فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة الحديبية

باب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] الآية
( باب غزوة الحديبية) بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وسكون التحتية وكسر الموحدة وتخفيف التحتية.
قال ابن الأثير: وكثير من المحدثين يشددونها.
وقال أبو عبيد البكري: وأهل العراق يثقلون، وأهل الحجاز يخففون.
وقال في الفتح: وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف.
وقال في
القاموس: والحديبية كدويهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى ولأبي ذر عن الكشميهني عمرة الحديبية بدل غزوة ( وقول الله تعالى: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} ) [الفتح: 18] ( الآية) وسقط لأبي ذر تحت الشجرة.


[ قــ :3943 ... غــ : 4147 ]
- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ»؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ: «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَبِرِزْقِ اللَّهِ وَبِفَضْلِ اللَّهِ فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ،.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي».

وبه قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) البجلي قال: ( حدّثنا سليمان بن بلال) أبو محمد مولى الصديق ( قال: حدثني) بالإفراد ( صالح بن كيسان عن عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود ( عن زيد بن خالد) الجهني ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الحديبية) من المدينة يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة ست قاصدين العمرة ( فأصابنا مطر ذات ليلة فصلّى لنا) أي لأجلنا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصبح) ولأبي ذر عن الكشميهني صلاة الصبح ( ثم أقبل علينا بوجهه) الكريم ( فقال) :
( أتدرون ماذا قال ربكم) ؟ عز وجل استفهام على سبيل التنبيه ( قلنا: الله ورسوله أعلم) بذلك ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( قال) : ( الله) تعالى ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي) الكفر الحقيقي وسقط قوله بي لأبي ذر ( فأما من قال: مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب) ولأبي ذر وابن عساكر: بالكواكب بالجمع ( وأما من قال: مطرنا بنجم كذا) زاد الكشميهني وكذا ( فهو مؤمن بالكوكب) ولأبي ذر وابن عساكر بالكواكب بالجمع ( كافر بي) الكفر الحقيقي لأنه قابله بالإيمان حقيقة لأنه أعتقد ما يفضي إلى الكفر وهو اعتقاد أن الفعل للكواكب.

وسبق هذا الحديث في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم من كتاب الصلاة.




[ قــ :3944 ... غــ : 4148 ]
- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا -رضي الله عنه- أَخْبَرَهُ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلاَّ الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ، عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.

وبه قال: ( حدّثنا هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال المهملة بعدها موحدة ابن الأسود
القيسي البصري قال: ( حدّثنا همام) بفتح الهاء والميم المشددة ابن يحيى بن دينار العوذي البصري ( عن قتادة) بن دعامة ( أن أنسًا -رضي الله عنه- أخبره قال) :
( اعتمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبوي ذر والوقت النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا) العمرة ( التي كانت مع حجته) في ذي الحجة ثم بين الأربعة بقوله: ( عمرة) نصب بدل من السابق ( من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة) وهي عمرة القضية ( وعمرة من الجعرانة) بسكون العين ( حيث قسم غنائم حنين) بالصرف ( في ذي القعدة) أيضًا ( وعمرة مع حجته) في ذي الحجة.

وسبق هذا الحديث في أبواب العمرة من كتاب الحج.




[ قــ :3945 ... غــ : 4149 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ.

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن الربيع) بفتح الراء العامري قال: ( حدّثنا علي بن المبارك) الهنائي البصري ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه) أبا قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري الخزرجي ( حدثه قال: انطلقنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم) أنا.

كذا ساقه هنا مختصرًا وبتمامه في الحج.




[ قــ :3946 ... غــ : 4150 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا.

وبه قال: ( حدّثنا عبيد الله بن موسى) بضم العين العبسي ( عن إسرائيل) بن يونس ( عن) جده ( أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن البراء) بن عازب ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: تعدون أنتم الفتح) في قوله تعالى: { إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا} [الفتح: 1] ( فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحًا ونحن نعد الفتح) العظيم ( بيعة الرضوان يوم الحديبية) لأنها كانت مبدأ الفتح العظيم المبين لما ترتب على الصلح الذي وقع من الأمن ورفع الحرب وتمكن من كان يخشى الدخول في الإسلام والوصول إلى المدينة كما وقع لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما، وتتابعت الأسباب إلى أن كمل الفتح ( كنا مع النبي) ولأبي ذر مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أربع عشرة مائة) بسكون الشين المعجمة لم يقل ألفًا وأربعمائة إشعارًا بأنهم كانوا منقسمين إلى المائة وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى ( والحديبية بئر) على مرحلة من مكة ( فنزحناها فلم نترك فيها قطرة) من ماء ( فبلغ ذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأتاها فجلس على شفيرها) أي حرفها ( ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم مضمض ودعا) الله تعالى سرًّا ( ثم صبه
فيها)
أي صب الماء الذي توضأ ومضمض به في البئر ( فتركناها غير بعيد) في رواية زهير فدعا ثم قال دعوها غير ساعة ( ثم إنها أصدرتنا) أي أرجعتنا وقد روينا ( ما شئنا) أي القدر الذي أردنا شربه ( نحن وركابنا) إبلنا التي نسير عليها.




[ قــ :3947 ... غــ : 4151 ]
- حَدَّثَنِي فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: أَنْبَأَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا فَأَتَوْا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَى الْبِئْرَ وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ قَالَ: «ائْتُونِي بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا» فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ فَدَعَا ثُمَّ قَالَ: «دَعُوهَا سَاعَةً» فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( فضل بن يعقوب) بالضاد المعجمة الرخامي بضم الراء وفتح الخاء المعجمة البغدادي قال: ( حدّثنا الحسن بن محمد بن أعين) بفتح الهمزة والتحتية بينهما عين مهملة ساكنة آخره نون ( أبو علي الحراني) بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين وبعد الألف نون فياء نسبة قال: ( حدّثنا زهير) هو ابن معاوية قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( قال: أنبأنا البراء بن عازب -رضي الله عنهما- أنهم كانوا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الحديبية ألفًا) ولابن عساكر ألف ( وأربعمائة أو أكثر) .
وعند ابن أبي شيبة من حديث مجمع ابن حارثة كانوا ألفًا وخمسمائة وجمع بينهما بأنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة فمن قال: ألفًا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال: ألفًا وأربعمائة ألغاه، وأما قول عبد الله بن أبي أوفى ألفًا وثلاثماثة فيحمل على ما اطلع هو عليه واطلع غيره على زيادة لم يطلع هو عليها والزيادة من الثقة مقبولة أو العدد الذي ذكره جملة من ابتدأ الخروج من المدينة والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك ( فنزلوا على بئر فنزحوها فأتوا النبي) كذا في الفرع وفي اليونينية رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فأخبروه بذلك ( فأتى البئر وقعد على شفيرها) على حرفها ( ثم قال) :
( ائتوني بدلو) فيه ماء ( من مائها فأتي به فبصق) بالصاد ولأبي ذر فبسق بالسين فيه ( فدعا ثم قال) عليه الصلاة والسلام لهم: ( دعوها ساعة فأرووا أنفسهم وركابهم) أي إبلهم التي يسيرون عليها ( حتى ارتحلوا) .




[ قــ :3948 ... غــ : 415 ]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا لَكُمْ»؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا فِي رَكْوَتِكَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ قَالَ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً.

وبه قال: ( حدّثنا يوسف بن عيسى) أبو يعقوب المروزي قال: ( حدّثنا ابن فضيل) بضم الفاء مصغرًا محمد قال: ( حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن ( عن سالم) هو ابن أبي الجعد ( عن جابر -رضي الله عنه-) أنه ( قال: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقال) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر قال: ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما لكم؟ قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، فوضع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يده في الركوة فجعل الماء يفور) ولأبي ذر عن الكشميهني يثور بالمثلثة بدل الفاء ( من بين أصابعه) أي من اللحم الكائن بين أصابعه ( كأمثال العيون قال) جابر: ( فشربنا وتوضأنا) قال سالم بن أبي الجعد: ( قلت لجابر كم كنتم يومئذٍ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة) .




[ قــ :3949 ... غــ : 4153 ]
- حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ.

قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: بَلَغَنِي أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَقَالَ لِي سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ قَتَادَةَ.
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد ( الصلت بن محمد) الخاركي قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا ( عن سعيد) بكسر العين ابن أبي عروبة ( عن قتادة) بن دعامة أنه قال: ( قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة.
فقال لي سعيد: حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الحديبية)
وسقط قوله مائة لأبوي ذر والوقت وابن عساكر.

( قال) : ولأبوي الوقت وذر وابن عساكر تابعه أي تابع الصلت بن محمد ( أبو داود) سليمان الطيالسي فيما وصله الإسماعيلي ( حدّثنا قرّة) بن خالد ( عن قتادة.
تابعه محمد بن بشار، حدّثنا أبو داود، حدّثنا شعبة)
.




[ قــ :3950 ... غــ : 4154 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ» وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ.
تَابَعَهُ الأَعْمَشُ سَمِعَ سَالِمًا سَمِعَ جَابِرًا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.

( حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: عمرو) بفتح العين ابن دينار ( سمعت) ولأبي ذر حدّثنا عمرو قال: سمعت ( جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال لنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الحديبية) :
( أنتم خير أهل الأرض) فيه أفضلية أصحاب الشجرة على غيرهم من الصحابة وعثمان -رضي الله عنه- منهم وإن كان حينئذٍ غائبًا بمكة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بايع عنه فاستوى معهم فلا حجة في الحديث للشيعة في تفضيل عليّ على عثمان.
قال جابر: ( وكنا ألفًا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم) يعني لأنه كان عمي في آخر عمره ( لأريتكم مكان الشجرة) التي وقعت بيعة الرضوان تحتها ( تابعه) أي تابع سفيان بن عيينة ( الأعمش) سليمان ( سمع سالمًا سمع جابرًا ألفًا وأربعمائة) وهذه المتابعة وصلها المؤلّف في آخر كتاب الأشربة بأطول مما هنا.




[ قــ :3950 ... غــ : 4155 ]
- وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنهما- كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاَثَمِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ.
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.

( وقال عبيد الله) بضم العين مصغرًا ( ابن معاذ حدّثنا أبي) معاذ بن معاذ بن نصر التميمي العنبري قاضي البصرة فيما وصله أبو نعيم في مستخرجه على مسلم قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن عمرو بن مرّة) بضم الميم وتشديد الراء أنه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عبد الله بن أبي أوفى) علقمة الأسلمي ( -رضي الله عنهما-) زاد الأصيلي قال: ( كان أصحاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة) هذا ما اطلع عليه ابن أبي أوفى فلا تنافي بينه وبين ما رواه غيره فكل أخبر بما رأى والعدد لا ينفي الزائد، وقول ابن دحية الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين متعقب بإمكان الجمع كما مرّ، وقال البيهقي: إن رواية من قال: ألفًا وأربعمائة أصح وأغرب ابن إسحاق فقال: إنهم كانوا سبعمائة وقاله استنباطًا من قول جابر نحرنا البدنة عن عشرة وكانوا نحروا سبعين بدنة، ولا دلالة فيه لما قاله فإنه لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً ( وكانت أسلم) القبيلة المشهورة ( ثمن المهاجرين) وجزم الواقدي بأن أسلم كانت في غزوة الحديبية مائة وحينئذٍ فالمهاجرون كانوا ثمانمائة ( تابعه) أي تابع عبيد الله بن معاذ ( محمد بن بشار) الملقب ببندار فيما وصله الإسماعيلي عن أبي عبد الكريم عن بندار قال: ( حدّثنا أبو داود) سليمان الطيالسي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج.




[ قــ :3951 ... غــ : 4156 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ: وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ وَتَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ لاَ يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ شَيْئًا.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) الفرّاء الصغير قال: ( أخبرنا عيسى) بن يونس ( عن إسماعيل) بن أبي خالد ( عن قيس) هو ابن أبي حازم ( أنه سمع مرداسًا) بكسر الميم ابن مالك ( الأسلمي) الكوفي ( يقول: وكان) مرداس ( من أصحاب الشجرة) الذين بايعوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيعة الرضوان تحتها ( يقبض الصالحون الأوّل فالأول) قال في الكواكب: أي
الأصلح فالأصلح، وقال في العمدة: الأوّل رفع محذوف أي يذهب الأول وقوله فالأوّل عطف عليه اهـ.

وقول البرماوي كالزركشي: يجوز رفعه على الصفة، تعقبه في المصابيح بأن عطف الصفات المفرّقة مع اجتماع منعوتها من خصائص الواو والعاطف هنا الفاء لا الواو ثم قال الزركشي أيضًا: ويجوز نصبه على الحال أي مترتبين وجاز وإن كان فيه الألف واللام لأن الحال ما يتخلص من المكرر فإن التقدير ذهبوا مترتبين قاله أبو البقاء، وهل الحال الأول أو الثاني أو المعنى المجموع منهما.
خلاف كالخلاف في هذا حلو حامض لأن الحال أصلها الخبر.
قال البدر الدماميني: نقل قول بأن الخبر في نحو هذا حلو حامض هو الثاني الأول غريب ولم أقف عليه فحرره.

( وتبقى) بعد ذهاب الصالحين ( حفالة كحفالة التمر والشعير) بضم الحاء المهملة وفتح الفاء فيهما أي رذالة من الناس كرديء التمر والشعير وهو مثل الحثالة بالمثلثة والفاء قد تقع موقع الثاء نحو فوم وثوم ( لا يعبأ الله بهم شيء) أي ليست لهم عنده تعالى منزلة.

وهذا الحديث من أفراده عن الأئمة الخمسة وليس للأسلمي في البخاري غيره وقد أورده أيضًا في الرقاق مرفوعًا.

4157 و 4158 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالاَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا لاَ أُحْصِي كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ، حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لاَ أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِيِّ الإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلاَ أَدْرِي يَعْنِي مَوْضِعَ الإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ أَوِ الْحَدِيثَ كُلَّهُ.

وبه قال: ( حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن عروة) بن الزبير ( عن مروان) بن الحكم ( والمسور بن مخرمة) أنهما ( قالا: خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الحديببة في بضع عشرة مائة من أصحابه) والبضع بكسر الموحدة وسكون المعجمة ما بين ثلاث إلى تسع على المشهور وقيل إلى عشر وقيل من اثنين إلى عشرة وقيل من واحد إلى أربعة ( فلما كان بذي الحليفة) ميقات أهل المدينة ( قلد الهدي) بأن علق في عنقه شيئًا ليعلم أنه هدي ( وأشعره) بأن ضرب صفحة السنام اليمنى بحديدة فلطخها بدمها إشعارًا بأنها هدي أيضًا ( وأحرم منها) بالعمرة قال علي بن المديني ( لا أحصي كم سمعته) أي الحديث ( من سفيان) بن عيينة ( حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري) محمد بن مسلم ( الأشعار والتقليد فلا أدري يعني موضع الأشعار والتقليد أو الحديث كله) .