فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {من كان عدوا لجبريل} [البقرة: 97]

باب .

     قَوْلُهُ : { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ}
[البقرة: 97] .

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ: جَبْرَ وَمِيكَ وَسَرَافِ عَبْدٌ إِيلْ: اللَّهُ
( قوله) تعالى: ( { من كان} ) ولأبي ذر باب التنوين.
( { من كان عدوًّا لجبريل} ) [البقرة: 97] قال ابن جرير: أجمع أهل العلم بالتأويل أن هذه الآية نزلت جوابًا لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدوّ لهم وأن ميكائيل وليّ لهم.

( وقال عكرمة) مولى ابن عباس فيما وصله الطبري ( جبر) ؛ بفتح الجيم وسكون الموحدة ( وميك) ، بكسر الميم ( وسراف) : بفتح السين المهملة وتخفيف الراء وبالفاء المكسورة الأوّل من جبريل، والثاني من ميكائيل، والثالث من إسرافيل معنى الثلاثة ( عبد إيل) : بكسر الهمزة وسكون التحتية معناها في الثلاثة ( الله) أي: جبريل عبد الله، وميكائيل عبد الله، وإسرافيل عبد الله.

وقال بعضهم: جبريل اسم ملك أعجمي فلذلك لم ينصرف للعجمة والعلمية، ومن قال هو مشتق أو مركب تركيب إضافة ردّ قوله لأن الأعجمي لا يدخله الاشتقاق العربي، ولأنه لو كان مركبًا تركيب الإضافة لكان منصرفًا.


[ قــ :4233 ... غــ : 4480 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِيٌّ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: «أَخْبَرَنِى بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا» قَالَ: جِبْرِيلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
قَالَ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ،.
وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ».
قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ» قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ» فَقَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَانْتَقَصُوهُ قَالَ: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد ( عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون وسكون التحتية آخره راء أبو عبد الرحمن المروزي الزاهد أنه ( سمع عبد الله بن بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف ابن حبيب السهمي قال: ( حدّثنا حميد) الطويل ( عن أنس) -رضي الله عنه- أنه ( قال: سمع عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام ( بقدوم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن الكشميهني: بمقدم مصدر ميمي بمعنى القدوم، وله عن الحموي والمستملي مقدم رسول الله بحذف الجار زاد في باب: وإذ قال ربك للملائكة من كتاب بدء الخلق المدينة ( وهو في أرض يخترف) ، بالخاء المعجمة الساكنة والفاء أي يجتني من ثمارها ( فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: إني سائلك عن ثلاث) أي عن ثلاث مسائل ( لا يعلمهن إلاّ نبي فما أوّل أشراط الساعة) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة أي علاماتها ( وما أوّل طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه) بالزاي المكسورة وآخره عين مهملة أي يشبه أباه ويذهب إليه ( أو إلى أمه؟ قال) عليه الصلاة والسلام:
( أخبرني بهن جبريل آنفًا) بمد الهمزة وكسر النون ( قال) ابن سلام: ( جبريل؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( نعم قال) ابن سلام: ( ذاك) كذا في اليونينية وفي الفرع ذلك باللام ( عدوّ اليهود من الملائكة) .
وفي حديث ابن عباس عند أحمد أنهم قالوا: إنه ليس من نبيّ إلاّ له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك؟ قال: جبريل.
قالوا: جبريل ذاك ينزل بالحرب والقتال عدوّنا.

لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان.
( فقرأ) عليه الصلاة والسلام ( هذه الآية) ردًّا على قولهم أو قرأها الراوي استشهادًا بها ( { من كان عدوًّا لجبريل فإنه} ) أي جبريل ( { نزله} ) أي القرآن ( { على قلبك} ) لأنه القابل للوحي ومحل الفهم والحفظ، وإن حقه أن يقول على قلبي
لكنه جاء على حكاية كلام الله تعالى كأنه قال: قل ما تكلمت به، وزاد في رواية أبي ذر بإذن الله أي بأمره تعالى ( أما أوّل أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.
وأما أول طعام أهل الجنة)
ولأبي الوقت: أول طعام يأكله أهل الجنة ( فزيادة كبد حوت) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: الحوت وهي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد وهي أطيبها وأهنأ الأطعمة ( وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد) بالنصب على المفعولية أي جذبه إليه ( وإذا سبق ماء المرأة) أي ماء الرجل ( نزعت) أي جذبته إليها ( قال) ابن سلام: ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
يا رسول الله إن اليهود قوم بهت)
، بضم الموحدة والهاء في اليونينية وفرعها، وفي نسخة بسكون الهاء.
قال الكرماني: جمع بهوت الكثير البهتان، وقيل بهت أي كذابون ممارون لا يرجعون إلى الحق ( وإنهم وإن يعلموا بإسلامي وقبل أن تسألهم يبهتوني، فجاءت اليهود فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أيّ رجل عبد الله) أي ابن سلام ( فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا) ، أفعل تفضيل ( وسيدنا وابن سيدنا.
قال)
عليه الصلاة والسلام: ( أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام) ؟ سقط ابن سلام لأبي ذر ( فقالوا: أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
فقالوا: شرنا وابن شرنا وانتقصوه)
.
ولأبي ذر: فانتقصوه بالفاء بدل الواو ( قال) ابن سلام: ( فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله) .

وهذا الحديث ذكره المؤلّف قبيل المغازي، وفي أحاديث الأنبياء.