فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة

باب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ فَهْوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا وقف) شخص ( أرضًا و) الحال أنه ( لم يبين الحدود) التي لها ( فهو جائز) إذا كانت الأرض مشهورة متميزة بحيث لا تلتبس بغيرها ( وكذلك الصدقة) أي الوقف بلفظ الصدقة.


[ قــ :2643 ... غــ : 2769 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَىَّ بِيرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ -أَوْ رَايِحٌ-، شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ -وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ.
قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ".

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ «رَايِحٌ».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري ( أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: كان أبو طلحة) الأنصاري ( أكثر أنصاري) أي أكثر كل واحد من الأنصار.
قال الكرماني: إذا أريد التفضيل أضيف إلى المفرد النكرة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أكثر الأنصار ( بالمدينة مالاً) نصب على التمييز ( من نخل) حرف الجر للبيان ( وكان أحب ماله إليه بيرحاء) بفتح الموحدة وكسرها وسكون التحتية وضم الراء وفتحها آخره همزة مصروف وغير مصروف، وعند أبي ذر بالقصر من غير همز.
قال في المشارق: ورواية الأندلسيين والمغاربة بضم الراء في الرفع وفتحها في النصب وكسرها في الجر مع الإضافة إلى حاء وحاء على لفظ الحاء من حروف المعجم، وكذا وجدته بخط الأصيلي.
قال الباجي: وأنكر أبو ذر الضم والإعراب في الراء وقال إنما هي بفتح الراء في كل حال.
قال الباجي: وعليه أدركت أهل العلم بالمشرق وقال لي أبو عبد الله الصوري إنما هي بفتح الباء والراء في كل حال واختلف في حاء هل هي اسم رجل أو امرأة أو مكان أضيفت إليه البئر أو كلمة زجر للإبل فكأن الإبل كانت ترعى هناك وتزجر بهذه اللفظة فأضيفت البئر إلى اللفظة المذكورة ( مستقبلة المسجد، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدخلها) زاد عبد العزيز ويستظل فيها ( ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس: فلما نزلت { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن الله) عز وجل ( يقول { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء) بفتح الموحدة وكسرها وسكون التحتية وفتح الراء وضمها آخره همزة مصروف ولأبي ذر غير مصروف ( وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها حيث أراك الله فقال) عليه الصلاة والسلام:
( بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة من غير تكرير ومعناه تفخيم الأمر والأعجاب به ( ذلك مال رابح) بالموحدة ( أو رايح) بالتحتية ( شك ابن مسلمة) عبد الله القعنبي ( وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين قال) ولأبي ذر فقال ( أبو طلحة أفعل ذلك يا رسول الله) بضم لام
أفعل على أنه من قول أبي طلحة وسقط لأبي ذر لفظة ذلك ( فقسمها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه) وفي رواية ثابت السابقة فجعلها لحسان وأبي، وفي رواية الماجشون السابقة أيضًا فجعلها أبو طلحة في ذوي رحمه وكان منهم حسان وأُبي بن كعب وهو يدل على أنه أعطى غيرهما أيضًا وسقط لأبي ذر لفظة من قوله وفي بني عمه.

( وقال إسماعيل) هو ابن أبي أويس فيما وصله في التفسير ( وعبد الله بن يوسف) هو التنيسي فيما وصله في الزكاة ( ويحييان بن يحيى) بن بكير أبو زكريا التميمي الحنظلي فيما وصله في الوكالة الثلاثة في روايتهم ( عن مالك) الإمام ( رايح) .
بالمثناة التحتية.




[ قــ :644 ... غــ : 770 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما-: "أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنَّ لِي مِخْرَافًا، فَأَنَا أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( محمد بن عبد الرحيم) المشهور بصاعقة قال: ( أخبرنا روح بن عبادة) بفتح الراء وعبادة بضم العين وتخفيف الموحدة ابن العلاء البصري قال: ( حدّثنا زكريا بن إسحاق) المكي الثقة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن دينار عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلاً) هو سعد بن عبادة ( قال لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن أمه توفيت) زاد في رواية يعلى بن مسلم عن عكرمة وهو غائب عنها ( أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال) عليه الصلاة والسلام:
( نعم) ينفعها ( قال) سعد ( فإن لي مخرافًا) بالألف قال الدمياطي وصوابه مخرفًا بحذفها وهو البستان ( وأشهدك) ولأبي ذر: فأنا أشهدك ( أني قد تصدقت عنها) ولأبي ذر به عنها.