفسه فجوازها للغائب مع الاحتياج إليه أولى فمن لا يدرك هذا القدر كيف يتصدى للاعتراض.

( فطلبوا سنّه فلم يجدوا له إلا سنًّا فوقها) والمخاطب بذلك أبو رافع مولى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما أخرجه مسلم من حديثه ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( أعطوه فقال) الرجل له عليه الصلاة والسلام ( أوفيتني) أي أعطيتني وافيًا ( أوفى الله بك) وحرف الجر في المفعول زائد للتوكيد لأن الأصل أن يقول أوفاك الله ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن خياركم أحسنكم قضاء) نصب على التمييز وأحسنكم خبر لقوله خياركم.
لكن استشكل كون المبتدأ بلفظ الجمع والخبر بالإفراد والأصل التطابق بين المبتدأ والخبر في الإفراد وغيره.

وأجيب: باحتمال أن يكون مفردًا بمعنى المختار وحينئذ فالمطابقة حاصلة أو أن أفعل التفضيل المضاف المقصود به الزيادة يجوز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له، والمراد الخيرية في المعاملات أو أن من مقدرة كما في الرواية الأخرى.

وفي هذا الحديث رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه أيضًا في الاستقراض والوكالة والهبة ومسلم في البيوع وكذا الترمذي والنسائي، وأخرجه ابن ماجة في الأحكام.