فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب {لا يسألون الناس إلحافا} [البقرة: 273] "

باب { لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]
يُقَالُ: أَلْحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ.
فَيُحْفِكُمْ: يُجْهِدْكُمْ
( { لا يسألون} ) ولأبي ذر باب بالتنوين لا يسألون ( { الناس إلحافًا} ) [البقرة: 273] نصب على المصدر بفعل مقدر أي يلحفون إلحافًا والجملة المقدرة حال من فاعل يسألون أو مفعولًا من أجله أي لا يسألون لأجل الإلحاف أو مصدرًا في موضع الحال أي لا يسألون ملحفين ( يقال:
ألحف عليّ وألحّ عليّ)
سقطت عليّ هذه الأخيرة لأبي ذر ( وأحفاني بالمسألة) أي بالغ فيها كل بمعنى واحد، والعرب إذا نفت الحكم عن محكوم عليه فالأكثر في لسانهم نفي ذلك القيد، فإذا قلت: ما رأيت رجلًا صالحًا فالأكثر على أنك رأيت رجلًا لكن ليس بصالح، ويجوز أنك لم تر رجلًا أصلًا فقوله: { لا يسألون الناس إلحافًا} مفهومه أنهم يسألون لكن لا بالحاف، ويجوز أن يراد أنهم لا يسألون ولا يلحفون فهو كقوله: فلان لا يرجى خيره أي لا خير عنده البتة فيرجى ( فيحفكم) تبخلوا أي ( يجهدكم) في السؤال بالإلحاح.


[ قــ :4288 ... غــ : 4539 ]
- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالاَ: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاَ اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ" يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: " { لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] ".

وبه قال: ( حدّثنا ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري قال: ( حدّثنا محمد بن جعفر) المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد ( شريك بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم ( أن عطاء بن يسار) بالسين المهملة المخففة ( وعبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قالا: سمعنا أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ليس المسكين) الكامل في المسكنة ( الذي تردّه التمرة والتمرتان ولا اللقمة ولا اللقمتان) عند دوراته على الناس للسؤال لأنه قادر على تحصيل قوته وقد تأتيه الزيادة عليه فتزول حاجته ويسقط اسم المسكنة ( إنما المسكين) الكامل ( الذي يتعفف) عن المسألة فيحسبه الجاهل غنيًّا ( واقرؤوا) ولأبي ذر اقرؤوا بحذف الواو ( إن شئتم) ( يعني قوله تعالى: { لا يسألون الناس إلحافًا} ) وقائل يعني شيخ المؤلّف سعيد بن أبي مريم كما وقع مبنيًّا عند الإسماعيلي.

والحديث مرّ في باب لا يسألون الناس إلحافًا من كتاب الزكاة.