فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب التعوذ من عذاب القبر

باب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
( باب التعوّذ من عذاب القبر) .


[ قــ :6029 ... غــ : 6364 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرَهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير بن عيسى قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف مولى آل الزبير ( قال: سمعت أم خالد) اسمها أمة بتخفيف الميم ( بنت خالد) أي ابن سعيد الأموي الصحابية ولدت بالحبشة ( قال) موسى: ( ولم أسمع أحدًا سمع من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غيرها قالت: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعوّذ) تعليمًا لأمته ( من عذاب القبر) العذاب اسم للعقوبة والمصدر التعذيب فهو مضاف إلى الفاعل على طريق المجاز أو الإِضافة من إضافة المظروف إلى ظرفه فهو على تقدير في أي يتعوّذ من عذاب القبر، وفيه إثبات عذاب القبر فالإِيمان به واجب.


باب التَّعَوُّذِ مِنَ البُخْلِ
( باب التعوّذ من البخل) قال الواحدي: البخل في كلام العرب عبارة عن منع الإحسان، وفي الشرع منع الواجب والباب مع تاليه ثابت في رواية أبي ذر عن المستملي ساقط لغيره وهو الوجه لأنه ذكره قريبًا بعد ثلاثة أبواب.




[ قــ :6030 ... غــ : 6365 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ مُصْعَبٍ، قَالَ: كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا -يَعْنِى فِتْنَةَ الدَّجَّالِ- وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».

وبه قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا عبد الملك) بن عمير بن سويد بن حارثة الكوفي ( عن مصعب) بضم الميم وسكون الصاد وفتح العين المهملتين ابن سعد بن أبي وقاص ( قال: كان سعد) أي ابن أبي وقاص ( يأمر) ولأبي ذر عن الكشميهني: يأمرنا ( بخمس ويذكرهن عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يأمر بهن) .

( اللهم إني أعوذ بك من البخل) ضد الكرم وأعوذ لفظه لفظ الخبر ومعناه الدعاء قالوا: وفي ذلك تحقيق الطلب كما قيل في غفر الله لك بلفظ الماضي والباء للإلصاق وهو إلصاق معنوي لأنه لا يلتصق شيء بالله ولا بصفاته لكنه التصاق تخصيص كأنه خص الرب بالاستعاذة.
قال الإمام فخر الدين: جاء الحمد لله ولله الحمد وتقديم المعمول يفيد الحصر عند طائفة فما الحكمة في أنه جاء أعوذ بالله ولم يسمع بالله أعوذ لأن الإتيان بلفظ الاستعاذة امتثال الأمر، وقال بعضهم: تقديم المعمول في الكلام تفنن وانبساط والاستعاذة هرب إلى الله وتذلل فقبض عنان الانبساط والتفنن فيه لائق لأنه لا يكون إلا حالة خوف وقبض والحمد حالة شكر وتذكر إحسان ونعم ( وأعوذ بك من الجبن) ضد الشجاعة وهي فضيلة قوّة الغضب وانقيادها للعقل ( وأعوذ بك أن أرد) بضم الهمزة وفتح الراء والدال المهملة المشدّدة ( إلى أرذل العمر) أخسه يعني الهرم والخوف ( وأعوذ بك من فتنة الدنيا يعني) بفتنة الدنيا ( فتنة الدجال) قال الكرماني: إن قوله يعني فتنة الدجال من زيادات
شعبة بن الحجاج ورده في فتح الباري بما في حديث الإِسماعيلي أنه من كلام عبد الملك بن عمير ( وأعوذ بك من عذاب القبر) الواقع على الكفار ومن شاء الله من عصاة الموحدين أعاذنا من كل مكروه.

والحديث أخرجه المؤلّف أيضًا والنسائي في الاستعاذة واليوم والليلة.




[ قــ :6031 ... غــ : 6366 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَىَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتَا لِى: إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِى قُبُورِهِمْ فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا فَخَرَجَتَا وَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَجُوزَيْنِ وَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: «صَدَقَتَا إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا» فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِى صَلاَةٍ إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدثني ( عثمان بن أبي شيبة) قال: ( حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) شقيق بن سلمة ( عن مسروق) هو ابن الأجدع ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: دخلت عليّ عجوزان) بالتثنية لم يسميا ( من عجز يهود المدينة) بضم العين والجيم جمع عجوز كعمود وعُمد ويجمع أيضًا على عجائز، والعجوز المرأة المسنّة ولا يقال عجوزة بهاء التأنيث أو هي لغة رديئة ( فقالتا لي: إن أهل القبور يعذّبون في قبورهم فكذبتهما ولم أنعم) بضم الهمزة وكسر العين بينهما ساكنة نون أي ولم أحسن ( أن أصدقهما فخرجتا) من عندي ( ودخل عليّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت: يا رسول الله إن عجوزين) من يهود المدينة دخلتا عليّ ( وذكرت له) ما قالتا والراء في ذكرت ساكنة، وعند الإِسماعيلي عن عمران بن موسى عن عثمان بن أبي شيبة دخلتا عليّ فزعمتا أن أهل القبور يعذّبون في قبورهم ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( صدقتا إنهم) أي أهل القبور المعذّبين ( يعذبون عذابًا تسمعه البهائم كلها) والعذاب ليس مسموعًا فالمسموع صوت المعذب أو بعض العذاب مسموع كالضرب قاله الكرماني ( فما رأيته) عليه الصلاة والسلام ( بعد في صلاة إلا تعوّذ) بلفظ الماضي ولأبي ذر عن الكشميهني إلا يتعوّذ ( من عذاب القبر) وقوله عجوزان بالتثنية لا ينافي قوله في الحديث المروي في الجنائز أن يهودية دخلت عليها لاحتمال أن إحداهما تكلمت وأقرّتها الأخرى على ذلك فنسبت عائشة القول إليهما مجازًا والإِفراد يحمل على المتكلمة.