فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف

باب يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ
هذا ( باب) بالتنوين ( يحرس) المصلون ( بعضهم بعضًا في صلاة الخوف) .


[ قــ :916 ... غــ : 944 ]
- حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ، وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ.
ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلاَةٍ وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا".

وبالسند قال: ( حدّثنا حيوة بن شريح) بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الواو في الأوّل، وضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون المثناة التحتية ثم حاء مهملة في الآخر، الحمصي الحضرمي، وهو حيوة الأصغر، المتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا محمد بن حرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء ثم موحدة، الخولاني الحمصي الأبرش ( عن الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة، محمد بن الوليد، الشامي الحمصي، وللإسماعيلي: حدّثنا الزبيدي ( عن) ابن شهاب ( الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بسكون المثناة الفوقية وضم عين الأوّل، والثالث: ابن مسعود المدني، أحد الفقهاء السبعة ( عن ابن عباس، رضي الله عنهما) ، أنه ( قال: قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقام) بالواو، ولأبي ذر في نسخة: فقام ( الناس معه) طائفتين، طائفة خلفه وأخرى خلفها ( فكبر وكبروا) كلهم ( معه، وركع وركع ناس منهم) صادق بالطائفة التي تليه عليه الصلاة والسلام، وبالأخرى، وزاد الكشميهني: معه ( ثم سجد) عليه الصلاة والسلام ( وسجدوا) أي: الذين ركعوا ( معه) والطائفة الأخرى قائمة تحرس ( ثم قام) عليه الصلاة والسلام ( للثانية) أي: للركعة الثانية، ولابن عساكر: ثم قام الثانية ( فقام الذين سجدوا) معه، عليه الصلاة والسلام، ( وحرسوا إخوانهم، وأتت الطائفة الأخرى) الذين لم يركعوا ولم يسجدوا معه في الركعة الأولى، وتأخرت الطائفة الأخرى إلى مقام الأخرى يحرسونهم ( فركعوا وسجدوا معه) عليه الصلاة والسلام، وهذا فيما إذا كانوا في جهة القبلة، ولا حائل يمنع رؤيتهم، وفي القوم كثرة بحيث يحرس بعضهم بعضًا كما قال: ( والناس كلهم فى صلاة) ولأبي الوقت: في الصلاة، بالتعريف ( ولكن يحرس بعضهم بعضًا) هذا موضع الترجمة.
وظاهر هذا السياق صادق بأن تسجد الطائفة الأولى معه في الركعة الأولى، والثانية في الثانية، وعكسه بأن تسجد الثانية معه في الأولى، والأولى في الثانية، مع تحول كل منهما إلى مكان الأخرى كما مرّ، فتكون صفتين.

والذي في مسلم، وأبي داود: هو الصفة الأولى مع التحوّل أيضًا، ولفظ رواية أبي داود، عن أبي عياش الزرقيّ، قال: صلينا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العصر بعسفان، فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والمشركون أمامه، واصطفوا صفًّا خلفه، وخلف الصف صف آخر، فركع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وركعوا جميعًا ثم سجد الصف الذي يليه وقام الآخر يحرسونهم، فلما قضى بهم السجدتين وقاموا، سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدّم الآخرون إلى مقام الأوّلين، ثم ركع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وركعوا جميعًا، ثم سجد فسجد الصف الذي يليه.
وقام الآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سجد الآخرون وجلسوا جميعًا، فسلم بهم.
ولمسلم نحوه.

وهذا السياق مغاير لحديث الباب، فإن فيه: أن الصفين ركعوا معه، عليه الصلاة والسلام، وسجدت معه الأولى وقامت الأخرى من الركوع تحرس، ثم سجدت الحارسة بعد فراغ أولئك.

وفي حديث الباب أنه ركع طائفة منهم وسجدوا معه، ثم جاءت الطائفة الأخرى كذلك، ولم يقع في رواية الزهري هذه: هل أكملوا الركعة الثانية أم لا.

نعم، زاد النسائي في رواية له، من طريق أبي بكر بن أبي الجهم، عن شيخه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فزاد في آخره: ولم يقضوا.
وهذا كالصريح في اقتصارهم على ركعة ركعة.

ولمسلم، وأبي داود، والنسائي، من طريق مجاهد عن ابن عباس، قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم، في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة.
لكن الجمهور على أن قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأوّلوا رواية مجاهد هذه على أن المراد ركعة مع الإمام، وليس فيه نفي الثانية.

ورواة حديث الباب ثلاثة حمصيون، واثنان مدنيان.
وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه النسائي في الصلاة.