فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

باب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهْيَ حَائِضٌ
وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ.

( باب قراءة الرجل) حال كونه متكئًا ( في) أي على ( حجر امرأته) بفتح الحاء المهملة وكسرها وسكون الجيم ( وهي) أي والحال أنها ( حائض) وفي رواية عطية باب قراءة القرآن في حجر المرأة ( وكان أبو وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة التابعي المشهور، المتوفى في خلافة عمر بن عبد العزيز فيما قاله الواقدي مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ( يرسل خادمه) اسم لمن يخدم غيره أي جاريته بدليل تأنيثه في قوله: ( وهي حائض إلى أبي رزين) بفتح الراء وكسر الزاي مسعود بن مالك الأسدي مولى أبي وائل الكوفي التابعي، ( فتأتيه) وفي رواية أبوي الوقت وذر لتأتيه ( بالمصحف فتمسكه بعلاقته) بكسر العين أي الخيط الذي يربط به كيسه، وغرض المؤلف رحمه الله الاستدلال على جواز حمل الحائض والجنب المصحف، لكن من غير مسّه لحديث: "إن المؤمن لا ينجس" ولكتابه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل وفيه من القرآن مع علمه أنهم يمسونه وهم أنجاس، ومنعه الجمهور لقوله تعالى: { لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] .
من الآدميين، ويمسه مجزوم بلا الناهية وضم السين لأجل الضمير

كما صرح به جماعة وقالوا: إنه مذهب البصريين بل قال في الدر: إن سيبويه لم يحفظ في نحوه إلا الضم، والحمل أبلغ من المس ولو حمله مع أمتعة وتفسير حل تبعًا لها لأنها المقصودة، فلو قصده ولو معها أو كان أكثر من التفسير حرم.


[ قــ :293 ... غــ : 297 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ مَنْصُورٍ ابْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
[الحديث 297 - طرفه في: 7549] .

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين) بالدال المهملة أنه ( سمع زهيرًا) أي ابن معاوية بن خديج الجعفي ( عن منصور ابن صفية) هي أمه اشتهر بها وأبوه عبد الرحمن الحجبي العبدري ( أن أمه) صفية بنت شيبة ( حدّثته أنّ عائشة) رضي الله عنها ( حدّثتها) :
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يتكئ) بالهمز ( في) أي على ( حجري وأنا حائض) جملة حالية من ياء المتكلم في حجري ( ثم يقرأ القرآن) في كتاب التوحيد كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض، وحينئذ فالمراد بالاتكاء وضع رأسه في حجرها، وقيل: مناسبة أثر أبي وائل للحديث من جهة أن ثيابها بمنزلة العلاقة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمنزلة الصحف لأنه في جوفه وحامله، إذ غرض المؤلف بهذا الباب الدلالة على جواز حمل الحائض المصحف، فالمؤمن الحافط له أكبر أوعيته.
وتعقب بأنه ليس في الحديث إشارة إلى الحمل، وإنما فيه الاتكاء وهو غير الحمل، وكون الرجل في حجر الحائض لا يدل على جواز الحمل، وإنما مراده الدلالة على جواز القراءة بقرب موضع النجاسة لا على جواز حمل الحائض المصحف.

ورواة الحديث ما بين كوفي ومكي، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والسماع والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في التوحيد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة في الطهارة.