فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حجة الوداع: ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت) وجواب لو في الحديث اللاحق.


[ قــ :6840 ... غــ : 7229 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِى عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ.
مَا سُقْتُ الْهَدْىَ وَلَحَلَلْتُ مَعَ النَّاسِ حِينَ حَلُّوا».

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير بضم الموحدة وفتح الكاف أبو زكريا المصري قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة) -رضي الله عنها- ولأبي ذر عن عروة عن عائشة أنها ( قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لو استقبلت من أمري ما استدبرت) وما موصول والعائد محذوف أي الذي استدبرته والمعنى لو علمت في أول الحال ما علمت آخرًا من جواز العمرة في أشهر الحج وجواب لو قوله: ( ما سقت) معي ( الهدي) أي ما قرنت أو ما أفردت ( ولحللت) أي لتمتعت ( مع الناس حين حلّوا) لأن صاحب الهدي لا يمكن له الإحلال حتى يبلغ الهدي محله وقال ذلك صلوات الله وسلامه عليه تطييبًا لقلوبهم لأنه يشق عليهم أن يحلوا ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محرم.

ومباحث ذلك مرت في الحج.




[ قــ :6841 ... غــ : 730 ]
- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَبَّيْنَا بِالْحَجِّ وَقَدِمْنَا مَكَّةَ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ، فَأَمَرَنَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَلْنَحِلَّ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْىٌ غَيْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطَلْحَةَ وَجَاءَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ مَعَهُ الْهَدْىُ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: أَنَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنِّى لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِى الْهَدْىَ لَحَلَلْتُ».
قَالَ: وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهْوَ يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَنَا هَذِهِ خَاصَّةً؟ قَالَ: «لاَ بَلْ لأَبَدٍ».
قَالَ:
وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهْىَ حَائِضٌ فَأَمَرَهَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَنْسُكَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لاَ تَطُوفُ وَلاَ تُصَلِّى حَتَّى تَطْهُرَ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْطَلِقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ؟ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ عُمْرَةً فِى ذِى الْحَجَّةِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَجِّ.

وبه قال: ( حدّثنا الحسن بن عمر) بضم العين ابن شقيق الجرمي بفتح الجيم البصر نزيل الري قال: ( حدّثنا يزيد) من الزيادة ابن زريع البصري ( عن حبيب) بفتح الحاء المهملة وكسر الموحدة الأولى ابن أبي قريبة أبي محمد المعلم البصري ( عن عطاء) أي ابن أبي رباح ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- أنه ( قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في حجة الوداع ( فلبينا بالحج) مفردًا ( وقدمنا مكة لأربع خلون من ذي الحجة فأمرنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نطوف بالبيت) بضم الطاء وسكون الواو ( وبالصفا والمروة وأن نجعلها) أي الحجة ( عمرة) وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة ( ولنحل) بسكون اللام وفتح النون وكسر الحاء المهملة من العمرة ولأبي ذر ونحل ( إلا من كان معه هدي) استثناء من قوله فأمرنا وسقط لغير الحموي لفظ كان ( قال) جابر: ( ولم يكن مع أحد منا هدي غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلحة) بنصب غير على الاستثناء لغير أبي ذر وجرها صفة لأحد لأبي ذر وطلحة هو ابن عبيد الله أحد العشرة ( وجاء علي) هو ابن أبي طالب -رضي الله عنه- ( من اليمن معه الهدي) فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بما أهللت"؟ ( فقال: أهللت بما أهلّ به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا) أي المأمورون أن يجعلوها عمرة ( ننطلق) ولأبي ذر عن الكشميهني أننطلق ( إلى منى) بالتنوين ( وذكر أحدنا يقطر) منيًّا لقربهم من الجماع وحالة الحج تنافي الترفه وتناسب الشعث فكيف يكون ذلك ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما بلغه ذلك:
( إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي لو كنت الآن مستقبلاً زمن الأمر الذي استدبرته ( ما أهديت) ما سقت الهدي ( ولولا أن معي الهدي لحللت) إذ وجوده مانع من فسخ الحج إلى العمرة والتحلل منها ( قال) جابر ( ولقيه) عليه الصلاة والسلام ( سراقة) بن مالك بن جعشم الكناني بالنونين ( وهو يرمي جمرة العقبة فقال: يا رسول الله ألنا هذه خاصة؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا بل لأبدٍ) بالتنوين، ولأبي ذر عن الكشميهني للأبد بزيادة لام أوله ( قال) جابر ( وكانت عائشة) -رضي الله عنها- ( قدمت مكة) ولأبي ذر عن الكشميهني معه مكة ( وهي حائض فأمرها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تنسك) بفتح الفوقية وضم السين بينهما نون ساكنة ( المناسك كلها) أي تأتي بأفعال الحج كلها ( غير أنها لا تطوف) بالبيت ولا بين الصفا والمروة ( ولا تصلي حتى تطهر فلما نزلوا البطحاء) وهو المحصب وطهرت وطافت ( قالت عائشة: يا رسول الله أتنطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بحجة) ولأبي ذر عن الكشميهني بحج مفرد من غير عمرة ( قال: ثم أمر) عليه الصلاة والسلام أخاها ( عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق) -رضي الله عنه- ( أن ينطلق معها إلى التنعيم) لتعتمر منه ( فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام الحج) .

وسبق الحديث في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت من كتاب الحج.