فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، لأنها وديعة عنده

باب إِذَا جَاءَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ، لأَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردّها عليه لأنها وديعة عنده) .


[ قــ :2331 ... غــ : 2436 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ -رضي الله عنه-: «أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ اللُّقَطَةِ قَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ -أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ- ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي مولاهم البغلاني البلخي قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري المدني ( عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) التميمي مولاهم المدني المعروف بربيعة الرأي ( عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أن رجلاً) وفي السابقة أنه

أعرابي وهو يرد على ابن بشكوال حيث فسره ببلال، وفسره الحافظ ابن حجر بسويد والد عقبة بن سويد الجهني لحديث أخرجه الحميديّ وابن السكن وغيرهما كما مرّ ( سأل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن اللقطة) ما حكمها؟ ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
( عرّفها سنة) وجوبًا ولا يجب الاستيعاب للسنة بل تعرّف على العادة ( ثم اعرف وكاءها) بكسر الواو الخيط الذي يربط بها وعاؤها ( وعفاصها) بكسر العين وعاءها، وهذا يقتضي أن التعريف يكون قبل معرفة علاماتها وفي باب ضالة الغنم اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة وهي رواية الأكثر وهي تقتضي أن يكون التعريف متأخرًا عن العلامات، فجمع بينهما النووي بأن يكون مأمورًا بمعرفة العلامات أوّل ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها إذا وصفها كما مرّ ثم بعد تعريفها سنة إذا أراد أن يتملكها تعرفها مرة أخرى تعرفًا وافيًا محقّقًا ليعلم قدرها وصفتها قبل التصرف فيها ( ثم استنفق بها فإن جاء ربها) أي مالكها ( فأدّها إليه) إن كانت موجودة وإلاّ فردّ مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها يوم التملك إن كانت متقوّمة لأنه يوم دخولها في ضمانه وضمانها ثابت في ذمته من يوم التلف، ولا ريب أن المأذون في استنفاقه إذا أنفق لا تبقى عينه وإن جاء المالك وقد بيعت اللقطة فله الفسخ في زمن الخيار لاستحقاقه الرجوع لعين ماله مع بقائه، وقيل ليس له الفسخ لأن خيار العقد إنما يستحقه العاقد دون غيره لأن شرط الخيار للمشتري وحده فليس للمالك الخيار، ولو كانت موجودة لكنها نقصت بعد التملك لزم الملتقط ردّها مع غرم الأرش لأن جميعها مضمون عليه فكذا بعضها وزاد المؤلّف في الحديث المسوق في ضالة الغنم وكانت وديعة عنده.

( قالوا) ولأبوي ذر والوقت: فقال أي الرجل ( يا رسول الله فضالة الغنم) ما حكمها؟ ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب) أي إن تركتها ولم يأخذها غيرك يأكلها الذئب غالبًا فنبّه على جواز التقاطها وتملكها وعلى ما هو العلة وهو كونها معرّضة للضياع ليدل على اطّراد هذا الحكم في كل حيوان يعجز عن الرعية بغير راعٍ والتحفّظ عن صغار السباع.

( قال) السائل ( يا رسول الله فضالة الإبل) ما حكمها؟ ( قال) زيد بن خالد ( فغضب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى احمرّت وجنتاه) ما ارتفع من وجهه الكريم ( أو احمر وجهه) شك الراوي ( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ( ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها) خفّها وجوفها زاد في الرواية الأخرى ترد الماء وتأكل الشجر ( حتى يلقاها ربّها) وأشار بالتقييد بقوله معها سقاؤها إلى أن المانع والفارق بينها وبين الغنم ونحوها استقلالها بالتعيش.