فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التنكيل لمن أكثر الوصال

باب التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ.
رَوَاهُ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
( باب التنكيل) من النكال أي العقوبة من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لمن أكثر الوصال) .
في صومه ( رواه) أي التنكيل ( أنس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما وصله في كتاب التمني.


[ قــ :1882 ... غــ : 1965 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ.
فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلاَلَ، فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ.
كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا".
[الحديث 1965 - أطرافه في: 1966، 6851، 7242، 7299] .


وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري قال: حدثني) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر أخبرني بالإفراد فيهما ( أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أصحابه ( عن الوصال في الصوم) فرضًا أو نفلاً ( فقال له رجل من المسلمين) لم يسم، وفي رواية عقيل في التعزيز فقال له رجال: ( إنك تواصل يا رسول الله) أي ووصلك دال على إباحته فأجابهم عليه الصلاة والسلام بأن ذلك من خصائصه حيث قال:
( وأيكم) وفي نسخة: فأيكم ( مثلي) استفهام يفيد التوبيخ المشعر بالاستبعاد ( إني أبيت يطعمني ربي وشقين) بحذف الياء وثبوتها كما سبق تقريره ( فلما أبوا) أي امتنعوا ( أن ينتهوا عن الوصال) لظنهم أن نهيه عليه الصلاة والسلام نهي تنزيه لا تحريم، وللكشميهني كما في الفتح من الوصال بالميم بدل العين ( واصل بهم) عليه الصلاة والسلام ( يومًا ثم يومًا) أي يومين لأجل المصلحة ليبين لهم الحكمة في ذلك ( ثم رأوا الهلال فقال) عليه الصلاة والسلام ( لو تأخر) الشهر ( لزدتكم) في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتسألوا التخفيف منه بالترك ( كالتنكيل لهم) وفي رواية معمر في التمني كالمنكل لهم ووقع فيها عند المستملي كالمنكر لهم بالراء وسكون النون من الإنكار، وللحموي كالمنكي بتحتية ساكنة قبلها كاف مكسورة خفيفة من الإنكاء والأول هو الذي تضافرت به الروايات خارج هذا الكتاب ( حين أبوا) أي امتنعوا ( أن ينتهوا) أي عن الانتهاء عن الوصال، وهذا الحديث أخرجه أيضًا النسائي.




[ قــ :1883 ... غــ : 1966 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، مَرَّتَيْنِ.
قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ.
قَالَ: إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ».

وبه قال ( حدّثنا يحيى) غير منسوب، ولأبي ذر كما في الفتح يحيى بن موسى وهو المعروف بخت قال: ( حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنغاني ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن همام) بن منبه الصنعاني ( أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إياكم والوصال) نصب على التحذير أي احذروا الوصال ( مرتين) وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة بلفظ إياكم والوصال ثلاث مرات ( قيل إنك تواصل قال) : عليه الصلاة والسلام: ( إني أبيت) وفي حديث أنس في باب التمني إني أظل وهو محمول على مطلق الكون لا على حقيقة اللفظ لأن المتحدث عنه هو الإمساك ليلاً لا نهارًا، وأكثر الروايات إنما هو بلفظ: أبيت فكأن بعض الرواة عبر عنها بلفظ أظل نظرًا إلى اشتراكهما في مطلق الكون قال تعالى: { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا} [النحل: 58] فالمراد به مطلق الوقت ولا اختصاص لذلك بنهار دون ليل ( يطعمني ربي ويسقين) جملة حالية ( فاكلفوا) بهمزة وصل وسكون

الكاف وفتح اللام من كلفت بهذا الأمر أكلف به من باب علم يعلم أن تكلفوا ( من العمل ما تطيقون) أي تطيقونه فحذف العائد أي الذي تقدرون عليه ولا تتكلفوا فوق ما تطيقونه فتعجزوا.