فهرس الكتاب

إرشاد الساري - بَابُ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ

باب وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ نَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ.
مَا كَانَ فِى الْقُرْآنِ أَوْ أَوْ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ وَقَدْ خَيَّرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْبًا فِى الْفِدْيَةِ.

( باب كفارات الأيمان) سقط لأبي ذر لفظ باب وثبت للكشميهني والحموي كتاب الخ ولأبي ذر عن المستملي كتاب الكفارات جمع كفارة من الكفر وهو الستر لأنها تستر الذنب ومنه الكافر لأنه يستر الحق ويسمى الليل كافرًا لأنه يستر الأشياء عن العيون ( وقول الله تعالى: {فكفارته}) أي فكفارة معقود الأيمان ( {إطعام عشرة مساكين}) [المائدة: 89] بإعطاء كل مسكين مدًّا من جنس الفطرة أو مسمى كسوة مما يعتاد لبسه كمقنعة ومنديل أو إعتاق رقبة مؤمنة فإن عجز عن كلٍّ من الثلاثة لزمه صوم ثلاثة أيام ولو مفرقة ( وما أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بن كعب بن عجرة كما في الحديث اللاحق ( حين نزلت: {فدية من صيام}) أي إذا حلق رأسه وهو محرم فعليه صيام ثلاثة أيام ( {أو صدقة}) على ستة مساكين نصف صاع من بر ( {أو نسك) [البقرة: 196] شاة مصدر أو جمع نسيكة.

( ويذكر عن ابن عباس) رضى الله عنهما فيما وصله سفيان الثوري في تفسيره عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس ( وعطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله الطبري أيضًا من طريق ابن جريج ( وعكرمة) مولى ابن عباس مما وصله الطبري أيضًا من طريق داود بن أبي هند عنه ( ما كان في القرآن أو أو) بفتح الهمزة وسكون الواو فيهما نحو قوله تعالى: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ( فصاحبه بالخيار وقد خير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كعبًا في الفدية) على ما يأتي إن شاء الله تعالى الآن.


[ قــ :6358 ... غــ : 6708 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُهُ، يَعْنِى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «ادْنُ» فَدَنَوْتُ فَقَالَ: «أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «{فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}».
[البقرة: 196] وَأَخْبَرَنِى ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، وَالْمَسَاكِينُ سِتَّةٌ.

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي قال: ( حدّثنا أبو شهاب) عبد ربه بن نافع الأصغر الحناط بالمهملة والنون الأسدي ويقال له الهذلي البصري ( عن ابن عون) بفتح العين المهملة وسكون الواو عبد الله واسم جده ارطبان الأنصاري ( عن مجاهد) أي ابن جبر ( عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى) بفتح اللامين الأنصاري المدني ثم الكوفي ( عن كعب بن عجرة) بضم العين المهملة وسكون الجيم وفتح الراء -رضي الله عنه- أنه ( قال: أتيته يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) :
( ادن) أي اقرب ( فدنوت فقال: أيؤذيك) ولأبي ذر أتؤذيك بالفوقية بدل التحتية ( هوامّك) بتشديد الميم للساكنين جمع هامة بالتشديد تطلق على كل ما يدب من الحيوان كالقمل وشبهه وكان القمل يتناثر على وجهه ( قلت) ولأبي ذر قلت: ( نعم.
قال)
: احلق رأسك وعليك ( {فدية}) مرفوع مبتدأ خبره محذوف أي عليك فدية أو خبر مبتدأ محذوف أي فالواجب عليك فدية ( {من صيام أو صدقة أو نسك}) .

قال أبو شهاب بالسند الأول: ( وأخبرني) بالإفراد ( ابن عون) عبد الله ( عن أيوب) السختاني أنه ( قال: الصيام ثلاثة أيام والنسك شاة والمساكين ستة) إي إطعام ستة مساكين قال ابن بطال: وإنما ذكر البخاري حديث كعب هنا من أجل التخيير فإنها وردت في كفارة اليمين كما وردت في كفارة الأذى.
وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون البخاري أدخل حديث كعب هنا موافقة لمن قال إن الإطعام نصف صاع في الكفارة كالفدية فنبه على حمل المطلق على المقيد لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نص في الفدية على أنها نصف صاع ولم يثبت عنه نص في قدر طعام الكفارة وهذا من أنصاف البخاري لأنه كثيرًا ما يخالف الكوفيين إلا أن يظهر الحق معهم.
اهـ.

ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن فيه التخيير كما في كفارة الأيمان.

والحديث سبق في الحج.