فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلح بالدين والعين

باب الصُّلْحِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ
( باب الصلح بالدين والعين) .


[ قــ :2590 ... غــ : 2710 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح.

وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهما رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ فِي بَيتهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ, فَقَالَ: يَا كَعْبُ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ، فَقَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قُمْ فَاقْضِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا عثمان بن عمر) بن فارس وسقط ابن عمر في رواية أبي ذر قال: ( أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي.

( وقال الليث) بن سعد فيما وصله الذهلي في الزهريات ( حدّثني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن كعب أن) أباه ( كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد) عبد الله ( دينًا) وكان أوقيتين ( كان له عليه في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد) متعلق بتقاضى ( فارتفعت) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في المسجد حتى ارتفعت ( أصواتهما حتى سمعها) أي الأصوات ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في بيت) من بيوته جملة حالية، ولأبي ذر: في بيته ( فخرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهما حتى كشف سجف حجرته) بكسر السين المهملة وسكون الجيم ستر بيته ( فنادى كعب بن مالك فقال) :
( يا كعب) ( فقال) أي كعب ولأبي ذر قال: ( لبيك يا رسول الله) ( فأشار) إليه عليه الصلاة والسلام ( بيده) الكريمة ( أن ضع الشطر) من دينك ( فقال كعب: قد فعلت) ذلك ( يا رسول الله) ما
أمرتني به وعبر بالماضي مبالغة في امتثال الأمر ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( قم فاقضه) بكسر الهاء ضمير الغريم المذكور أو ضمير الشطر الباقي من الدين بعد الوضع.

وفيه إشارة إلى أنه لا تجتمع الوضيعة والتأجيل.

وهذا الحديث قد سبق قريبًا وفي الصلاة أيضًا والله أعلم.



باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإِسْلاَمِ، وَالأَحْكَامِ، وَالْمُبَايَعَةِ
( باب ما يجوز من الشروط) عند الدخول ( في الإسلام) كشرط عدم التكلف بالنقلة من بلد إلى أخرى لا أنه لا يصلّي مثلاً ( و) ما يجوز من الشروط في ( الأحكام) أي العقود والفسوخ وغيرهما من المعاملات ( والمبايعة) من عطف الخاص على العام.

711 , 71 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَن لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ -وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ- إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ.
فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلاَّ ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ
سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا.
وَجَاءَت الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ -وَهْيَ عَاتِقٌ- فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ: { إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ -إِلَى قَوْلِهِ- وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 1] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري ونسبه إلى جدّه لشهرته به واسم أبيه عبد الله قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأموي مولاهم ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( أنه سمع مروان) بن الحكم ولا صحبة له ( والمسور بن مخرمة) وله سماع من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكنه إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت قصة الحديبية الآتي حديثها هنا مختصرًا قبل بسنتين ( -رضي الله عنهما- يخبران عن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهم عدول ولا يقدح عدم معرفة من لم يسم منهم ( قال) كلٌّ منهما ( لما كاتب سهيل بن عمرو) بضم السين مصغرًا وعمرو بفتح العين وسكون الميم أحد أشراف قريش وخطيبهم وهو من مسلمة الفتح ( يومئذٍ) أي يوم صلح الحديبية ( كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لا يأتيك منا أحد) من قريش ( وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه) بعين مهملة فضاد معجمة أي غضبوا من هذا الشرط وأنفوا منه وقال ابن الأثير شقّ عليهم وعظم ( وأبي سهيل إلا ذلك) الشرط ( فكاتبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك فرد) عليه الصلاة والسلام ( يومئذٍ أبا جندل) العاصي حين حضر من مكة إلى الحديبية يرسف في قيوده ( إلى أبيه سهيل بن عمرو) لأنه لا يبلغ به في الغالب الهلاك ( ولم يأته) بكسر الهاء عليه الصلاة والسلام ( أحد من الرجال إلا ردّه) إلى قريش ( في تلك المدة وان كان مسلمًا) وفاء بالشرط ( وجاء المؤمنات) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وجاءت المؤمنات ( مهاجرات) نصب على الحال من المؤمنات ( وكانت أم كلثوم) بضم الكاف وسكون اللام وضم المثلثة ( بنت عقبة بن أبي معيط) بضم العين وسكون القاف وفتح الموحدة ومعيط بضم الميم وفتح العين المهملة وسكون التحتية ( ممن خرج إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ وهي عاتق) بعين مهملة فألف فمثناة فوقية فقاف وهي شابة أول بلوغها الحلم ( فجاء أهلها يسألون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يرجعها إليهم) بفتح ياء المضارعة لأن ماضيه ثلاث قال تعالى: { فإن رجعك الله} ( فلم يرجعها) عليه الصلاة والسلام ( إليهم لما) بكسر اللام وتخفيف الميم ( أنزل الله فيهنّ) في المهاجرات ( { إذا جاءكم المؤمنات} ) سماهن به لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بكلمة الشهادة ولم يظهر منهن ما يخالف ذلك ( { مهاجرات} ) من دار الكفر إلى دار الإسلام ( { فامتحنوهن} ) فاختبروهن بالحلف والنظر في العلامات ليغلب على ظنكم صدق إيمانهن ( { الله أعلم بإيمانهنّ} ) منكم لأن عنده حقيقة العلم ( إلى قوله) تعالى ( { ولا هم يحلون لهن} ) [الممتحنة: 10] لأنه لا حلّ بين المؤمنة والمشرك.


[ قــ :590 ... غــ : 713 ]
- قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ -إِلَى- غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ بَايَعْتُكِ" كَلاَمًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ".
[الحديث 713 - أطرافه في: 733، 418، 4891، 588، 714] .

( قال عروة) بن الزبير متصل بالإسناد السابق أولاً ( فأخبرتني عائشة) -رضي الله عنها- ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمتحنهن) يختبرهن ( بهذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} إلى { غفور رحيم} ) وسقط لفظ فامتحنوهن لأبي ذر ( قال عروة قالت عائشة فمن أقرّ بهذا الشرط منهن قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد بايعتك) حال كونه ( كلامًا يكلمها به والله ما مسّت يده) عليه الصلاة والسلام ( يد امرأة قطّ في المبايعة) بفتح الياء ( وما بايعهنّ إلا بقوله) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الطلاق ويأتي إن شاء الله تعالى تامًّا قريبًا من وجه آخر عن ابن شهاب.