فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب خروج النساء إلى البراز

باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ
هذا( باب خروج النساء إلى البراز) بفتح الموحدة الفضاء الواسع من الأرض وكني به عن الخارج من باب إطلاق اسم المحل على الحال.


[ قــ :145 ... غــ : 146 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ -وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ- فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْجُبْ نِسَاءَكَ.
فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ: أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ.
حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ.
[الحديث 146 - أطرافه في: 147، 4795، 5237، 6240] .

وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف ( قال: حدّثنا الليث) بن سعد إمام أهل مصر ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها: ( أن أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كن يخرجن بالليل) أي في الليل ( إذا تبرزن) أي إذا خرجن إلى البراز للبول والغائط ( إلى المناصع) بفتح الميم والنون وكسر الصاد آخره عين مهملتين مواضع آخر المدينة من جهة البقيع ( وهو) أي المناصع ( صعيد أفيح) بالفاء والحاء المهملة أي واسع ( فكان عمر) بن الخطاب رضي الله عنه ( يقول للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: احجب نساءك) أي امنعهن من الخروج من البيوت ( فلم يكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل) ما قاله عمر رضي الله عنه ( فخرجت سودة بنت زمعة) بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحات أو بسكون الميم.
قال في النهاية: وهو أكثر ما سمعنا من أهل الحديث والفقهاء يقولونه القرشية العامرية رضي الله عنها هي ( زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المتوفاة آخر خلافة عمر رضي الله عنه، وقيل في خلافة معاوية بالمدينة سنة أربع وخمسين ( ليلة) أي خرجت في ليلة ( من الليالي عشاء) بكسر العين والمدّ والنصب بدل من قوله ليلة ( وكانت) أي سودة ( امرأة طويلة فناداها عمر) بن الخطاب رضي الله عنه ( ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح ينبّه به على تحقيق ما بعده ( قد عرفناك يا سودة) بالبناء على الضم لأنه منادى مفرد معرفة ( حرصًا) بالنصب مفعول له معمول لقوله فناداها ( على أن

ينزل)
بضم المثناة مبنيًّا للمفعول وسقط لفظ على للأصيلي وفي نسخة في الفرع أن ينزل بفتحها مبنيًّا للفاعل وأن مصدرية أي على نزول ( الحجاب فأنزل الله) عز وجل ( الحجاب) ولغير الأصيلي: فأنزل الله تعالى آية الحجاب أي حكم الحجاب، وللمستملي فأنزل الله آية الحجاب، وزاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الترمذي عن ابن شهاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] الآية.
ففسر المراد من آية الحجاب صريحًا وهذا أحد المواضع الأحد عشر التي وافق عمر فيها نزول القرآن الآتية مع تمام البحث في الحديث إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الأحزاب بعون الله تعالى وقوّته.




[ قــ :145 ... غــ : 147 ]
- حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ».
قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي الْبَرَازَ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولابن عساكر وحدّثنا بالواو وفي رواية أيضًا حدّثني ( زكريا) بن يحيى بن صالح اللؤلؤي البلخي الحافظ، المتوفى ببغداد سنة ثلاثين ومائتين ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة) رضي الله عنها ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) بعد نزول الحجاب:
( قد أذن) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أي أذن الله ( أن) أي بأن ( تخرجن) أي بخروجكن ( في حاجتكن قال هشام) أي ابن عروة ( تعني) أي عائشة رضي الله عنها بالحاجة، وفي بعض الأصول يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( البراز) بفتح الموحدة كما مرّ.
قال الداودي قوله قد أذن أن تخرجن دال على أنه لم يرد هنا حجاب البيوت فإن ذلك وجه آخر إنما أراد أن يستترن بالجلبابات حتى لا يبدو منهنّ إلاّ العين انتهى.

وهذا الحديث طرف من حديث يأتي إن شاء الله في التفسير بطوله، والحاصل منه أن سودة خرجت بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت عظيمة الجسم، فرآها عمر رضي الله عنه فقال: يا سودة أما والله لا تخفين علينا فانظري كيف تخرجين فرجعت فشكت ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يتعشى، فأوحى الله تعالى إليه فقال: إنه قد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكنّ أي لضرورة عدم الأخلية في البيوت، فلما اتخذت فيها الكنف منعهنّ من الخروج إلا لضرورة شرعية ولهذا عقب المصنف رحمه الله هذا الباب بقوله: