فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} [الممتحنة: 10]

باب { إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}
هذا ( باب) بالتنوين أي في قوله عز وجل: ( { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} ) [الممتحنة: 10] من الكفار بعد الصلح معهم في الحديبية على أن من جاء منهم إلى المؤمنين يرد.


[ قــ :4627 ... غــ : 4891 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} -إِلَى قَوْلِهِ- { غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَدْ بَايَعْتُكِ»، كَلاَمًا، وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ: «قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكَ».
تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( إسحاق) هو ابن منصور بن بهرام الكوسج المروزي أو ابن إبراهيم بن راهويه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا ( يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بسكون العين بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وسقط ابن سعد لغير أبي ذر قال: ( حدّثنا ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله بن مسلم ( عن عمه) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرته أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمتحن) أي يختبر ( من هاجر إليه) من مكة إلى المدينة قبل عام الفتح ( من المؤمنات بهذه الآية) فيما يتعلق بالإيمان مما يرجع إلى الظاهر دون الاطّلاع على ما في القلوب كما قال الله تعالى: { الله أعلم بإيمانهن} فإنه المطّلع على ما في قلوبهن ( بقول الله تعالى: { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} ) -إلى قوله- ( { غفور رحيم} ) [الممتحنة: 12] وفي الشروط كان يمتحنهن بهذه الآية { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} -إلى- { غفور رحيم} وعن قتادة فيما أخرجه عبد الرزاق أنه عليه الصلاة والسلام كان يمتحن من هاجر من النساء بالله ما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبًّا لله ورسوله وزاد مجاهد ولا خرج بك عشق
رجل منا ولا فرار من زوجك وعند البزار أن الذي كان يخلفهن عن أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

( قال عروة) بالسند السابق ( قالت عائشة) -رضي الله عنها- ( فمن أقرّ بهذا الشرط) شرط الإيمان ( من المؤمنات) وفي الطبراني من طريق العوفي عن ابن عباس قال كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهذا لا ينافي ما روي أنه كان يمتحنهن بأنهن ما خرجن من بغض زوج إلى آخر ما ذكر لأنه زيادة بيان لقوله ما خرجت إلا رغبة في الإسلام فإذا قالت ذلك ( قال لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد بايعتك كلامًا) أي بالكلام لا باليد كما كان يبايع الرجال بالمصافحة باليدين ( ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله) للمرأة ( قد بايعتك على ذلك) بكسر الكاف.

قال في الفتح: وكان عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية عند ابني خزيمة وحبان والبزار في قصة المبايعة فمدّ يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت: ثم قال: اللهم اشهد فإن فيه إشعارًا بأنهن كن يبايعنه بايديهن.
وأجيب: بأن مدّ اليد لا يستلزم المصافحة فلعله إشارة إلى وقوع المبايعة وكذا قوله في الباب اللاحق فقبضت امرأة منا يدها لا دلالة فيه أيضًا على المصافحة، فيحتمل أن يكون المراد بقبض اليد التأخر عن القبول، نعم يحتمل أنهن كن يأخذن بيده الكريمة مع وجود حائل ويشهد له ما رواه أبو داود في مراسيله عن الشعبي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال: "لا أصافح النساء".

وهذا الحديث ذكره أيضًا في الطلاق.

( تابعه) أي تابع ابن أخي ابن شهاب ( يونس) بن يزيد الأيلي فيما وصله المؤلّف في الطلاق ( ومعمر) هو ابن راشد فيما وصله أيضًا في الأحكام ( وعبد الرحمن بن إسحاق) القرشي فيما وصله ابن مردويه في تفسيره ثلاثتهم ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( وقال إسحاق بن راشد) الجزري الحراني فيما وصله الذهلي في الزهريات ( عن الزهري عن عروة) بن الزبير ( وعمرة) بنت عبد الرحمن فجمع بينهما.