فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الفتنة من قبل المشرق»

باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الفتنة من قبل المشرق) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهة المشرق.


[ قــ :6714 ... غــ : 7092 ]
- حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «الْفِتْنَةُ هَا هُنَا، الْفِتْنَةُ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» -أَوْ قَالَ- قَرْنُ الشَّمْسِ».

وبه قال: ( حدّثنا) ولغير أبي ذر: حدّثني بالإفراد ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني ( عن معمر) بفتح الميمين هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قام إلى جنب المنبر) وفي الترمذي من طريق عبد الرزاق عن معمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام على المنبر ( فقال) :
( الفتنة هاهنا الفتنة هاهنا) بالتكرار مرتين ( من حيث يطلع قرن الشيطان) بضم اللام من يطلع ولمسلم من طريق فضيل بن غزوان عن سالم بلفظ: إن الفتنة تجيء من هاهنا وأومأ بيده نحو المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان بالتثنية وقد قيل: إن له قرنين على الحقيقة، وقيل: إن قرنيه ناحيتا رأسه أو هو مثل أي حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط أو قرنه أهل حزبه ( أو قال قرن الشمس) أي أعلاها، وقيل: إن الشيطان يقرن رأسه بالشمس عند طلوعها لتقع سجدة عبدتها له.

والحديث أخرجه الترمذي في الفتن.




[ قــ :6715 ... غــ : 7093 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ مُسْتَقْبِلٌ الْمَشْرِقَ يَقُولُ: «أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي قال: ( حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو) أي والحال أنه ( مستقبل المشرق) بالنصب ولأبي ذر المشرق بالجر ( يقول) :
( ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام ( إن الفتنة هاهنا) مرة واحدة من غير تكرار ( من حيث يطلع قرن الشيطان) من غير شك بخلاف الأولى، وإنما أشار عليه الصلاة والسلام إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذا وقع فكان وقعة الجمل ووقعة صفين ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.

وهذا علم من أعلام نبوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشرف وكرم.




[ قــ :6716 ... غــ : 7094 ]
- حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا».
قَالُوا: وَفِى نَجْدِنَا قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِى يَمَنِنَا».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِى نَجْدِنَا فَأَظُنُّهُ قَالَ: فِى الثَّالِثَةَ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا أزهر بن سعد) بفتح الهمزة والهاء بينهما زاي ساكنة آخره راء وسعد بسكون العين السمان ( عن ابن عون) بفتح المهملة وسكون الواو بعدها نون عبد الله واسم جده أرطبان البصري ( عن نافع عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- أنه ( قال: ذكر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح الذال المعجمة والكاف.

( اللهم بارك لنا في شأمنا) بهمزة ساكنة ( اللهم بارك لنا في يمننا.
قالوا: وفي)
ولأبي ذر قالوا يا رسول الله: وفي ( نجدنا) بفتح النون وسكون الجيم.
قال الخطابي: نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وبهذا يعلم ضعف ما قاله الداودي أن نجدًا من ناحية العراق فإنه يوهم أن نجدًا موضع مخصوص وليس كذلك بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يليه يسمى المرتفع نجدًا والمنخفض غورًا ( قال: اللهم بارك لنا في شأمنا اللهم بارك لنا في يمننا) بتكرير اللهم أربعًا ( قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا) ؟ قال ابن عمر ( فأظنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع الشيطان) ولأبي ذر عن الكشميهني: يطلع قرن الشيطان يبدأ من المشرق ومن ناحيتها يخرج يأجوج ومأجوج والدجال وبها الداء العضال وهو الهلاك في الدين، وإنما ترك الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم لاستيلاء الشيطان بالفتن.

والحديث سبق في الاستسقاء، وأخرجه الترمذي في المناقب وقال: حسن صحيح غريب.




[ قــ :6717 ... غــ : 7095 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا قَالَ: فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ فِى الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} فَقَالَ: هَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِى دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ.

وبه قال: (حدّثنا إسحاق الواسطي) ولابن عساكر إسحاق بن شاهين الواسطي قال: (حدّثنا خالد) كذا للأربعة في اليونينية وهو ابن عبد الله الطحان وفي نسخة خلف.
قال العيني: وما أظن صحته (عن بيان) بفتح الموحدة والتحتية المخففة وبعد الألف نون ابن بشر بكسر الموحدة وسكون المعجمة الأحمسي (عن وبرة بن عبد الرحمن) بفتح الواو والموحدة والراء الحارثي (عن سعيد بن جبير) أنه (قال: خرج علينا عبد الله بن عمر) وسقط عبد الله لابن عساكر (فرجونا أن يحدّثنا حديثًا حسنًا) يشتمل على ذكر الرحمة والرخصة (قال: فبادرنا) بفتح الراء فعل ومفعول (إليه رجل) اسمه حكيم (فقال: يا أبا عبد الرحمن) هي كنية ابن عمر (حدّثنا) بكسر الدال وسكون المثلثة (عن القتال في الفتنة والله) تعالى (يقول: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] ساقها للاحتجاج على مشروعية القتال في الفتنة وردًّا على من ترك ذلك كابن عمر فإنه كان يرى ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقَّة والأخرى مبطلة (فقال) أي ابن عمر (هل تدري ما الفتنة؟ ثكلتك) بفتح المثلثة وكسر الكاف أي عدمتك (أمك) فظاهره الدعاء وقد يرد للزجر كما هنا (إنما كان محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقاتل المشركين) يعني أن الضمير في قوله: { وقاتلوهم} للكفار فأمر المؤمنين بقتال الكفار حتى لا يبقى أحد يفتن عن دين الإسلام ويرتد إلى الكفر (وكان الدخول في دينهم فتنة) سبق في سورة الأنفال من رواية زهير بن معاوية عن بيان فكان الرجل يفتن عن دينه إما يقتلونه وإما يعذّبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة أي فلم تبق فتنة من أحد من الكفار لأحد من المؤمنين (وليس كقتالكم) ولأبي ذر وابن عساكر: بقتالكم (على الملك) بضم الميم وسكون اللام أي في طلب الملك كما وقع بين مروان ثم ابنه عبد الملك وبين ابن الزبير وما أشبه ذلك، وإنما كان قتالاً على الدين.

والحديث سبق في التفسير.