فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قوله: {قال: بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل} [يوسف: 18] "

باب قَوْلِهِ: { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: 18] سَوَّلَتْ: زَيَّنَتْ
( باب قوله) تعالى: ( { قال} ) أي يعقوب لبنيه ( { بل سوّلت} ) قبل هذه الجملة جملة محذوفة تقديرها لم يأكله الذئب بل سوّلت ( { لكم أنفسكم أمرًا} ) في شأنه ( { فصبر جميل} ) [يوسف: 18] مبتدأ حذف خبره أي صبر جميل أمثل بي أو خبر حذف مبتدؤه أي أمري صبر جميل وروي مرفوعًا الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه فمن بث لم يصبر ويدل له { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} [يوسف: 86] ودل قوله جميل على أن الصبر قسمان.

جميل وهو أن يعرف أن منزل ذلك البلاء هو الله تعالى المالك الذي لا اعتراض عليه في تصرفه فيستغرق قلبه في هذا المقام ويكون مانعًا له من الشكاية.

وغير الجميل هو الصبر لسائر الأغراض لا لأجل الرضا بقضاء الله سبحانه وثبت قوله فصبر جميل لأبي ذر وقوله باب ولفظ قوله له عن المستملي وسقط لغيره { سوّلت} ( زينت) وسهلت قاله ابن عباس.


[ قــ :4435 ... غــ : 4690 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ» قُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ لاَ أَجِدُ مَثَلاً إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] وَأَنْزَلَ اللَّهُ: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وسقط ابن سعد لأبي ذر ( عن صالح) هو ابن كيسان ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال) المؤلّف: ( وحدّثنا الحجاج) بن منهال السلمي الأنماطي البصري قال: ( حدّثنا عبد الله بن عمر النميري) بضم النون مصغرًا لنمر الحيوان المشهور قال ( حدّثنا يونس بن يزيد الأيلي) بفتح الهمزة وسكون التحتية ( قال سمعت الزهري) بن شهاب يقول ( سمعت عروة بن الزبير) بن العوّام ( وسعيد بن المسيب) بفتح التحتية وقد تكسر ( وعلقمة بن وقاص) الليثي ( وعبيد الله بن عبد الله) بضم العين في الأول ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة ( عن حديث عائشة) -رضي الله عنها- ( زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال لها أهل الإفك) مسطح وحمنة وحسان وعبد الله بن أبي وزيد بن رفاعة وغيرهم ( ما قالوا) من أبلغ ما يكون من الافتراء والكذب وسقط لأبي ذر ما قالوا ( فبرأها الله) تعالى من ذلك بما أنزله في سورة النور قال الزهري ( كل حدثني طائفة من الحديث) أي بعضًا منه ولا يضر عدم التعيين إذ كل ثقة حافظ ( قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لعائشة بعد أن أفاض الناس في قول أصحاب الإفك كما بسط في غير ما موضع كباب تعديل النساء بعضهن بعضًا وعقب غروة أنمار.

( إن كنت بريئة) مما نسب إليك ( فسيبرئك الله) تعالى منه ( وإن كنت ألممت بذنب) أي أتيته من غير عادة ( فاستغفري الله وتوبي إليه) منه.
قالت عائشة: ( قلت إني والله لا أجد مثلاً) وفي الشهادات: لا أجد لي ولكم مثلاً ( إلا أبا يوسف) يعقوب عليهما الصلاة والسلام إذ قال: ( { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ) وكأنها من شدة كربها لم تتذكر اسم يعقوب ( وأنزل الله) عز وجل: ( { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} العشر الآيات) من سورة النور وسقط لغير أبي ذر: { عصبة منكم} .




[ قــ :4436 ... غــ : 4691 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا وَعَائِشَةُ أَخَذَتْهَا الْحُمَّى فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ» قَالَتْ: نَعَمْ، وَقَعَدَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: مَثَلِي
وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] .

وبه قال: ( حدّثنا موسى) هو ابن إسماعيل المنقري قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري ( عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( مسروق بن الأجدع) بالجيم والدال والعين المهملتين ( قال: حدّثتني) بالإفراد أيضًا ( أم رومان) بضم الراء وتفتح بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس.

قال الحافظ أبو نعيم: بقيت بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دهرًا طويلاً وفيه تأييد لتصريحه بسماع مسروق منها فيكون الحديث متصلاً، وأما قول ابن سعد أنها توفيت سنة ست ونزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبرها، وقول الخطيب أن مسروقًا لم يسمع منها فقال الحافظ ابن حجر: الراجح أن مستند قائل ذلك إنما هو ما روي عن علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف أن أم رومان ماتت سنة ست، وقد نبه البخاري في تاريخيه الأوسط والصغير على أنها رواية ضعيفة فقال في فضل من مات في خلافة عثمان.
قال علي بن زيد عن القاسم: ماتت أم رومان في زمن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنة ست.
قال البخاري: وفيه نظر وحديث مسروق أسند أي أصح إسنادًا، وقد جزم إبراهيم الحربي الحافظ بأن مسروقًا إنما سمع من أم رومان في خلافة عمر فقد ظهر أن الذي وقع في الصحيح هو الصواب.

( وهي أم عائشة) رضي الله تعالى عنهما ( قالت: بينا) بغير ميم ( أنا وعائشة أخذتها الحمى) في أحاديث الأنبياء بينا أنا مع عائشة جالسة إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار وهي تقول فعل الله بفلان وفعل بفلان قالت فقلت لم؟ قالت: إنه نمي ذكر الحديث، فقالت عائشة: أي حديث فأخبرتها قالت: فسمعه أبو بكر -رضي الله عنه- ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: نعم فخرت مغشيًا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( لعل) الذي حصل لها ( في حديث) أي من أجل حديث ( تحدث) به في حقها وهو حديث الإفك وتحدث بضم أوّله مبنيًّا للمفعول ( قالت) أم رومان ( نعم وقعدت عائشة قالت: مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه { بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ) أي صفتي كصفة يعقوب عليه الصلاة والسلام حيث صبر صبرًا جميلاً وقال: والله المستعان، وسقط قوله: { بل سوّلت لكم أنفسكم إلى جميل} لغير أبي ذر.