فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 20]

باب {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ( {ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 20] ) صفة لمناة وقال أبو البقاء الأخرى توكيد لأن الثالثة لا تكون إلا أخرى.
وقال الزمخشري: والأخرى ذم وهي المتأخرة الوضيعة المقدار كقوله: {قالت أخراهم لأولاهم} [الأعراف: 38] أي ضعفاؤهم لأشرافهم ويجوز أن تكون الأوّلية والتقدم عندهم للآت والعزى.
اهـ.

قال صاحب الدر وفيه نظر لأن الأخرى إنما تدل على الغيرية وليس بها تعرض لمدح ولا ذم فإن جاء شيء فلقرينة خارجية، وقيل الأخرى صفة للعزى لأن الثانية أخرى بالنسبة إلى الأولى وقال في الأنوار الثالثة الأخرى صفتان للتأكيد كقوله يطير بجناحيه ومعنى الآية هل رأيتم هذه الأصنام حق الرؤية فإن رأيتموها علمتم أنها لا تصلح للألوهية والمقصود إبطال الشركاء وإثبات التوحيد.


[ قــ :4598 ... غــ : 4861 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَقَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ لاَ يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ، قَالَ سُفْيَانُ: مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ،.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ مِثْلَهُ،.

     وَقَالَ  مَعْمَرٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ، وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا لاَ نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ نَحْوَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم ( سمعت عروة) بن الزبير بن العوّام يقول: ( قلت لعائشة - رضي الله عنها- فقالت) فيه حذف ذكره في باب {من الصفا والمروة من شعائر الله} من البقرة بلفظ قلت لعائشة وأنا يومئذٍ حديث السن: أرأيت قول الله: {من الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما} [البقرة: 158] فما أرى على أحد شيئًا أن لا يطوّف بهما فقالت ( إنما كان من أهل) أحرم ( بمناة) بالموحدة باسمها أو عندها ولأبي ذر لمناة مجرورًا بالفتحة لأنه لا ينصرف وهو باللام لأجلها ( الطاغية) بالجر بالكسرة صفة لمناة باعتبار طغيان عبدتها أو مضاف إليها والمعنى أحرم باسم مناة القوم الطاغية ( التي بالمشلل) بضم الميم وفتح المعجمة وفتح اللام الأولى مشدّدة أي مناة الكائنة بالمثلل ( لا يطوفون بين الصفا والمروة) تعظيمًا لصنمهم مناة حيث لم يكن في المسعى وكان فيه صنمان لغيرهم أساف ونائلة ( فأنزل الله تعالى) ردًّا ( {إن الصفا والمروة من شعائر الله} فطاف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون}) معه بهما.

( قال سفيان) بن عيينة ( مناة) كائن ( بالمشلل) موضع ( من قديد) بضم القاف مصغرًا من ناحية البحر وهو الجبل الذي يهبط إليها منه، ( وقال عبد الرحمن بن خالد) الفهمي بالفاء المصري أميرها لهشام مما وصله الذهلي والطحاوي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: ( قال عروة) بن الزبير ( قالت عائشة) -رضي الله عنها- ( نزلت) آية {إن الصفا} ( في الأنصار) الأوس والخزرج ( كانوا هم وغسان) قال الجوهري اسم قبيلة ( قبل أن يسلموا يهلون) يحرمون ( لمناة مثله) أي مثل حديث ابن عيينة.

( وقال معمر) بفتحتين بينهما مهملة ساكنة ابن راشد مما وصله الطبري ( عن الزهري عن عروة عن عائشة) أنها قالت ( كان رجال من الأنصار ممن كان يهلّ لمناة ومناة صنم) كائن ( بين مكة والمدينة) وكان لخزاعة وهذيل وسمي بذلك لأن دم الذبائح كان يمنى عندها أي يذبح ( قالوا: يا نبي الله كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيمًا لمناة) حيث لم يكن بينهما ( نحوه) أي نحو الحديث السابق.