فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إَذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40]
( باب قول الله تعالى: {وإنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) أي فهو يكون أي إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له أحدث فهو يحدث بلا توقف وهو عبارة عن سرعة الإيجاد يبين أن مراده لا يمتنع عليه، وأن وجوده عند إرادته غير متوقف كوجود المأمور به عند أمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع الممتثل ولا قول ثم، والمعنى أن إيجاد كل مقدور على الله تعالى بهذه السهولة فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو من بعض المقدورات.

فإن قلت: قوله كن إن كان خطابًا مع المعدوم فهو محال وإن كان خطابًا مع الموجود كان أمرًا بتحصيل الحاصل وهو محال.
أجيب: بأن هذا تمثيل لنفي الكلام والمعاياة وخطاب مع الخلق
بما يعقلون ليس هو خطاب المعدوم لأن ما أراد فهو كائن على كل حال أو على ما أراده من الإسراع ولو أراد خلق الدنيا والآخرة بما فيهما من السماوات والأرض في قدر لمح البصر لقدر على ذلك ولكن خاطب العباد بما يعقلون وسقط لأبي ذر قوله أن نقول الخ.


[ قــ :7061 ... غــ : 7459 ]
- حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ».

وبه قال: ( حدّثنا شهاب بن عباد) بتشديد الموحدة بعد فتح سابقها الكوفي قال: ( حدّثنا إبراهيم بن حميد) بضم الحاء المهملة وفتح الميم ابن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي ( عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي الكوفي ( عن قيس) أي ابن أبي حازم ( عن المغيرة بن شعبة) -رضي الله عنه- أنه ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا يزال من أمتي قوم ظاهرين) غالبين أو عالين ( على الناس) بالبرهان ( حتى يأتيهم أمر الله) بقيام الساعة وأمره تعالى بقيامها هو حكمه وقضاؤه، وهو الغرض المناسب للترجمة.
وزاد في الاعتصام وهم ظاهرون أي غالبون على من خالفهم.




[ قــ :706 ... غــ : 7460 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِى عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِى أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ».
فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ: سَمِعْتُ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّأْمِ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: ( حدّثنا الوليد بن مسلم) الأموي الدمشقي قال: ( حدّثنا ابن جابر) هو عبد الرحمن بن زيد بن جابر الأسدي الشامي قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عمير بن هانئ) بضم العين وفتح الميم وهانئ بالهمز آخره الشامي ( أنه سمع معاوية) بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- ( قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( لا يزال من أمتي أمّةٌ قائمة بأمر الله) عز وجل بحكمه الحق ( ما) ولأبي ذر عن الكشميهني لا ( يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم) ولأبي ذر عن الكشميهني ولا من خذلهم ( حتى يأتي أمر الله) بإقامة الساعة ( وهم على ذلك) .
الواو للحال ( فقال مالك بن يخامر) : بضم التحتية وفتح المعجمة وبعد الألف ميم مكسورة فراء ( سمعت معاذًا) يعني ابن جبل ( يقول وهم) أي الأمة القائمة بأمر الله ( بالشام فقال معاوية) بن أبي سفيان ( وهذا مالك) يعني ابن يخامر ( يزعم أنه سمع معاذًا يقول وهم بالشام) .




[ قــ :7063 ... غــ : 7461 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَفَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن عبد الله بن أبي حسين) بضم الحاء هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي القرشي النوفلي قال: ( حدّثنا نافع بن جبير) بضم الجيم ابن مطعم ( عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: وقف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مسيلمة) الكذاب ( في أصحابه فقال) لما قال إن جعل لي محمد من بعده تبعته وكان يد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطعة جريد:
( لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك) أي لن تجاوز حكمه وثبتت الواو مفتوحة في تعدو على القاعدة مثل أن تغزو وفي بعض النسخ بحذف الواو ويتخرج على الجزم بلن مثل لمن ترع ( ولئن أدبرت) عن الإسلام ( ليعقرنك الله) .
ليهلكنك ومطابقته للترجمة في قوله: ولن تعدو أمر الله فيك.

وسبق الحديث في أواخر المغازي.




[ قــ :7064 ... غــ : 746 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ حَرْثِ الْمَدِينَةِ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ فَمَرَرْنَا عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: لاَ تَسْأَلُوهُ أَنْ يَجِىءَ فِيهِ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85] ».
قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِى قِرِاءَتِنَا.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي ( عن عبد الواحد) بن زياد ( عن الأعمش) سليمان ( عن إبراهيم) النخعي ( عن علقمة) بن قيس ( عن ابن مسعود) عبد الله -رضي الله عنه- أنه ( قال: بينا) بغير ميم ( أنا أمشي مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض حرث المدينة) بالحاء المهملة والمثلثة ولأبي ذر حرث بالتنوين بالمدينة بزيادة حرف الجر وللمستملي خرب بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء والتنوين بالمدينة ( وهو يتوكأ على عسيب) من جريد النخل ( معه فمررنا على نفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه أن يجيء فيه بشيء تكرهونه) وهو إبهمامه إذ هو مبهم في التوراة وأنه مما استأثر الله بعلمه فإن أبهمه دل على نبوّته وهمزة أن مفتوحة ( فقال بعضهم: لنسألنه) عنه ( فقام إليه رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح فسكت عنه
النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعلمت أنه يوحى إليه فقال: { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} )
الجمهور على أنه الروح الذي في الحيوان سألوه عن حقيقته فأخبر أنه من أمر الله أي مما استأثر الله بعلمه وقيل سألوه عن خلق الروح أهو مخلوق أم لا وقوله من أمر ربي دليل على خلق الروح فكان هذا جوابًا ( { وما أوتيتم} ) بواو بعد الفوقية ( { من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85] .
قال الأعمش)
: سليمان ( هكذا في قراءتنا) وهو خطاب لليهود لأنهم قالوا قد أوتينا التوراة وفيها الحكمة.
{ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا} [البقرة: 69] فقيل لهم إن علم التوراة قليل في جنب علم الله فالقلة والكثرة من الأمور الإضافية فالحكمة التي أوتيها العبد خير كثير في نفسها إلا أنها إذا أضيفت إلى علم الله تعالى فهي قليلة.
قال في الفتح: ووقع في رواية الكشميهني وما أوتيتم وفق القراءة المشهورة.

والحديث سبق قريبًا.