فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أيام الجاهلية

باب أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ
( باب) بيان ( أيام الجاهلية) أيام الفترة وسميت بها لكثرة جهالاتهم وسقط لأبي ذر لفظ باب.


[ قــ :3654 ... غــ : 3831 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ هِشَامٌ حَدَّثَنا أَبِي عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُهُ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لاَ يَصُومُهُ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( قال هشام: حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا هشام قال: حدّثني ( أبي) عروة بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: كان عاشوراء) ولأبي ذر كان يوم عاشوراء ( يومًا تصومه قريش في الجاهلية) اقتداء بشرع سابق، لكن قال في الفتح: أن في بعض الأخبار أنه كان أصابهم قحط ثم رفع عنهم فصاموه شكرًا ( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصومه) أي في الجاهلية ( فلما قدم المدينة) في ربيع الأول ( صامه) على عادته ( وأمر) أصحابه ( بصيامه) في أول السنة الثانية ( فلما نزل رمضان) أي صيامه في الثانية في شهر شعبان ( كان من شاء صامه) أي عاشوراء ( ومن شاء لا يصومه) .

وهذا الحديث قد مرّ في كتاب الصيام.




[ قــ :3655 ... غــ : 383 ]
- حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله
عنهما - قَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْفُجُورِ فِي الأَرْضِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأ الدَّبَرْ، وَعَفَا الأَثَرْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ.
قَالَ: فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ».

وبه قال: ( حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم قال: ( حدّثنا وهيب) مصغرًا هو ابن خالد قال: ( حدّثنا ابن طاوس) عبد الله ( عن أبيه) طاوس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه ( قال: كانوا) أي أهل الجاهلية ( يرون) بفتح التحتية أي يعتقدون ( أن العمرة) أي الإحرام بها ( في أشهر الحج) شوال وذي القعدة وتسع من الحجة وليلة النحر أو عشر أو ذي الحجة بكماله على الخلاف فيه ( من الفجور) أي من الذنوب ( في الأرض وكانوا) أي في الجاهلية ( يسمون المحرم صفرًا) بالتنوين مصروفًا.
قال النووي: بلا خلاف اهـ.
وفي الفرع كأصله عن أبي ذر صفر بغير تنوين ( ويقولون: إذا برأ الدبر) بالمهملة والموحدة المفتوحتين الجرح الذي يحصل في ظهر الإبل من اصطكاك الأقتاب وبرا بغير همزة في الفرع كأصله ( وعفا الأثر) أي ذهب أثر الحاج من الطريق بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وزاد في الحج وانسلخ صفر ( حلت العمرة لمن اعتمر) بسكون الراء كالسابقتين للسجع.

( قال) ابن عباس ( فقدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) مكة ( رابعة) أي صبح رابعة من ذي الحجة حال كونهم ( مهلين بالحج) ولا يلزم من إهلاله عليه الصلاة والسلام بالحج أن لا يكون قارنًا ( وأمرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجعلوها) أي يقبلوا الحجة ( عمرة) ويتحللوا بعملها فيصيروا متمتعين وهذا الفسخ خاص بذلك الزمن خلافًا للأمام أحمد ( قالوا: يا رسول الله أيّ الحل؟) هل هو حل عام لكل ما حرم بالإحرام حتى الجمع أو حل خاص ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( الحل كله) فيحل فيه حتى الجماع لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد.

وهذا الحديث قد سبق في الحج.




[ قــ :3656 ... غــ : 3833 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.
قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال: كان عمرو) بفتح العين ابن دينار ( يقول: حدّثنا سعيد بن المسيب) التابعي ( عن أبيه) المسيب ( عن جده) جد سعيد واسمه حزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي بعدها نون المهاجري وإن من أشراف قريش في الجاهلية أنه ( قال: جاء سيل في الجاهلية) قبل الإسلام ( فكسا) أي غطى ( ما بين الجبلين) المشرفين على مكة ( قال سفيان) بن عيينة: ( ويقول) عمرو بن دينار: ( إن هذا الحديث له شأن) أي قصة طويلة.




[ قــ :3657 ... غــ : 3834 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ أَبِي بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: "دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ، فَرَآهَا لاَ تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لاَ تَكَلَّمُ؟ قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً.
قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ.
فَتَكَلَّمَتْ فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: امْرُؤٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، قَالَتْ: أَيُّ الْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ: مِنْ قُرَيْشٍ.
قَالَتْ: مِنْ أَىِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ؟ قَالَ: إِنَّكِ لَسَئُولٌ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ.
قَالَتْ: مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ.
قَالَتْ: وَمَا الأَئِمَّةُ؟ قَالَ: أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ؟ قَالَتْ: بَلَى.
قَالَ: فَهُمْ أُولَئِكَ عَلَى النَّاسِ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن بيان) بفتح الموحدة وتخفيف التحتية ( أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ابن بشر بالموحدة ككنيته الأحمسي الكوفي ( عن قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي واسمه عوف أنه ( قال: دخل أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- ( على امرأة من أحمس) بحاء وسين مهملتين وفتح الميم قبيلة من بجيلة وليست من الحمس الذين هم من قريش ( يقال لها) للمرأة ( زينب) بنت المهاجر كما في طبقات ابن سعد أو بنت جابر كما ذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة عن ابن منده في تاريخ النساء له أو زينب بنت عوف كما ذكر الدارقطني في العلل قال: وذكر ابن عيينة عن إسماعيل أنها جدة إبراهيم بن المهاجر.
قال في الفتح: والجمع بين هذه الأقوال ممكن فمن قال: بنت المهاجر نسبها إلى أبيها أو بنت جابر نسبها إلى جدها الأدنى أو بنت عوف نسبها إلى جدها الأعلى ( فرآها) أبو بكر ( لا تكلم) بحذف أحد المثلين ( فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة) بضم الميم الأولى وكسر الثانية وسكون الصاد المهملة اسم فاعل من أصمت رباعيّا.
يقال: أصمت بفتح أوله اصماتًا وصمت بفتحتين صموتًا وصمتًا وصماتًا أي ساكنة ( قال لها: تكلمي فإن هذا) أي ترك الكلام ( لا يحل هذا) الصمات ( من عمل الجاهلية فتكلمت) .
وعند الإسماعيلي أن المرأة قالت له كان بيننا وبين قومك في الجاهلية شرّ فحلفت أن الله عافاني من ذلك أن لا أكلم أحدًا حتى أحج فقال: إن الإسلام يهدم ذلك فتكلمي ( فقالت) له: ( من أنت؟ قال) لها: ( امرؤ من المهاجرين.
قالت: أي المهاجرين؟ قال)
لها: ( من قريش.
قالت)
له: ( من أي قريش أنت؟ قال) لها: ( إنك) بكسر الكاف ( لسؤول) بلام التأكيد وصيغة فعول المذكر والمؤنث فيها سواء والمعنى أنك لكثيرة السؤال ( أنا أبو بكر.
قالت)
له: ( ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح) أي دين الإسلام ( الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال) أبو بكر -رضي الله عنه-: ( بقاؤكم عليه ما استقامت بكم) بالموحدة ولأبي ذر عن الكشميهني لكم باللام ( أئمتكم) لأن باستقامتهم تقام الحدود وتؤخذ الحقوق ويوضع كل شيء موضعه ( قالت) له: ( وما الأئمة؟ قال) لها: ( أما) بالتخفيف ( كان لقومك رؤوس وأشراف
يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت)
له: ( بلى.
قال)
: لها: ( فهم أولئك على الناس) بكسر الكاف.

واستدلّ به على أن من نذر أن لا يتكلم لم ينعقد نذره لأن أبا بكر -رضي الله عنه- أطلق أن ذلك لا يحل وأنه من فعل الجاهلية وأن الإسلام هدم ذلك، ولا يقول أبو بكر مثل هذا إلا عن توقيف فيكون في حكم المرفوع وشرط المنذور كونه قربة لم تتعين كعتق وعيادة مريض وسلام وتشييع جنازة فلو نذر غير قربة كواجب عيني كصلاة الظهر أو معصية كشرب خمر وصلاة بحدث أو مكروه كصيام الدهر لمن خاف به ضررًا أو فوت حق أو مباح كقيام وقعود وصمت سواء نذر فعله أم تركه لم يصح نذره، أما الواجب المذكور فلأنه لزم عينًا بإلزام الشرع قبل النذر فلا معنى لالتزامه، وأما المعصية فلحديث مسلم لا نذر في معصية الله.
وأما المكروه والمباح فلأنهما لا يتقرب بهما.
وتأتي زيادة لهذا في النذور إن شاء الله تعالى بقوة الله ومعونته.




[ قــ :3658 ... غــ : 3835 ]
- حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا خِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:
وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا ... أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ نجَانِي
فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهْيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْ.
فَاتَّهَمُونِي بِهِ، فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي إِذْ أَقْبَلَتِ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( فروة بن أبي المغراء) بفتح الفاء وسكون الراء والمغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الراء ممدود الكندي الكوفي قال: ( أخبرنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب) لم تسم وذكر عمر بن شبة أنها كانت بمكة وأنها لما وقع لها ذلك هاجرت إلى المدينة ( وكان لها حفش) بحاء مهملة مكسورة وفاء ساكنة بعدها شين معجمة بيت صغير ( في المسجد قالت) عائشة -رضي الله عنها- ( فكانت تأتينا فتحدّث عندنا) بحذف أحد المثلين تخفيفًا ولأبي ذر نتحدّث بحذف الفاء وإثبات التاء الأخرى ( فإذا فرغت من حديثها قالت: ويوم الوشاح) بكسر الواو وضمها وقد تبدل همزة مكسورة وبالشين المعجمة وبعد الألف حاء مهملة ما يقدّ من الجلد ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقيها ( من تعاجيب ربنا ألا) بالتخفيف ( أنه) بفتح الهمزة وكسرها في اليونينية ( من بلدة الكفر أنجاني، فلما أكثرت) من ذلك ( قالت لها عائشة) -رضي الله عنها-: ( وما يوم الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي) وكانت
عروسًا فدخلت مغتسلها ( وعليها وشاح من أدم) أحمر ( فسقط منها فانحطت عليه الحديا) بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وتشديد التحتية من غير همز ( وهي تحسبه لحمًا فأخذت) بحذف ضمير النصب ولأبي ذر فأخذته ( فاتهموني به فعذبوني حتى بلغ من أمرهم) كذا في الفرع والذي في أصله من أمري ( أنهم طلبوا) ذلك الوشاح ( في قبلي) وفي الصلاة فالتمسوه فلم يجدوه قالت: فاتهموني.

قالت: فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها ( فبينا هم) بغير ميم ( حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديا حتى وازت) بالزاي المعجمة أي حازت ( برؤوسنا) بهمزة بعدها واو، ولأبي ذر: برؤوسنا بغير همزة ( ثم ألقته فأخذوه فقلت لهم هذا الذي اتهمتموني به) أني أخذته ( وأنا منه بريئة) جملة حالية.

وسبق هذا الحديث في باب نوم المرأة في المسجد من كتاب الصلاة.




[ قــ :3659 ... غــ : 3836 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلاَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلاَ يَحْلِفْ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا فَقَالَ: لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد البغلاني قال: ( حدّثنا إسماعيل بن جعفر) المدني ( عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( ألا) بالتخفيف ( من كان حالفًا) أي من أراد أن يحلف ( فلا يحلف) بالجزم ( إلا بالله) أي كوالله وكرب العالمين والحيّ الذي لا يموت ومن نفسي بيده وبصفته الذاتية كعظمته وعزته وكبريائه وكلامه لا بغيره، لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة به تعالى فلا يضاهى به غيره ( فكانت) بالفاء، ولأبي ذر: وكانت ( قريش تحلف بآبائها) بأن يقول: الواحد منهم وأبي أفعل هذا أو وأبي لا أفعل هذا أو وحق أبي أو وتربة أبي ( فقال) لهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا تحلفوا بآبائكم) لأنه من أيمان الجاهلية.

ويأتي إن شاء الله تعالى ما فيه من المباحث في بابه بعون الله وقوته.
وهذا الحديث أخرجه النسائي.




[ قــ :3660 ... غــ : 3837 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَىِ الْجَنَازَةِ وَلاَ يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا: كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ مَرَّتَيْنِ".

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن سليمان) أبو سعيد الجعفي نزيل مصر وتوفي بها فيما قاله المنذري سنة تسع وثلاثين ومائتين ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله المصري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عمرو) بفتح العين ابن الحرث المصري ( أن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ( حدّثه أن) أباه ( القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة) وهو أفضل
عند الشافعية وعند الحنفية وراءها أفضل لأنها متبوعة ( ولا يقوم لها) إذا مرت عليه ( ويخبر عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها يقولون إذا رأوها كنت في أهلك ما) أي الذي ( أنت) فيه كنت في الحياة مثله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، وذلك فيما يدّعونه من أن روح الإنسان تصير طائرًا مثله وهو المشهور عندهم بالصدى والهام وحينئذٍ فما موصول وبعض صلته محذوف يقولون ذلك ( مرتين) أو المعنى كنت في أهلك شريفًا مثلاً فأي شيء أنت الآن؟ فما حينئذٍ استفهامية أو ما نافية ولفظ مرتين من تتمة المقول أي كنت مرة في القوم ولست بكائن فيهم مرة أخرى كما هو معتقد الكفار حيث قالوا: { وما هي إلا حياتنا الدنيا} [الجاثية: 4] وفي قول عائشة -رضي الله عنها-: كان أهل الجاهلية ما يدل ظاهره أنه لم يبلغها أمره عليه الصلاة والسلام بالقيام للجنازة فرأت أن ذلك من شأن الجاهلية، وقد جاء الإسلام بمخالفتهم، وقد ذهب الشافعي -رحمه الله- إلى أنه غير واجب وأن الأمر به منسوخ وهل يبقي الاستحباب؟ قال: والقعود أحب إليّ وبكراهة القيام صرح النووي -رحمه الله- ومبحث ذلك مر في الجنائز.




[ قــ :3661 ... غــ : 3838 ]
- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: "قَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لاَ يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ".

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن العباس) بالموحدة والمهملة وعين عمرو مفتوحة أبو عثمان البصري قال: ( حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي العنبري البصري قال: ( حدّثنا سفيان) الثوري ( عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الكوفي أدرك الجاهلية أنه ( قال: قال عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنه-: إن المشركين كانوا لا يفيضون) بضم التحتية أي لا يدفعون ( من جمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي من المزدلفة ( حتى تشرق الشمس) بفتح الفوقية وضم الراء أي تطلع، ولأبي ذر تشرق بضم التاء وكسر الراء من الإشراق ( على) جبل ( ثبير) بمثلثة مفتوحة فموحدة مكسورة ( فخالفهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأفاض قبل أن تطلع الشمس) وهذا مذهب الشافعية والجمهور.




[ قــ :366 ... غــ : 3839 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:.

قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عِكْرِمَةَ { وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34] قَالَ: مَلأَى مُتَتَابِعَةً.

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه ( قال: قلت لأبي أسامة) حماد بن أسامة ( حدّثكم يحيى بن المهلب) بضم الميم وفتح الهاء واللام المشدّدة أبو كدينة بضم الكاف وفتح الدال وسكون التحتية بعدها نون مصغرًا الكوفي البجلي الموثق ليس له في البخاري سوى هذا الموضع قال: ( حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي ( عن عكرمة) مولى ابن عباس في تفسير قوله تعالى: { وكأسًا دهاقًا}
[النبأ: 34] ( قال: ملأى متتابعة) من غير انقطاع قال:
أتانا عامر يبغي قرانا ... فأترعنا له كأسًا دهاقا



[ قــ :366 ... غــ : 3840 ]
- قَالَ: "وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا".

( قال) عكرمة بالسند السابق: ( وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما-: ( سمعت أبي يقول في الجاهلية) : قبل أن يسلم ( اسقنا كأسًا دهاقًا) وعند الإسماعيلي من وجه آخر عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سمعت أبي يقول لغلامه: ادهن لنا أي املأ لنا أو تابع لنا، وهذا معنى السابق، وفي اللباب قال عكرمة: وربما سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: اسقنا وادهق لنا.
ودعا ابن عباس -رضي الله عنهما- غلامًا له فقال: اسقنا فجاء الغلام بها ملأى فقال ابن عباس: هذا الدهاق.
وعن عكرمة أيضًا وزيد بن أسلم أنها الصافية.