فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد

باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ؟
لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ فِي الْقُبُورِ، وَرَأَى عُمَرُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: الْقَبْرَ الْقَبْرَ.
وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ.

هذا ( باب) بالتنوين ( هل تنبش قبور مشركي الجاهلية) الاستفهام للتقرير كقوله تعالى: { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] أي يجوز نبشها لأنه لا حرمة لهم ( ويتخذ مكانها مساجد) بالنصب مفعولاً ثانيًا ليتخذ المبني للمفعول ومكانها المفعول الأول وهو مرفوع نائب عن الفاعل، وفي رواية مساجد بالرفع نائبًا عن الفاعل في يتخذ ومكانها نصب على الظرفية فيتخذ متعدّ إلى مفعول واحد ( لقول النبي) أي لأجل قوله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الموصول عند المؤلّف في أواخر المغازي كما سيأتي إن شاء الله تعالى: ( لعن الله اليهود) لأجل كونهم ( اتخذوا قبور أنبيانهم مساجد) سواء نبشت لما فيه من الاستهانة أو لم تنبش لما فيه من المغالاة في التعظيم بعبادة قبورهم والسجود لها، وكلاهما مذموم.
ويلتحق بهم أتباعهم وحينئذ فيجوز نبش قبور المشركين الذين لا ذمة لهم واتخاذ المساجد مكانها لانتفاء العلّتين المذكورتين إذ لا حرج في استهانتها بالنبش واتخاذ المساجد مكانها وليس تعظيمًا لها، وإنما هو من قبيل تبديل السيئة بالحسنة، وعلى هذا فلا تعارض بين فعله عليه الصلاة والسلام

فى نبش قبور المشركين واتخاذ مسجده مكانها، وبين لعنه عليه الصلاة والسلام من اتخذ قبور الأنبياء مساجد لما ذكر من الفرق.

وفي هذا الحديث الاقتصار على لعن اليهود.
فيكون قوله: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد واضحًا، فإن النصارى لا يزعمون نبوّة عيسى، بل يدّعون فيه أنه ابن أو إله أو غير ذلك على اختلاف مِللهم الباطلة، ولا يزعمون موته حتى يكون له قبر، وأما من قال منهم: أنه قتل فله في ذلك كلام مشهور في موضعه، فتشكل حينئذ الرواية الآتية إن شاء الله تعالى في الباب التالي لباب الصلاة في البيعة، وفي أواخر المغازي بلفظ: لعن الله اليهود والنصارى، وتعقيبه بقوله: اتخذوا، ويأتي الجواب عن ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

( وما يكره من الصلاة في القبور) سواء كانت عليها أو إليها أو بينها.
فإن قلت: كيف عطف هذه الجملة الخبرية على جملة الاستفهام الطلبية؟ أجيب بأن جملة الاستفهام التقريري في حكم الخبرية.

( ورأى عمر) أن ابن الخطاب رضي الله عنه كما في رواية الأصيلي ( أنس بن مالك) رضي الله عنه ( يصلّي عند قبر فقال: القبر القبر) بالنصب فيهما على التحذير محذوف العامل وجوبًا أي اتّق أو اجتنب القبر، ( ولم يأمره بالإعادة) أي لم يأمر عمر أنسًا بإعادة صلاته تلك، فدلّ على الجواز لكن مع الكراهة لكونه صلّى على نجاسة، ولو كان بينهما حائل، وهذا مذهب الشافعية أولاً كراهة لكونه صلّى مع الفرش على النجاسة مطلقًا كما قاله القاضي حسين، وقال ابن الرفعة: الذي دلّ عليه كلام القاضي أن الكراهة لحرمة الميت أما لو وقف بين القبور بحيث لا يكون تحته ميت ولا نجاسة فلا كراهة إلاّ في المنبوشة فلا تصح الصلاة فيها.
قال في التوشيح: ويستثنى مقبرة الأنبياء فلا كراهة فيها لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وأنهم أحياء في قبورهم يصلّون، ولا يشكل بحديث: ( لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) لأن اتخاذها مساجد أخص من مجرد الصلاة فيها، والنهي عن الأخص لا يستلزم النهي عن الأعم، قال في التحقيق: ويحرم أن يصلّي متوجهًا إلى قبره عليه الصلاة والسلام، ويكره إلى غيره مستقبل آدميّ لأنه يشغل القلب غالبًا، ويقاس بما ذكر فى قبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سائر قبور الأنبياء -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يرَ مالك بالصلاة في المقبرة بأسًا، وذهب أبو حنيفة إلى الكراهة مطلقًا، وقال في تنقيح المقنع: ولا تصحّ الصلاة تعبدًا في مقبرة غير صلاة الجنازة ولا يضرّ قبران ولا ما دفن بداره.



[ قــ :419 ... غــ : 427 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ.
فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
[الحديث 427 - أطرافه في: 434، 1341، 3873] .


وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) بالمثلثة ثم فتح النون المشددة ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن هشام) هو ابن عروة ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عروة ( عن عائشة) رضي الله عنها ولابن عساكر عن عائشة أُم المؤمنين.

( أن أُم حبيرة) رملة بنت أبي سفيان بن حرب ( وأم سلمة) هند بنت أبي أمية رضي الله عنها ( ذكرتا) بلفظ التثنية للمؤنث، وللمستملي والحموي ذكرا بالتذكير ولعله سبق قلم من الناسخ كما لا يخفى ( كنيسة) بفتح الكاف أي معبد للنصارى ( رأينها بالحبشة) بنون الجمع على أن أقل الجمع اثنان أو على أنه كان معهما غيرهما من النسوة، ولأبي ذر والأصيلي رأتاها بالمثناة الفوقية بضمير التثنية على الأصل، وفي رواية رأياها بالمثناة التحتية ( فيها تصاوير) أي تماثيل، والجملة في موضع نصب صفة لكنيسة، ( فذكرتا ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فقال: إن أولئك)
بكسر الكاف لأن الخطاب لمؤنث وقد تفتح ( إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات) عطف على قوله كان وجواب إذا قوله ( بنوا على قبره مسجدًا وصوّروا فيه تيك الصور) بكسر المثناة الفوقية وسكون التحتية، كذا في رواية الحموي والكشميهني كما في الفرع، وعزاها في الفتح للمستملي، وفي رواية أبي ذر وابن عساكر كما في الفرع تلك باللام بدل المثناة التحتية.
( فأولئك) بكسر الكاف وقد تفتح ( شرار الخلق عند الله يوم القيامة) بكسر الشين المعجمة جمع شر كبحر وبحار، وأما أشرار فقال السفاقسي: جمع شر كزند وأزناد، وإنما فعل سلفهم ذلك ليتأنسوا برؤية تلك الصور يتذكروا أحوالهم الصالحة ليجتهدوا كاجتهادهم، ثم خلف من بعدهم خلف جهلوا مرادهم ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فعبدوها، فحذر عليه الصلاة والسلام عن مثل ذلك سدًّا للذريعة المؤدية إلى ذلك.
أما مَن اتخذ مسجدًا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا للتعظيم له ولا للتوجه إليه فلا يدخل في الوعيد المذكور.

ورجال هذا الحديث بصريون، وفيه التحديث بالجمع والإخبار بالإفراد والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في هجرة الحبشة، ومسلم في الصلاة وكذا النسائي.




[ قــ :40 ... غــ : 48 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا.
قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ.
فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ،

ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ.
فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التميمي ( عن أدب التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي ( عن أنس) وللأصيلي أنس بن مالك ( قال) :
( قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة فنزل أعلى) وللأصيلي في أعلى ( المدينة في حي) بتشديد الياء قبيلة ( يقال لهم بنو عمرو بن عوف) بفتح العين فيهما ( فأقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهم أربعة عشرة ليلة) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر في نسخة أربعًا وعشرين، وصوب الحافظ ابن حجر الأولى.
قال: وكذا رواه أبو داود عن مسدد شيخ المؤلّف فيه، ( ثم أرسل) عليه الصلاة والسلام ( إلى بني النجار) أخواله عليه الصلاة والسلام ( فجاؤوا) حال كونهم ( متقلدي السيوت) بالجر وحذف نون متقلدين للإضافة كذا في رواية كريمة وفي رواية متقلدين بإثبات النون فلا إضافة والسيوف نصب بمتقلدين أي: جعلوا نجاد السيف على المنكب خوفًا من اليهود ليروه ما أعدّوه لنصرته عليه الصلاة والسلام ( كأني أنظر إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على راحلته) أي ناقته القصواء، ( وأبو بكر) الصديق ( ردفه) بكسر الراء وسكون الدال جملة اسمية حالية أي راكب خلفه ولعله عليه الصلاة والسلام أراد تشريف أبي بكر بذلك وتنويهًا بقدره وإلاّ فقد كان له رضي الله عنه ناقة، ( وملأ بني النجار) أي أشرافهم أو جماعتهم يمشون ( حوله) عليه الصلاة والسلام أدبًا والجملة حالية ( حتى ألقى) أي طرح رحله ( بفناء) بكسر الفاء والمدّ أي بناحية متّسعة أمام دار ( أبي أيوب) خالد بن زيد الأنصاري ( وكان) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( يحب أن يصلّي حيث أدركته الصلاة ويصلّي في مرابض الغنم) جمع مربض أي مأواها ( وأنه) بكسر الهمزة، وفي فرع اليونينية بفتحها أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أمر) بفتح الهمزة ( ببناء المسجد) بكسر الجيم وقد تفتح ( فأرسل إلى ملأ من بني النجار) وللأربعة إلى ملأ بني النجار بإسقاط من ( فقال: يا بني النجار ثامنوني) بالمثلثة أي ساوموني ( بحائطكم) أي ببستانكم ( هذا قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلاّ إلى الله) عز وجل أي من الله كما وقع عند الإسماعيلي، ( فقال) ولابن عساكر قال ( أنس) رضي الله عنه: ( فكان فيه) أي في الحائط ( ما أقول لكم قبور المشركين) بالرفع بدل أو بيان لقوله ما أقول لكم، ( وفيه خرب) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء اسم جمع واحده خربة كلكم وكلمة، ولأبي ذر خرب بكسر الخاء وفتح الراء جمع خربة كعنب وعنبة ( وفيه نخل فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقبور المشركين فنبشت) وبالعظام فغيبت ( ثم بالخرب) بفتح الخاء وكسر الراء ( فسويت) بإزالة ما كان في تلك الخرب ( و) أمر ( بالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد) أي في جهتها ( وجعلوا عضادتيه الحجارة) تثنية عضادة بكسر العين.
قال صاحب العين: أعضاد كل شيء ما يشدّه من حواليه، وعضادتا الباب ما كان عليهما يغلق الباب إذا أصفق ( وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون) أي يتعاطون الرجز تنشيطًا لنفوسهم ليسهل عليهم

العمل ( والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يرتجز ( معهم) جملة حالية كقوله ( وهو) عليه الصلاة والسلام ( يقول: اللهمّ لا خير إلاّ خير الآخرة فاغفر للأنصار) الأوس والخزرج الدين نصروه على أعدائه ( والمهاجرة) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة محبة فيه عليه الصلاة والسلام وطلبًا للأجْر، وللمستملي: فاغفر الأنصار على تضمين اغفر معنى استر، واستشكل قوله عليه الصلاة والسلام هذا مع قوله تعالى: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر} [يس: 69] وأجيب: بأن الممتنع عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنشاء الشعر لا إنشاده على أن الخليل ما عدّ المشطور من الرجز شعرًا، هذا وقد قيل أنه عليه الصلاة والسلام قالهما بالتاء متحركة، فخرج عن وزن الشعر.

ورواة هذا الحديث كلهم بصريون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في الصلاة والوصايا والهجرة والحج والبيوع، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة، وتأتي بقية مباحثه إن شاء الله تعالى.