فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها وكره عمران بن حصين بيعه في الفتنة

باب بَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ وَغَيْرِهَا وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بَيْعَهُ فِي الْفِتْنَةِ
( باب بيع السلاح في) أيام ( الفتنة) وهي ما يقع بين المسلمين من الحروب هل هو مكروه أم لا؟ نعم يكره عند اشتباه الحال لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان، وذلك مكروه منهي عنه أما إذا تحقق الباغي فالبيع لمن كان على الحق لا بأس به ( وغيرها) أي وغير أيام الفتنة لا يمنع منه.
( وكره عمران بن حصين) فيما وصله ابن عدي في كامله من طريق أبي الأشهب عن أبي رجاء عن عمران، ورواه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن أبي رجاء عن عمران مرفوعًا وإسناده ضعيف ( بيعه) أي السلاح ( في الفتنة) لمن يقتل به ظلمًا كبيع العنب لمن يتخذه خمرًا والشبكة لمن يصطاد بها في الحرم والخشب لمن يتخذ منه الملاهي وبيع المماليك المرد لمن يعرف بالفجور فيهم، وهذا كله حرام عند التحقق أو الظن أما عند التوهم فمكروه والعقد في كلها صحيح لأن النهي عنه لأمر خارج عنه.


[ قــ :2016 ... غــ : 2100 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ حُنَيْنٍ فَأَعْطَاهُ -يَعْنِي دِرْعًا- فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ".
[الحديث 2100 - أطرافه في: 3142، 4321، 4322، 7170] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) إمام دار الهجرة ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري ( عن ابن أفلح) هو مولى أبي أيوب الأنصاري ونسبه لجدّه لشهرته به وصرح أبو ذر باسمه فقال عن عمر بن كثير بالمثلثة ( عن أبي محمد) نافع بن عياش بالمثناة التحتية والمعجمة الأقرع

( مولى أبي قتادة عن أبي قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حنين) وادٍ بين مكة والطائف وراء عرفات وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة ( فأعطاه) عليه الصلاة والسلام ( يعني درعًا) كان السياق يقتضي أن يقول فأعطاني لكنه من باب الالتفات، وأسقط المصنف بين قوله حنين وقوله فأعطاه ما ثبت عنده في غزوة حنين من المغازي لما قصده من بيان جواز بيع الدرع فذكر ما يحتاج إليه من الحديث وحذف ما بينهما على عادته، ولفظه: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حنين فلما التقينا كان للمسلمين جولة فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين فضربته من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل عليّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر -رضي الله عنه- فقلت: ما بال الناس؟ قال أمر الله عز وجل ثم رجعوا وجلس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال:
"من قتل قتيلاً له عليه بيّنة فله سلبه".
فقلت: من يشهد لي فجلست.
"قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مثله" فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست.
قال: "ثم قال النبي- مثله" فقمت فقال: "ما لك يا أبا قتادة فأخبرته فقال رجل صدق وسلبه عندي فأرضه مني" فقال أبو بكر -رضي الله عنه- لاها الله إذًا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه "فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأعطه فأعطانيه" ( فبعت الدرع) المذكور ( فابتعت) فاشتريت ( به) أي بثمنه قال الواقدي باعه من حاطب بن أبي بلتعة بسبع أواقي ( مخرفًا) بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة وبعد الراء فاء بستانًا ( في بني سلمة) بكسر اللام بطن من الأنصار وهم قوم أبي قتادة ( فإنّه) أي المخرف ( الأول) بلام مفتوحة قبل الهمزة للتأكيد، وللكشميهني: أول ( مال تأثلته) بالمثلثة قبل اللام وبعد الهمزة المفتوحة من باب التفعل الذي فيه معنى التكلّف أي اتخذته أصلاً لمالي ( في الإسلام) وسقط لأبي ذر وابن عساكر قوله فأعطاه يعني درعًا.

ومطابقة الحديث لما ترجم به في الجزء الثاني منها فإن بيع أبي قتادة درعه كان في غير أيام الفتنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الخمس والمغازي والأحكام، ومسلم في المغازي، وأبو داود في الجهاد، والترمذي في السير، وابن ماجة في الجهاد.