فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها

باب الآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا
( باب) حكم ( الآبار) التي حفرت ( على الطرق) ولأبي ذر: على الطريق بالإفراد ( إذا لم يتأذّ بها) أحد من المارة وفي اليونينية بضم تحتية يتأذّ والآبار جمع بئر مؤنثة وهو بهمزة مفتوحة ساكنة ثم همزة مفتوحة.
قال في الصحاح: ومن العرب: يقلب الهمزة فيقول آبار بمد الهمزة وفتح الموحدة، وبه ضبط في البخاري وهذا جمع قلة كأبؤر وأبور بالهمز وتركه فإذا كثرت جمعت على بئار والأبّار حافرها.


[ قــ :2361 ... غــ : 2466 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام الأعظم ( عن سمي) بضم المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية ( مولى أبي بكر) أي ابن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام ( عن أبي صالح) ذكوان ( السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي) ولأبي ذر أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينا) ولأبي ذر: بينما بالميم ( رجل) لم يسم ( بطريق) وفي رواية الدارقطني في الموطآت من طريق ابن وهب عن مالك يمشي بطريق مكة ( اشتد) ولأبي ذر فاشتد بزيادة الفاء ( عليه العطش) والفاء في موضع إذا ( فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب ثم خرج) منها ( فإذا كلب يلهث) بالمثلثة أي يرتفع نفسه بين أضلاعه أو يخرج لسانه من العطش حال كونه ( يأكل الثرى) بالمثلثة المفتوحة الأرض الندية ( من العطش) ويجوز أن يكون قوله يأكل الثرى خبرًا ثانيًا ( فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب) بالنصب على المفعول به ( من العطش مثل الذي كان بلغ منى) برفع مثل فاعل بلغ ( فنزل البئر فملأ
خفّه ماء)
ولابن حبان خفّيه بالتثنية ( فسقى الكلب) بعد أن خرج من البئر حتى روي ( فشكر الله له) أثنى عليه أو قبل عمله ( فغفر له) الفاء للسببية أي بسبب قبول عمله غفر الله له ( قالوا) أي الصحابة ومنهم سراقة بن مالك بن جعشم كما عند أحمد وغيره ( يا رسول الله) الأمر كما قلت ( وإن لنا في) سقي ( البهائم لأجرًا؟ فقال) عليه الصلاة والسلام ( في) إرواء ( كل ذات كبد رطبة) برطوبة الحياة من جميع الحيوانات المحترمة ( أجر) أي أجر حاصل في الإرواء المذكور فأجر مبتدأ قدم خبره.

وفي الحديث جواز حفر الآبار في الصحراء لانتفاع عطشان وغيره بها.

فإن قلت: كيف ساغ مع مظنة الاستضرار بها بساقط بليل أو وقوع بهيمة أو نحوها فيها؟ أجيب: بأنه لما كانت المنفعة أكثر ومتحققة والاستضرار نادرًا ومظنونًا غلب الانتفاع وسقط الضمان فكانت جبارًا فلو تحققت المضرة لم يجز وضمن الحافر.

وهذا الحديث قد سبق في باب سقي الماء من كتاب الشرب.