فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب


[ قــ :3769 ... غــ : 3953 ]
- حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ: «اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ».
فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ.
فَخَرَجَ وَهْوَ يَقُولُ: { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] .

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( محمد بن عبد الله بن حوشب) بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة بينهما واو ساكنة آخره موحدة الطائفي قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: ( حدّثنا خالد) هو الحذاء ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم بدر) : لما نظر إلى أصحابه وهم ثلاثماثة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل عليه الصلاة والسلام القبلة فقال:
( اللهم أنشدك) بضم الشين والدال مع فتح الهمزة، ولأبي ذر: إني أنشدك ( عهدك ووعدك) أي أطلب منك الوفاء بما عهدت ووعدت من الغلبة على الكفار والنصر للرسول وإظهار الدين قال تعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 171 - 173] : { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين} [الأنفال: 7] .
وعند سعيد بن منصور أنه ركع ركعتين، وعند ابن إسحاق أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: اللهم هذه قريش أتت بخيلائها وفخرها تجادل وتكذب رسولك اللهم نصرك الذي وعدتني.
( اللهم إن شئت لم تعبد) أي إن شئت أن لا تعبد بعد هذا يسلطون على المؤمنين، وفي حديث عمر -رضي الله عنه- عند مسلم: اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، وإنما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبيين فلو هلك ومن معه حينئذ لم يبعث الله عز وجل أحدًا ممن يدعو إلى الإِيمان ( فأخد أبو بكر) - رضي الله تعالى عنه - ( بيده) عليه الصلاة والسلام ( فقال: حسبك) أي يكفيك.
زاد في رواية وهيب عن خالد في التفسير قد ألححت على ربك، وفي مسلم: فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال: يا نبي الله كفاك بالفاء والأكثر كذاك بالذال المعجمة مناشدتك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى: { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} [الأنفال: 9] الآية.
فأمده الله عز وجل بالملائكة.
قال في فتح الباري: وعرف بهذه الزيادة مناسبة الحديث للترجمة، وقال بعضهم: لما رأى عليه الصلاة والسلام الملائكة وأصحابه في الجهاد والجهاد على ضربين: بالسيف وبالدعاء، ومن سنّة الإمام أن يكون من وراء الجيش لا يقاتل معهم فلم يكن عليه الصلاة والسلام ليريح نفسه من أحد الجهادين.
وقال النووي رحمه الله، قال العلماء: وهذه المناشدة إنما فعلها عليه الصلاة والسلام وأصحابه بتلك الحال لتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه مع أن الدعاء عبادة وقد كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة.

( فخرج) عليه الصلاة والسلام من القبة ( وهو يقول: { سيهزم الجمع ويولون الدبر} ) [القمر: 45] قال الزجاج: يعني الأدبار لأن اسم الواحد يدل على الجمع أي سيفرق شملهم ويغلبون يعني يوم بدر، وفي هذا علم من أعلام النبوة لأن هذه الآية نزلت بمكة وأخبرهم أنهم سيهزمون في
الحرب فكان كما قال.
وعند ابن أبي حاتم عن عكرمة -رضي الله عنه- لما نزلت: { سيهزم الجمع ويولون الدبر} [القمر: 45] قال عمر -رضي الله عنه-: أيّ جمع يهزم أي جمع يغلب؟ قال عمر: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يثب في الدرع وهو يقول: " { سيهزم الجمع ويولون الدبر} "، فعرفت تأويلها يومئذ.
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال: فذكره.


تنبيه:
لم يحضر ابن عباس -رضي الله عنهما- هذه القصة فحديثه هذا مرسل.
قال في الفتح: ولعله أخذه عن عمر أو عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما -.
وفي مسلم من طريق أبي زميل بالزاي مصفرًا واسمه سماك بن الوليد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: حدثني عمر -رضي الله عنه- فذكره بنحوه.

وقد أخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير وكذا النسائي.


باب
هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة.


[ قــ :3770 ... غــ : 3954 ]
- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ؛ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّهُ سَمِعَ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: { لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف ( أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد ( عبد الكريم) بن مالك أبو أمية الجزري ( أنه سمع مقسمًا) بكسر الميم وسكون القاف وفتح السين المهملة أبا القاسم ( مولى عبد الله بن الحارث) بن نوفل الهاشمي، ويقال له مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- لشدة ملازمته ( يحدث عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- ( أنه سمعه يقول: { لا يستوي القاعدون} ) عن الجهاد ( { من المؤمنين} عن) غزوة ( بدر والخارجون إلى بدر) في الثواب والأجر.
كذا أورده المؤلّف مختصرًا وانفرد بإخراجه دون مسلم وقد رواه الترمذي من طريق حجاج عن ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} عن بدر، والحاضرون إلى بدر لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم الأعميان: يا رسول الله هل لنا رخصة فنزلت: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى} [النساء: 95] قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه فقوله تعالى: { ولا يستوي القاعدون من المؤمنين} كان
مطلقًا فلما نزل بوحي: { غير أولي الضرر} [النساء: 95] صار ذلك مخرجًا لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد من العمى والعرج والمرض عن مساواتهم المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير وكذا الترمذي كما ترى.