فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب موت الفجأة البغتة

باب مَوْتِ الْفَجْأَةِ الْبَغْتَةِ
( باب موت الفجأة) بفتح الفاء وسكون الجيم وبالهمزة، من غير مد، كذا في الفرع.
وروي: الفجاءة بضم الفاء وبعد الجيم مد ثم همزة: الموت من غير سبب مرض ( البغتة) بالجر بدل من الفجأة، ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هي البغتة.
وللكشميهني: بغتة بالتنكير.


[ قــ :1333 ... غــ : 1388 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ".
[الحديث 1388 - طرفه في: 2760] .

وبالسند قال: ( حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو: سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم، قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) هو: ابن أبي كثير المدني ( قال: أخبرني) بالإفراد ( هشام) وفي نسخة: هشام بن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير، ولأبي ذر: عن عروة بدل قوله: عن أبيه ( عن عائشة رضي الله عنها) .

( أن رجلاً) هو سعد بن عبادة ( قال للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن أمي) عمرة ( افتلتت) بضم المثناة الفوقية وكسر اللام مبنيًّا للمفعول، أي: ماتت فلتة، أي: فجأة ( نفسها) بالرفع نائب عن الفاعل، وبالنصب على أنه المفعول الثاني بإسقاط حرف الجر، والأول مضمر وهو القائم مقام الفاعل، أو يضمن: افتلتت، معنى: سلبت فيكون نفسها مفعولاً ثانيًا لا على إسقاط الجار.
أو: بالنصب على التمييز، وكانت وفاتها سنة خمس من الهجرة، فيما ذكره ابن عبد البر.
( وأظنها لو تكلمت تصدقت.
فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟)
بكسر همزة إن لأنها شرطية، قال الزركشي: وهي الرواية الصحيحة، ولا يصح قول من فتحها، لأنه إنما سأل عما لم يفعل.
لكن قال البدر الدماميني: إن ثبتت لنا رواية بفتح الهمزة من: إن أمكن تخريجها على مذهب الكوفيين في صحة مجيء أن المفتوحة الهمزة شرطية كإن المكسورة، ورجحه ابن هشام، والمعنى حينئذ صحيح بلا شك.
( قال) عليه الصلاة والسلام:
( نعم) لها أجر إن تصدقت عنها.
وأشار المؤلّف بهذا إلى أن موت الفجأة ليس بمكروه، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يظهر منه كراهة لما أخبره الرجل بأن أمه افتلتت نفسها.

ونبه بذلك على أن معاني الأحاديث التي وردت في الاستعاذة من موت الفجأة، كحديث أبي داود بإسناد رجاله ثقات، لكن راويه رفعه مرة، ووقفه أخرى: موت الفجأة أخذة أسف، وأنه لا يوأس من صاحبها، ولا يخرج بها عن حكم الإسلام ورجاء الثواب، وإن كان مستعاذًا منها، لما

يفوت بها من خير الوصية، والاستعداد للمعاد بالتوبة، وغيرها من الأعمال الصالحة، وفي مصنف ابن أبي شيبة، عن عائشة، وابن مسعود: موت الفجأة راحة للمؤمن، وأسف على الفاجر.
ونقل النووي عن بعض القدماء: أن جماعة من الأنبياء والصلحاء ماتوا، كذلك قال النووي، وهو محبوب للمراقبين.

ورواة هذا الحديث مدنيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول.