فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا ويذكر عن العداء بن خالد، قال: كتب لي النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا ما اشترى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من العداء بن خالد، بيع المسلم من المسلم، لا داء ولا خبثة، ولا غائلة» وقال قتادة: «الغائلة الزنا، والسرقة، والإباق» وقيل لإبراهيم: إن بعض النخاسين يسمي آري خراسان، وسجستان، فيقول: جاء أمس من خراسان، جاء اليوم من سجستان، فكرهه كراهية شديدة وقال عقبة بن عامر: «لا يحل لامرئ يبيع سلعة يعلم أن بها داء إلا أخبره»

باب إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ، وَلَمْ يَكْتُمَا، وَنَصَحَا
وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ، لاَ دَاءَ وَلاَ خِبْثَةَ وَلاَ غَائِلَةَ».
.

     وَقَالَ  قَتَادَةُ: الْغَائِلَةُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ.

وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يُسَمِّي: آرِيَّ خُرَاسَانَ، وَسِجِسْتَانَ.
فَيَقُولُ: جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ.
فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً.

وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إِلاَّ أَخْبَرَهُ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا بين البيعان) بفتح الموحدة وتشديد التحتانية المكسورة أي إذا أظهر البائع والمشتري ما في البيع من العيب ( ولم يكتما) ما فيه من العيب ( ونصحا) من عطف العام على الخاص وجواب إذا محذوف للعلم به وتقديره بورك لهما في بيعهما.

( ويذكر) بضم أوله وفتح ثالثه ( عن العدّاء) بفتح العين والدال المشددة المهملتين ممدودًا ( ابن خالد) واسم جدّه هوذة بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن صعصعة الصحابي أسلم بعد حنين أنه ( قال: كتب لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا ما اشترى محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العداء بن خالد) قال القاضي عياض هذا مقلوب، والصواب كما في الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن منده موصولاً لأن المشتري العداء من محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو الذي في البخاري صواب غير منافٍ لباقي الروايات لأن اشترى يكون بمعنى باع، وحمله في المصابيح على تعدّد الواقعة وحينئذ فلا تعارض ( بيع المسلم المسلم) برفع بيع خبر مبتدأ محذوف أي هو بيع المسلم وبالنصب على أنه مصدر من غير فعله لأن معنى البيع والشراء متقاربان أو منصوب بنزع الخافض أي كبيع المسلم والمسلم الثاني منصوب بالمصدر وهو بيع، وليس المراد به أنه إذا بايع ذميًّا يغشه بل هذا مبايعة المسلمين مطلقًا لا يغش مسلمًا ولا غيره، ولأبي ذر عن الكشميهني من المسلم ( لا داء) أي لا عيب والمراد به العيب الباطن سواء ظهر منه شيء أم لا كوجع الكبد والسعال.
وقال ابن المنير: قوله لا داء أي يكتمه البائع وإلا فلو كان بالعبد داء وبيّنه البائع لكان من بيع المسلم المسلم ومحصله كما قاله في الفتح إنه لم يرد بقوله لا داء نفي الداء مطلقًا بل نفي داء مخصوص وهو ما لم يطلع عليه، ( ولا خبثة) بكسر الخاء المعجمة وضمها وإسكان الموحدة ثم مثلثة مفتوحة أي لا مسببًّا من قوم لهم عهد أو المراد الأخلاق الخبيثة كالإباق أو الحرام كما عبر

عن الحلال بالطيب وللكشميهني: ولا خبية ( ولا غائلة) بالغين المعجمة والهمزة أي لا فجور وأصله من الغول أي الهلاك.

( وقال قتادة) فيما وصله ابن منده من طريق الأصمعي عن سعيد بن أبي عروبة عنه ( الغائلة الزنا والسرقة والإباق) قال ابن قرقول في المطالع: الظاهر أن تفسير قتادة يرجع إلى الخبثة والغائلة معًا.

( وقيل لإبراهيم) النخعي ( إن بعض النخاسين) بفتح النون والخاء المعجمة المشددة وبعد الألف سين مهملة الدلالين ( يسمي) بكسر الميم المشددة وفاعله ضمير يعود على البعض التقدم ومفعوله الأول قوله ( آريّ) بفتح الهمزة الممدودة وكسر الراء وتشديد التحتية على المشهور، وفي اليونينية رفع الياء وهو مربط الدابّة أو حبل يدفن في الأرض ويبرز طرفه تشدّ به الدابة.
قال القاضي عياض: وأظن أنه سقط من الأصل لفظة دوابه يعني أنه كان الأصل يسمي آري دوابه، ووجهه في المصابيح بأنه من حذف المضاف إليه وإبقاء المضاف على حاله أو على حذف الألف واللام أي يسمي الآريّ أي الإصطبل كأنه كان فيه يسمى آريه، وفي رواية أبي زيد المروزي يسمي أرى بفتح الهمزة والراء من غير مدّ مع قصر آخره كدعا.
قال الحافظ ابن حجر: وهو تصحيف، ولأبي ذر الهروي أرى بضم الهمزة وفتح الراء بمعنى أظن والصواب الأول وهو الذي في الفرع وأصله لا غير.

وقد بيّن الصواب في ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال قيل له: إن ناسًا من النخاسين وأصحاب الدواب يسمي أحدهم إصطبل دوابه ( خراسان) الإقليم المعروف وهو ثاني مفعول يسمي ( وسجستان) بكسر السين الأولى والجيم وسكون الثانية عطف عليه ثم يأتي السوق ( فيقول: جاء أمس) بكسر السين اليوم الذي قبل يومك ( من خراسان جاء اليوم) ولأبي ذر وابن عساكر: وجاء اليوم، وللحموي والمستملي: أمس ( من سجستان فكرهه كراهة شديدة) لما تضمنه من الغش والخداع والتدليس على المشتري لأنه يظن بذلك أنها قريبة الجلب من المحلين المذكورين.

( وقال عقبة بن عامر) الجهني المتوفى بمصر واليًا سنة ثمان وخمسين فيما وصله ابن ماجة بمعناه ( لا يحل لامرئ يبيع سلعة يعلم أن بها داء) عيبًا باطنًا كوجع كبد ( إلا أخبره) وللكشميهني: إلا أخبر به.


[ قــ :1995 ... غــ : 2079 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا -أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا- فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».
[الحديث 2079 - أطرافه في: 2082، 2108، 2110، 2114] .

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بن دعامة ( عن صالح أبي الخليل) بالخاء المعجمة من الخلة ابن أبي مريم الضبعي ( عن عبد الله بن الحرث) بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي وهو مذكور في الصحابة لأنه ولد في عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحنكه وهو معدود من حيث الرواية في كبار التابعين ( رفعه) أي الحديث ( إلى حكيم بن حزام) بكسر الحاء المهملة وبالزاي المخففة، وله في البخاري أربعة أحاديث ( -رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: البيعان) بفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية ( بالخيار) في المجلس ( ما لم يتفرقا) بتقديم الفوقية على الفاء وتشديد الراء ( أو قال حتى يتفرقا) بأبدانهما عن مكانهما الذي تبايعا فيه والشك من الراوي ( فإن صدقا) كل واحد منهما عما يتعلق به من الثمن ووصف المبيع ونحو ذلك ( وبينا) ما يحتاج إليه بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن ( بورك لهما في بيعهما) أي كثر نفع المبيع والثمن ( وإن كتما) أي كتم البائع عيب السلعة والمشتري عيب الثمن ( وكذبا) في وصف السلعة والثمن ( محقت بركة بيعهما) أي أذهبت زيادته ونماؤه فإن فعله أحدهما دون الآخر محقت بركة بيعه وحده، ويحتمل أن يعود شؤم أحدهما على الآخر بأن تنزع البركة من المبيع إذا وجد الكذب أو الكتم.

وهذا الحديث أخرجه في البيع وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي فيه وفي الشروط.