فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الهدية للمشركين

باب الْهَدِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَْ} [الممتحنة: 8] .


( باب الهدية للمشركين وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على الهدية في سورة الممتحنة ( { لا ينهاكم الله عن} ) الاحسان إلى الكفرة ( { الذين لم يقاتلوكم في الدين} ) قال ابن كثير: كالنساء والضعفة منهم ( { ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم} ) أي تحسنوا إليهم وتصلوهم ( { وتقسطوا إليهم} ) [الممتحنة: 8] قال السمرقندي: تعدلوا معهم بوفاء عهدهم زاد أبو ذر إن الله يحب المقسطين أي العادلين.


[ قــ :2504 ... غــ : 2619 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا.
فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ".

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون المعجمة أبو الهيثم البجلي القطواني بفتح القاف والطاء الكوفي خالد: ( حدّثنا سليمان بن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: رأى عمر) أبوه ( حلة) زاد في رواية نافع السابقة سيراء ( على رجل) هو عطارد بن حاجب ( تباع) أي عند باب المسجد كما في رواية نافع ( فقال) عمر ( للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابتع) اشتر ( هذه الحلة تلبسها يوم الجمعة) بجزم تلبسها في الفرع وأصله ( وإذا جاءك الوفد فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( إنما يلبس هذه) أي الحلة ولغير أبي بذر هذا أي الحرير ( من لا خلاق) أي لا حظ ( له) منه ( في الآخرة) ( فأتي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منها بحلل فأرسل إلى عمر منها بحلة فقال عمر) له عليه الصلاة والسلام ( كيف ألبسها وقد قلت فيها) وفي رواية نافع وقد قلت في حلّة عطارد ( ما قلت.
قال)
: عليه الصلاة والسلام ولأبوي ذر والوقت فقال: ( إني لم أكسكها لتلبسها تبيعها أو تكسوها) بالرفع ( فأرسل بها) أي بالحلة ( عمر إلى أخ له) من الرضاعة اسمه عثمان بن حكيم ( من أهل مكة) زاد نافع مشركًا ( قبل أن يسلم) لم يقل نافع قبل أن يسلم.




[ قــ :505 ... غــ : 60 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنهما- قَالَتْ: "قَدِمَتْ عَلَىَّ أُمِّي وَهْيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهْيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ".
[الحديث 60 - أطرافه في: 3183، 5978، 5979] .


وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا واسمه عبد الله الهباري بفتح الهاء وتشديد الموحدة قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الليثي ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن أسماء بنت أبي بكر) الصدّيق ( -رضي الله عنهما-) أنها ( قالت) ولأبوي ذر والوقت، قلت يا رسول الله ( قدمت عليّ أمي) قتيلة بالقاف والفوقية مصغرًا بنت عبد العزى بن سعد زاد الليث عن هشام في الأدب مع ابنها واسمه كما ذكره الزبير الحرث بن مدركة.
قال الحافظ ابن حجر: ولم أرَ له ذكرًا في الصحابة فكأنه مات مشركًا، وفي رواية ابن سعد وأبي داود الطيالسي والحاكم من حديث عبد الله بن الزبير قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر في الهدنة وكان أبو بكر طلّقها في الجاهلية بهدايا زبيب وسمن وقرظ فأبت أسماء أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها ( وهي مشركة) جملة حالية ( في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في زمنه ( فاستفتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلت) وفي رواية حاتم بن إسماعيل في الجزية فقلت يا رسول الله ( إن أمي قدمت وهي راغبة) في شيء تأخذه أو عن ديني أو في القرب مني ومجاورتي والتودّد إليّ لأنها ابتدأت أسماء بالهدية، ورغبت منها في المكافأة لا الإسلام لأنه لم يقع في شيء من الروايات ما يدل على إسلامها ولو حمل قوله راغبة أي في الإسلام لم يستلزم إسلامها فلذا لم يصب من ذكرها في الصحابة، وأما قول الزركشي ورُوِيَ راغمة بالميم أي كارهة للإسلام ساخطة له فيوهم أنه رواية في البخاري وليس كذلك بل هي رواية عيسى بن يونس عن هشام عند أبي داود والإسماعيلي ( أفأصل أمي قال) : عليه الصلاة والسلام:
( نعم صلّى أمك) زاد في الأدب عن الحميدي عن ابن عيينة قال ابن عيينة: فأنزل الله فيها { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين} [الممتحنة: 8] .