فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم)

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}
(باب قول الله تعالى: ({ والذين عاقدت أيمانكم} ) مبتدأ ضمن معنى الشرط فوقع خبره مع الفاء وهو قوله: ({ فآتوهم نصيبهم} ) [النساء: 33] ويجوز أن يكون منصوبًا على قولك زيدًا فاضربه ويجوز أن يعطف على الولدان ويكون الضمير في فآتوهم للموالي، والمراد بالذين عاقدت أيمانكم موالي الموالاة كان الرجل يعاقد الرجل فيقول دمي دمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عني وأعقل عنك فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف فنسخ بقوله تعالى: { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} [الأحزاب: 6] ووجه دخول هذا الباب هنا كما قاله ابن المنير أن الحلف كان في أول الإسلام يقتضي استحقاق الميراث فهو مال أوجبه عقد التزام على وجه التبرع فلزم وكذلك الكفالة إنما هي التزام مال بغير عوض تطوّعًا فلزم.


[ قــ :2198 ... غــ : 2292 ]
- حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ، لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْ.


ثُمَّ قَالَ: { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلاَّ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ -وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ- وَيُوصِي لَهُ".
[الحديث 2292 - طرفاه في: 4580، 6747] .

وبه قال (حدّثنا الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام آخره مثناة فوقية ابن عبد الرحمن الخاركي بخاء معجمة البصري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن إدريس) بن يزيد من الزيادة ابن عبد الرحمن الأودي بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة (عن طلحة بن مصرف) بكسر الراء المشددة ابن عمرو بن كعب اليامي بالتحتية الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال في قوله تعالى: ({ ولكلًّ جعلنا موالي} ) [النساء: 33] (قال): تفسير موالي (ورثة) وبه قال مجاهد وقتادة وزيد بن سلم والسدي والضحاك ومقاتل بن حيان ({ والذين عاقدت أيمانكم} ) أي عاقدت ذوو أيمانكم ذوي أيمانهم، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي عقدت بغير ألف أسند الفعل إلى الإيمان وحذف المفعول أي عقدت أيمانكم عهودهم فحذف العهود وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه كما حذف في الأولى.

(قال) أي ابن عباس (كان المهاجرون لما قدموا) زاد أبو ذر على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (المدينة يرث) فعل مضارع ولأبي ذر عن الكشميهني: ورث (المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه) أقربائه (للأخوة التي آخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينهم) بين المهاجرين والأنصار (فلما نزلت { ولكلٍّ جعلنا موالي} نسخت) أي آية الوالي آية المعاقدة (ثم قال) ابن عباس في قوله تعالى ({ والذين عقدت أيمانكم} إلا النصر والرفادة) بكسر الراء أي المعاونة (والنصيحة) مستثنى من الأحكام المقدرة في الآية المنسوخة أي نسخت تلك الآية حكم نصيب الإرث لا النصر وما بعده، والاستثناء منقطع أي لكن النصر باقٍ ثابت (وقد ذهب الميراث) بين المعاقدين (ويوصى له) بفتح الصاد مبنيًّا للمفعول والضمير للذي كان يرث بالأخوة وهذا الحديث أخرجه البخاري في التفسير والفرائض وأبو داود والنسائي جميعًا في الفرائض.




[ قــ :199 ... غــ : 93 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري الزرقي أبو إسحاق القاري ( عن حميد) الطويل ( عن أنس -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف) الزهري أحد العشرة -رضي الله عنه- ( فآخى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وبين سعد بن الربيع) الأنصاري الخزرجي أحد نقباء الأنصار.

وهذا حديث مختصر من حديث طويل سبق في البيوع والغرض منه إثبات الحلف في الإسلام.





[ قــ :00 ... غــ : 94 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ رضي الله عنه: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي".
[الحديث 94 - طرفاه في: 6083، 7340] .

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني ( محمد بن الصباح) بالمهملة والموحدة المشددة وبعد الألف حاء مهملة الدولابي البغدادي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن زكريا) الخلقاني بالخاء المعجمة المضمومة واللام الساكنة بعدها قاف وبعد الألف نون الكوفي قال: ( حدّثنا عاصم) هو ابن سليمان المعروف بالأحول ( قال: قلت لأنس) ولأبي ذر زيادة ابن مالك ( -رضي الله عنه- أبلغك) بهمزة الاستفهام الاستخباري ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( لا حلف) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام آخره فاء أي لا عهد ( في الإسلام) على الأشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية ( فقال) أنس له ( قد حالف) آخى ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين قريش والأنصار فى داري) أي بالمدينة على الحق والنصرة والأخذ على يد الظالم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما إلا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام ومسلم في الفضائل وأبو داود في الفرائض.