فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب تكرير الدعاء

باب تَكْرِيرِ الدُّعَاءِ
( باب تكرير الدعاء) مرة بعد أخرى لإظهار الفقر والحاجة إلى الرب تعالى وخضوعًا وتذللاً له.


[ قــ :6054 ... غــ : 6391 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ قَدْ صَنَعَ الشَّىْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ: «أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ»؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ: مَطْبُوبٌ.
قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ قَالَ: فَبِمَاذَا؟ قَالَ: فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِى ذَرْوَانَ وَذَرْوَانُ»، بِئْرٌ فِى بَنِى زُرَيْقٍ.
قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» قَالَتْ: فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهَا عَنِ الْبِئْرِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلاَّ أَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِى اللَّهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا».
زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَاللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُحِرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَا وَدَعَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( إبراهيم بن المنذر) الحزامي المدني أحد الأعلام قال: ( حدّثنا أنس بن عياض) أبو ضمرة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طبّ) بضم الطاء المهملة وتشديد الموحدة: سحر ( حتى إنه ليخيل إليه) مبني للمفعول واللام للتأكيد أي يظهر له من نشاطه وسابق عادته ( أنه قد صنع الشيء وما صنعه) أي جامع نساءه وما جامعهن فإذا دنا منهنّ أخذته أخذة السحر فلم يتمكن من ذلك ولم يكن ذلك إلا في أمر زوجاته فلا ضرر فيه على نبوّته إذ هو معصوم ( وأنه) عليه الصلاة والسلام ( دعا ربه) عز وجل، وفي كتاب الطب من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة دعا الله ودعاه ( ثم قال) :
( أشعرت) أعلمت ( أن الله) تعالى ( أفتاني) ولأبي ذر عن الكشميهني: قد أفتاني ( فيما استفيته
فيه فقالت عائشة)
-رضي الله عنها- ( فما) بالفاء، ولأبي ذر: وما ( ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان) أي ملكان في صفة رجلين ( فجلس أحدهما) وهو جبريل ( عند رأسي والآخر) وهو ميكائيل ( عند رجليّ) بتشديد التحتية على التثنية ( فقال أحدهما لصاحبه) : وفي الرواية المذكورة فقال الذي عند رأسي للآخر.
وعند الحميدي فقال الذي عند رجليّ للذي عند رأسي، قال الحافظ ابن حجر: وكأنها أصوب ( ما وجع الرجل) ؟ يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال: مطبوب) أي مسحور ( قال: من طبّه) ؟ من سحره ( قال) سحره ( لبيد بن الأعصم) بفتح الهمزة وسكون العين وفتح الصاد المهملتين، وزاد في الرواية المذكورة رجل من بني زريق حليف اليهود وكان منافقًا ( قال: فبماذا؟) سحره ( قال: في مشط) الآلة المعروفة ( ومشاطة) بضم الميم وبالطاء ما يخرج من الشعر بالمشط، وفي رواية ابن جريج عن آل عروة عن عروة في الطب في مشاقة بالقاف ( وجف طلعة) بضم الجيم وتشديد الفاء وإضافتها لتاليها وعاء طلع النخل وقيّده في أخرى بذكر ( قال: فأين هو؟ قال في ذروان) بالذال المعجمة المفتوحة وسكون الراء ( وذروان بئر في بني زريق قالت) عائشة -رضي الله عنها- ( فأتاها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في أناس من أصحابه فنظر إليها وعليها نخل ( ثم رجع إلى عائشة) -رضي الله عنها- ( فقال) لها: ( والله لكأن ماءها) يعني البئر ( نقاعة الحناء) بضم النون بعدها قاف أي في حمرة لونه ( ولكأن نخلها) أي نخل البستان الذي هي فيه ( رؤوس الشياطين) في بشاعة منظرها وخبثها، ويحتمل أن يراد برؤوس الشياطين رؤوس الحيات إذ العرب تسمي بعض الحيات شيطانًا ( قالت) عائشة -رضي الله عنها- ( فأتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرها عن البئر) قالت عائشة ( فقلت يا رسول الله فهلا أخرجته) أي الجف ( قال) عليه الصلاة والسلام ( أمّا أنا) بتشديد الميم ( فقد شفاني الله) منه ( وكرهت أن أثير على الناس شرًّا) باستخراجه فيتعلمونه ويضرون به المسلمين.

( زاد عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي على الحديث المذكور مما وصله في الطب ( والليث بن سعد) مما سبق في بدء الخلق كلاهما ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: سحر النبي) ولأبي ذر رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم السين مبنيًّا للمفعول ( فدعا ودعا) بتكرير دعا مرتين ( وساق الحديث) إلى آخره، ولم يذكر في رواية أنس بن عياض المسوقة في هذا الباب تكرير الدعاء، وفي رواية عبد الله بن نمير عن هشام عند مسلم في هذا الحديث فدعا ثم دعا وبالتكرير تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة.