فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الالتفات في الصلاة

باب الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ
( باب) كراهية ( الالتفات في الصلاة) لأنه ينافي الخشوع المأمور به أو ينقصه.


[ قــ :730 ... غــ : 751 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ".
[الحديث 751 - طرفه في: 3291] .

وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا أبو الأحوص) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الواو وبالصاد المهملة سلام بتشديد اللام، ابن سليم، بضم السين، الحافظ الكوفي ( قال: حدّثنا أشعث بن سليم) بضم السين وفتح اللام، وأشعث بالشين المعجمة والعين المهملة ثم مثلثة ( عن أبيه) سليم بن الأسود المحاربي الكوفي، أبو الشعثاء ( عن مسروق) هو ابن الأجدع الهمداني الكوفي ( عن عائشة) رضي الله عنها ( قالت: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الالتفات) بالرأس يمينًا وشمالاً ( في الصلاة فقال) عليه الصلاة والسلام:
( هو اختلاس) أي اختطاف بسرعة ( يختلسه الشيطان) بإبراز الضمير المنصوب، وهو رواية الكشميهني، وللأكثر: يختلس الشيطان ( من صلاة العبد) فيه الحض على إحضار المصلي قلبه لمناجاة ربه.

ولما كان الالتفات فيه ذهاب الخشوع، استعير لذهابه اختلاس الشيطان، تصويرًا لقبح تلك الفعلة بالمختلس، لأن المصلي مستغرق في مناجاة ربه، والله مقبل عليه، والشيطان مراصد له ينتظر فوات ذلك، فإذا التفت المصلي، اغتنم الشيطان الفرصة فيختلسها منه.
قاله الطيبي في شرح المشكاة.


والجمهور على كراهة الالتفات فيها للتنزيه.
وقال المتولي: حرام إلاّ لضرورة، وهو قول الظاهرية.

ومن أحاديث النهي عنه، حديث أنس عند الترمذي مرفوعًا، وقال حسن: يا بني إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان ولا بدّ ففي التطوع لا في الفريضة.

وحديث أبي داود والنسائي عنه، وصحّحه الحاكم: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه.

وللبزار من حديث جابر بسند فيه الفضل بن عيسى: إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت، قال: يا ابن آدم إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير مني؟ أقبل إليَّ.
فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، فإذا التفت الثالثة صرف الله وجهه عنه.

ولابن حبان في الضعفاء، عن أنس مرفوعًا: المصلي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه.
وملك ينادي: لو يعلم العبد من يناجي ما التفت.

والمراد بالالتفات المذكور ما لم يستدبر القبلة بصدره أو كله.

فإن قلت: لِمَ شرع سجود السهو للمشكوك فيه دون الالتفات، وغيره مما ينقص الخشوع؟ أجيب: بأن السهو لا يؤاخذ به المكلف، فشرع له الجبر دون العمد ليتيقظ العبد فيجتنبه.

ورواة هذا الحديث الستة كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في صفة إبليس اللعين، وأبو داود، والنسائي، في: الصلاة.




[ قــ :731 ... غــ : 75 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ فَقَالَ: شَغَلَتْنِي أَعْلاَمُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد ( قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة) رضي الله عنها ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى في خميصة) بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وفتح الصاد المهملة، كساء أسود مربع ( لها أعلام، فقال) عليه الصلاة والسلام:
( شغلتني) بمثناة فوقية بعد اللام، وللحموي والسرخسي: شغلني ( أعلام هذه) الخميصة ( اذهبوا بها) ولأبي ذر: به ( إلى الجحيم) بفتح الجيم وسكون الهاء، وللكشميهني: جهيم بالتصغير ( وائتوني بأنبجانية) بفتح الهمزة وكسر الموحدة وتشديد المثناة التحتية.
وفي نسخة: بأنبجانية، بضمير أبي جهم.


ووجه مطابقته لترجمة من جهة أن أعلام الخميصة إذا لحظها وهي على عاتقه، كان قريبًا من الالتفات، ولذلك خلعها، وعلل بأن أعلامها شغلته، ولا يكون إلاَّ بوقوع بصره عليها، وفي وقوع بصره عليها التفات.

وسبق الحديث بمبحثه في باب: إذا صلّى في ثوب له أعلام.