فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

باب غَزْوَةُ سِيفِ الْبَحْرِ وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
( غزوة سيف البحر) بكسر السين المهملة وسكون التحتية بعدها فاء أي ساحله ( وهم يتلقون) أي يرصدون ( عيرًا) بكسر العين المهملة إبلاً تحمل ميرة ( لقريش وأميرهم أبو عبيدة) عامر وقيل عبد الله بن عامر ( بن الجراح) الفهري القرشي وسقط ابن الجراح لغير أبي ذر ( -رضي الله عنه-) .


[ قــ :4124 ... غــ : 4360 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ، حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا.

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس ( قال: حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا ( مالك) الإمام ( عن وهب بن كيسان) بفتح الكاف ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- أنه قال: بعث) ولأبي ذر: لما بعث ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثًا) سنة ثمان ( قبل الساحل) أي جهته ( وأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم) أي الجيش ( ثلاثمائة فخرجنا) التفات من الغيبة للتكلم ( وكنا) بالواو ولأبوي ذر والوقت فكنا ( ببعض الطريق فني الزاد فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش فجمع) بفتحات وفي اليونينية بضم الجيم وكسر الميم ( فكان) الذي جمعه ( مزودي تمر) بكسر الميم وفتح الواو والدال بكسر الميم ما يجعل فيه الزاد ( فكان يقوتنا) بضم القاف وسكون الواو ( كل يوم قليل قليل) ولأبي ذر يقوتنا بفتح القاف وكسر الواو المشدّدة كل يوم قليلاً قليلاً بالنصب على المفعولية ( حتى فني) ما في المزودين من الزاد العام ( فلم يكن يصيبنا) مما جمع ثانيًا من الأزواد الخاصة ( إلا تمرة تمرة) قال وهب: ( فقلت) لجابر ( ما تغني عنكم تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها) مؤثرًا ( حين فنيت) بفتح الفاء ( ثم انتهينا إلى) ساحل ( البحر فإذا حوت مثل الظرب) بفتح الظاء المعجمة المشالة وكسر الراء الجبل الصغير ( فأكل منها) وللأربعة منه أي من الحوت ( القوم ثمان) ولأبي ذر: ثماني ( عشرة ليلة ثم أمر أبو عبيد بضلعين) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام ( من أضلاعه) أن ينصبا ( فنصبا) كان الأصل أن يقول: فنصبتا بالتاء لكنه غير حقيقي التأنيث ( ثم أمر براحلته) أن ترحل
( فرحلت) بتخفيف الحاء ولأبي ذر بتشديدها ( ثم مرت) بضم الميم وتشديد الراء مبنيًا للمفعول وفي اليونينية بفتح الميم ( تحتهما) تحت الضلعين ( فلم تصبهما) الراحلة لعظمهما.




[ قــ :415 ... غــ : 4361 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ، أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ، فَنَصَبَهُ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلاً وَبَعِيرًا فَمَرَّ تَحْتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ.
وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لأَبِيهِ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ فَجَاعُوا، قَالَ انْحَرْ قَالَ: نَحَرْتُ قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا قَالَ: انْحَرْ قَالَ: نَحَرْتُ، قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نَحَرْتُ ثُمَّ جَاعُوا قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نُهِيتُ.

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: الذي حفظناه من عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري -رضي الله عنهما- ( يقول: بعثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثمائة راكب أميرنا) جملة حالية بدون الواو ولأبي ذر وأميرنا ( أبو عبيدة بن الجراح نرصد عير قريش فأقمنا بالساحل نصف شهر) ففنيت أزوادنا ( فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط) بفتح الخاء المعجمة والموحدة بعدها طاء مهملة ورق السلم ( فسمي ذلك الجيش جيش الخبط فألقى لنا البحر دابة) من السمك ( يقال لها العنبر) يتخذ من جلدها الأتراس ( فأكلنا منه) من الحوت ( نصف شهر) في الرواية السابقة ثمان عشرة ليلة قيل القائل بالزيادة ضبط ما لم يضبطه الآخر القائل بهذا الثاني ولعله ألغى الزائد وهو الثلاثة ( وادّهنا) بهمزة وصل وتشديد الدال المهملة ( من ودكه) بفتح الواو والدال المهملة من شحمه ( حتى ثابت) بالمثلثة وبعد الألف موحدة ففوقية أي رجعت ( إلينا أجسامنا) إلى ما كانت عليه من القوّة والسمن بعدما هزلت من الجوع ( فأخذ أبو عبيدة ضلعًا من أضلاعه) ولأبي ذر عن المستملي من أعضائه ( فنصبه فعمد) بفتح الميم ( إلى أطول رجل معه) هو قيس بن سعد بن عبادة ( قال سفيان) بن عيينة ( مرة ضلعًا من أضلاعه) وللمستملي من أعضائه ( فنصبه) سقط فنصبه لأبي ذر ( وأخذ رجلاً وبعيرًا فأمر تحته) راكبًا عليه ( قال) : ولأبي ذر فقال ( جابر كان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر) عندما جاعوا ( ثم نحر ثلاث جزائر ثم نحر ثلاث جزائر) بالتكرار ثلاث مرات والجزائر جمع جزور وهو البعير ذكرًا كان أو أنثى ( ثم إن أبا عبيدة نهاه) عن ذلك لأجل قلة الظهر.

( وكان عمرو) بن دينار ( يقول: أخبرنا أبو صالح) ذكوان السمان ( أن قيس بن سعد)
الصحابي ( قال لأبيه) : سعد بن عبادة لما رجعوا ( كنت في الجيش فجاعوا قال: انحر.
قال)
: قلت له ( نحرت.
قال: ثم جاعوا قال)
لي: ( انحر قال) قلت له ( نحرت قال: ثم جاعوا قال: انحر قال) قلت له ( نحرت ثم جاعوا قال: انحر قال) : قلت له ( قد نهيت) بضم النون وكسر الهاء مبنيًّا للمفعول أي نهاني أبو عبيدة وتكرر قوله انحر أربع مرات وهذا صورته صورة المرسل لأن عمرو بن دينار لم يدرك زمان تحديث قيس لأبيه بذلك.
نعم رواه الحميدي في مسنده فيما أخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريقه بلفظ عن أبي صالح عن قيس بن سعد بن عبادة قال: قلت لأبي وكنت في ذلك الجيش جيش الخبط فأصاب الفاس جوع قال لي انحر فذكره.




[ قــ :416 ... غــ : 436 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ: الْعَنْبَرُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كُلُوا فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ» فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) القطان ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن دينار ( أنه سمع جابرًا -رضي الله عنه- يقول: غزونا جيش الخيط وأمر أبو عبيدة) بن الجراح بضم الهمزة مبنيًا للمفعول أمره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علينا ( فجعنا جوعًا شديدًا فألقى البحر) ولأبي ذر لنا البحر ( حوتًا ميتًا لم نر مثله) في العظم ( يقال له العنبر) ويقال إن العنبر الذي يشم رجيع هذه الدالة، وقيل إنه يخرج من قعر البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعًا فيوجد كالحجارة الكبار يطفو على الماء فتلقيه الريح إلى الساحل وهو يقوي القلب والدماغ نافع من الفالج واللوقة والبلغم الغليظ، وقال الشافعي -رحمه الله-: سمعت من قال رأيت العنبر نابتًا في البحر ملتويًا مثل عنق الشاة وله رائحة ذكية، وفي البحر دويبة تقصد لذكاء ريحه وهو سمها فتأكله فيقتلها ويلفظها البحر فيخرج العنبر من بطنها ( فأكلنا منه نصف شهر فأخذ أبو عبيدة عظمًا من عظامه فمر الراكب تحته) .
قال ابن جريج ( فأخبرني) بالفاء والإفراد ولأبوي ذر والوقت وأخبرني ( أبو الزبير) محمد بن مسلم المكي بالسند السابق ( أنه سمع جابرًا يقول: قال) ولأبي الوقت فقال ( أبو عبيدة: كلوا) أي من الحوت فأكلنا ( فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( كلوا رزقًا أخرجه الله) لكم ( أطعمونا إن كان معكم) منه شيء ( فآتاه) بالمد أي أعطاه ( بعضهم) وللأصيلي ونسبها في الفتح لابن السكن فأتاه بعضهم بعضو منه ( فأكله) وفيه حل ميتة السمك وغير ذلك مما لا يخفى.

وفي هذه السرية كان عمر بن الخطاب وقد روينا حديثها في الغيلانيات، وفيه أنه لما أصابهم
الجوع قال قيس بن سعد: من يشتري مني تمرًا بجزر يوفني الجزر هاهنا وأوفيه التمر بالمدينة، فجعل عمر يقول: واعجباه لهذا الغلام لا مال له يدين فيما لغيره وأنه ابتاع خمس جزائر كل جزور بوسق من تمر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة كل يوم جزورًا، فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره فقال: أتريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك؟ فلما قدم قيس لقيه سعد فقال: ما صنعت في مجاعة القوم؟ قال: نحرت، قال: أصبت.
قال: ثم ماذا؟ قال: نحرت.
قال: أصبت.
قال: ثم ماذا؟ قال: نحرت.
قال: أصبت.
قال: ثم ماذا؟ قال: نهيت.
قال: ومن نهاك؟ قال: أبو عبيدة أميري.
قال: ولم؟ قال: زعم أن لا مال لي وإنما المال لأبيك.
قال فلك أربع حوائط أدناها حائط تجد منه خمسين وسقًا.
الحديث بطوله اقتصرت منه على المراد.